عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب:
الحوثيون حجر عثرة أسقطت الجميع
أطول حرب في القرن الواحد العشرين، حفرت خنادقها، أو نصبت قواعد صواريخها العابرة عام 2014، فهي حرب مناوشات صاروخية، وغارات جوية وطائرات مسيرة، لم تصل لمستوى حرب برية حقيقية تحسم خطتها الإستراتيجية في زمن قياسي.
الحوثيون الذين اسقطوا صنعاء وتحكموا بمضيق باب المندب، بقوة إيرانية، لم يمتلكوا القدرات الأسطورية الخارقة في إفشال خطط التحالف العربي المكتفي بهجمات استنزافية، لا تصل إلى قلب أهدافها التي تتحصن بها القوى المعادية.
قسمت اليمن العربية الموحدة إلى دولة بعاصمتين وسلطتين، شرعية في عدن جنوبا ومتمردة في صنعاء شمالا، بانتظار إقرار قسمة ثالثة تحت عنوان جمهورية اليمن الجنوبي، واحتفظت اليمن بأقسامها الثلاث، بحاضنات ثلاث، حاضنات تكافأت قدراتها العسكرية وسياساتها الخارجية في إطار إستراتيجية جغرافية معقدة.
مشروع إقليمي توسعي ينفذ بوكيل حوثي طائفي، زرع قواعده في العمق العربي، واحتل أهم مضيق يؤدي إلى عالمه الواسع الممتد من بحر العرب مرورا بالبحر الحمر وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط، يسعى لفرض شروط وجوده القابل للاتساع.
القيادة المركزية البحرية الأميركية المنتشرة في البحار والمحيطات، ومنها بحر العرب والخليج العربي والبحر الأحمر والبحر المتوسط، لم تعر اهتماما لما يجري في مضيق باب المندب، الهدف البحري الإستراتيجي لإيران، ونشاطها الدفاعي بقي في حدود برنامج دفاعي لم يأخذ قرارا هجوميا يحافظ على امن الممرات المائية.
مجلس التعاون لدول الخليج العربي، يفتح باب الحوار مع قائد القيادة المركزية للقوات البحرية في مقره بالرياض، حاملا مخاوف دوله مما يجري في بحر العرب والخليج العربي على مستقبلها الأمني، باعتبارها الحليف الإستراتيجي لأميركا التي لم تتخذ قرار المواجهة دفاعا عن حلفائها الذين يخوضون حربا لا تبدو نهاية قريبة لها.
تحملت المملكة العربية السعودية وحدها أعباء قيادة التحالف العربي، في استعادة مضيق باب المندب من قوة حوثية تتحرك لحساب المشروع الإستراتيجي الإيراني، لكنها لم تلجأ منذ سبع سنوات إلى تنفيذ خطة عسكرية حاسمة تنتهي عند قدرة تطهير الأرض ومسكها منعا لأي اختراق جديد.
يبدو أن الأمر لا يتوقف عند حدود الخيارات العسكرية، فأزمة اليمن تتلاعب بها اهواء السياسة الدولية والإقليمية، وتقلباتها ومصالحها وحتى خبثها، في العبث بالأمن القومي العربي واستنزاف قدراته.
التساؤل المثار بعد سبع سنوات على حرب استنزافية لن تقترب من نهايات حسمها: هل يمتلك التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، سلطة اتخاذ القرار السياسي بحسم الحرب على فئة لا تمتلك تقنيات القوة العسكرية المتكاملة في مواجهة جيوش نظامية معدة لخوض حروب كبرى دفاعا عن وجود دولها وسلامة شعوبها؟
الحوثيون ليسوا إلا حجر عثرة تكبر بتغذية قوة إقليمية طامعة في مد نفوذها في أهم المناطق الإستراتيجية، أمام التهاون العربي والدولي معها، خوفا من مواجهة حاسمة، تعيد الاستقرار المفقود في مناطق وصلت شعوبها إلى مراحل الجوع والتشرد، في طريق الوصول إلى فقدان أمن وجودها وخصائص هويتها.