محمد واني يكتب:

ماذا وراء زيارة بارزاني الى ايران؟

الزيارة التي قام بها رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني الى ايران يوم الخميس (5 آب/أغسطس 2021)‏ كانت تمر بهدوء وسلاسة ودون ضجيج اعلامي كبير أو اثارة حفيظة الدبلوماسية العراقية وبعض الأحزاب المتنفذة، لولا ان حولتها ايران الى زيارة مثيرة للجدل تتصدر الاحداث والاخبار الساخنة وتفضي الى ازمة مصطنعة. الرجل تلقى دعوة رسمية عادية لحضور مراسم تنصيب رئيس جديد لايران (إبراهيم رئيسي) الى جانب 73 زعيما ورئيسا من مختلف ارجاء الدنيا، ولبى الدعوة بعفوية وعن طيب خاطر. ولكن عند وصوله مطار طهران وجد علم كردستان منتصبا امامه بجانب العلم الإيراني دون العلم العراقي! وجد الامر عاديا فهو ضيف يمثل الإقليم ولا يمثل العراق!

لم يعر له أهمية كبيرة. وتابع مهمة إتمام بروتوكول الزيارة واجرى لقاءات متتابعة مع رئيس الحكومة الجديدة ورئيس البرلمان ومن ثم عاد الى ارض الوطن.

ولكن القضية لم تنته بعد، فقد اثار عدم رفع العلم العراقي عند استقبال رئيس الإقليم لغطا كثيرا في الأوساط العراقية شمل بعض النواب واعضاء الأحزاب الموالية لإيران وطالبوا طهران بتوضيح موقفها الذي يتناقض مع الأعراف الدبلوماسية ويسيء الى سيادة العراق! وفق ما صرح به النائب عن تحالف الفتح حامد عباس الموسوي. وأضاف الموسوي إن ‏"رفع علم الاقليم بهذه الطريقة فيه اساءة بالغة لسيادة العراق".

وأمام سيل الانتقادات العراقية لتصرف إيران، سارعت وزارة خارجيتها الى تبرير موقفها من الامر بانها "خطأ برتوكولي!" ويبدو ان هذا التفسير لم يلق ترحيبا لدى مراقبين ومحللين سياسيين عراقيين، فقد عده احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي تصرفا مقصودا فـ"إيران لديها دولة ومؤسسات ومن المستبعد أن تكون وقعت في خطأ بروتوكولي، أظن أن تغاضيها عن رفع العلم ‏العراقي خلال استقبال رئيس إقليم كردستان كان مقصوداً، وتقف خلفه أهداف محددة!"

وهذا صحيح، فلا يمكن ان يخطئ دهاقنة السياسة الإيرانية في امر يتعلق أساسا بالامن القومي الإيراني ولا يقبل سهوا او اهمالا، كل شيء مدروس ومخطط سلفا. ولكن لماذا اقدمت على هذا الفعل وهي تعرف مسبقا انه يثير زوبعة سياسية وهي في غنى عنها او ربما يؤثر سلبا على علاقاتها مع حلفائها العراقيين. ربما ارادت فعلا ان ترسل إشارة تنبيه وتحذير الى بعض فصائلها "الولائية" بضرورة الالتزام باوامر طهران حرفيا دون قيد او شرط والا فالبديل "الكردي" موجود! وربما ارادت ان تفتح صفحة جديدة مع إقليم كردستان ومع حزب الديمقراطي الكردستاني الذي يهيمن على السلطة على الأقل في المرحلة الحالية وقبيل انسحاب القوات الاميركية من قواعدها في الإقليم (اظهار حسن نية!)، وربما تريد ايران من وراء وضع العلم الكردي لدى استقبال نيجيرفان بارزاني ان يؤثر في الموقف الكردي المؤيد لبقاء القوات الاميركية في العراق. واخيرا قد يكون الموقف الإيراني شخصي بحت اكراما لرئيس الإقليم الذي يتمتع باحترام خاص لدى الإيرانيين، فالاستقبال الكبير الذي حظي به يدل على مكانته الرفيعة لدي الايرانيين وتقديرهم له كزعيم سياسي محنك ارسى علاقات متوازنة وممتازة معهم طوال سنوات ترؤوسه لحكومة الإقليم.