محمد مرشد عقابي يكتب لـ(اليوم الثامن):
وداعاً شاعر الحراك وثورة الجنوب "محمد ناصر مانع"
عندما يمر التاريخ النضالي أمام عطاء وتضحيات رموز الحراك الجنوبي في المسيمير الحواشب بلحج، فسيتوقف طويلاً أمام اولئك الذين صنعوا ملاحم بطولية في ساحات الحرف والكلمة التي لاتقل شأناً عن ما يجترحه المناضلون في ساحات وميادين الوغأ والكفاح المسلح، من هؤلاء يبرز أسم فقيد الحراك والثورة الجنوبية بالمسيمير الحواشب المناضل الكبير الأستاذ والشاعر محمد ناصر مانع الحوشبي، ذلك الرجل الوطني المخلص الذي فقدته أرض الحواشب بعد معاناة طويلة وصراع مرير مع المرض الذي فتك بجسده واقعده في المنزل لمدة طويلة.
يعد الفقيد محمد ناصر مانع رحمه الله واحداً من الأصوات القليلة التي صدحت ببيت الشعر، وعبرت عن لسان حال ثائري الحراك الجنوبي بالحواشب خاصة والوطن بشكل عام، برز هذا الشاعر بالكلمة الشعرية المناهضة لقوى الإحتلال اليمني منذ العام 1994م مندداً بممارسات الظلم والقهر والهيمنة والطغيان، وظل بعد العام 2007م يحوم في الساحات الجنوبية ليلاً ونهاراً متوشحاً بعلم وطنه الجنوب الذي عشقه وأحبه منذ نعومة أظافره ليغطيه من قمة الرأس حتى أخمص القدمين في كل مناسبة.
نعم، انه (محمد ناصر مانع) ذلك الجنوبي الثائر علناً على نظام عائلي وقبلي رجعي متخلف أغتصب وطنه بليل حالك ودامس مظلم وشديد السواد، وراح يعبث بهويته ويمحقها ويحولها إلى أثر بعد عين.
نعم، انه الأستاذ الذي دوخ الغزاة الطامعين طويلاً وصال وجال في معارك كلمة الشعر ملهباً حماس الثائرين، ولم يوقف مده الثوري المتدفق سوى مرض السكري الذي فتك به وانهك قواه ودمر خلايا جسده الهزيل وتسبب لأحقاً بوفاته.
الشاعر الجنوبي المناضل والثائر الراحل "محمد ناصر مانع"، شخصية وطنية بأمتياز قارعت فساد نظام الإحتلال اليمني البائد سلمياً في كل محفل، فقد كان نشيده الثوري يصم آذان أذناب ذلك النظام القبلي الدموي المتوحش، ولم يتوقف هدير موجه الصوتي إلا بعد بعد إن غزاه داء السكري العضال المميت والقاتل الذي استوطن جسده وأستفحل في اعضاءه ليقرر على أثر الإصابة بهذا المرض الخطير الأطباء بتر ساق هذا المناضل الجسور التي اشتد به الألم والوجع والمعاناة جراء هذا المرض الفتاك.
لقد قاوم الشاعر الجنوبي الثائر (محمد ناصر مانع الحوشبي) كل الآلام المبرحة لذلك المرض الذي أقعده الفراش، ولم يكن هذا الرجل الوطني الغيور مجرد ورقة في خريف الجنوب المتوعد بالإنتفاض فقط، انما كان يمثل في حياته قبساً ثورياً يشعل في نفوس المظلومين قناديل الكفاح لإستعادة الحق المغتصب والأرض والأنسان والدولة والهوية الجنوبية.
آثر الأستاذ محمد ناصر مانع على نفسه النضال السلمي في الميادين والساحات، ولم يخلف موعداً عن المشاركة في مسيرة أو تظاهرة أو اعتصام او مهرجان وطني ينادي بإستعادة دولة الجنوب.
نسأل الله ان يتغمده شاعر الحراك وثورة الجنوب في بلاد الحواشب الفقيد المناضل محمد ناصر مانع بواسع الرحمة والمغفرة، وان يسكنه فسيح جناته، ونأمل ان يأتي العرفان اليوم له وهو ميتاً بعد ان عانى صنوف الحرمان والتجاهل وهو حياً من قبل القيادة السياسية الجنوبية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي، وذلك بتقدير تضحيات الجسيمة في مختلف ميادين النضال وساحات الثورة الجنوبية من خلال الإلتفات والنظر الى أوضاع أسرته وأولاده الذين يعانون قساوة الفقر والظروف المعيشية الصعبة، وان يردوا جزء من الجميل لرجل أفنى جل حياته مناضلاً في سبيل قضية وطنه.