د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
نداء إلى آل يسلم وآل سالم (آل دحه)
من قلب محب يعصره الألم أوجه هذا النداء إلى كل من : اشقائنا آل أبوبكر بن فريد وكافة آل فريد بن ناصر وعلى رأسهم الشيخ محمد فريد بن محسن وكافة أخوتنا من قبائل آل يسلم وآل سالم بن دحه من قبيلة معن العوالق العليا - حول قتل ولدنا جميعا كهلان أبوبكر فريد الذي آلمنا جميعا ونظرا لما لهذا الحادث من تداعيات خطيرة وفتن يكاد العقلاء من القبيلتين أن يرونها رأي العين ويتوقعون نتائجها السلبية على القبيلتين فإنني أدعو الشيخ أبوبكر فريد بصفته على رأس السلطة كمأمور لمديرية الصعيد و مسؤول عن الأمن ويمثل سلطة الدولة ومعه العقلاء من آل يسلم وآل سالم الذين يفضلون الاحتكام إلى العقل والحكمة وإلى شرع الله خاصة وآل سالم قد سلموا عيالهم للحكومة كحسن نية والامتثال للقصاص لمن يثبت تورطه في سفك دم الولد كهلان ،كما أطالب الجميع بضبط النفس حتى تأخذ العدالة مجراها وفي حال فشلها لا سمح الله يكون لكل حادث حديث وحتى لا يستغل أعداء الطرفين هذا الحدث المؤلم ويشعلوا نار الفتنة التي لن تنطفئ إذا شبت ويكون فيها المنتصر مهزوم!!
ومع الأسف الشديد كلنا يعلم أن ثقافة التعصب القبلي في اليمن هي المحرض الرئيسي لأبناء القبائل اليمنية في المناطق الشمالية والجنوبية وخاصة شبوة وتدعو هذه الثقافة إلى ضرورة الأخذ بالثأر انتقاماً لمن قتل احد أفراد العائلة، بل وحتى داخل القبيلة الواحدة. ويتم كل ذلك بعيداً عن قضاء يماطل في مثل هذه القضايا ويترك الجناة يسرحون ويمرحون دون أي محاكمة قانونية محتمين تحت ظل قبيلة لها وزن ومحسوبية داخل الدولة. ونظراً لغياب العدالة والقضاء في مثل هذه القضايا أخذت هذه الظاهرة في التزايد خاصة في المناطق الجنوبية بشكل يبعث على القلق و الخوف، إذ يرى معظم أبناء القبائل ، أن بعض أجهزة الدولة تسوف وتماطل و لا تأخذ لهم حقهم فهم سيأخذونه بأيديهم ولا يهمهم من الذي سيدفع الثمن !!
وبذلك أصبح الأخذ بالثأر لا يتم وفق قواعد وأصول كان تحد منه بعض الشيء، بمعنى أنه كان في السابق وفق الأعراف القبلية الصارمة لا يمكن القتل غدراً داخل مسجد أو سوق ولا يمكن أيضاً قتل امرأة أو طفل. لكن الآن يحدث العكس فعمليات القتل ثأراً باتت تتم حتى داخل المساجد والأسواق وتستهدف الأطفال والنساء والشيوخ دون خوف من الله أو احتكام حتى إلى شروع القبيلة!!
وتتركز قضايا الثأر في عدد من المناطق وفي مقدمتها محافظات مأرب وشبوة و جرائم القتل ثأراً تتعلق معظمها بنزاعات حول الأرضي أو القتل بالخطاء أو نتيجة لشجار بين أطفال أو شباب أو حدود قبلية كما أن هناك عوامل أخرى وتتمثل هذه في ضعف تنفيذ القانون من قبل المؤسسات القضائية وبطء تنفيذ الإجراءات، إضافة إلى استغلال الخلافات بين المتخاصمين وابتزازهم من قبل السلطة وتأجيج الخصومة عمدا وّإذكاء نار العداوات العصبية بين القبائل والثقافة القبلية، التي تشرعن وتعطي القيمة الكبرى لمن يأخذ حقه بيده بعكس بعض المناطق الأخرى التي ينبت العشب على رؤوس أهلها حتى تصدر الأحكام بعد سنوات وقد لا تصدر !!
إن غياب فعالية هذا القانون والضعف في تطبيقه في السنوات الأخيرة و استهداف الأبرياء في قضايا الثأر يعد تراجعاً خطيراً عن التقاليد القبلية الحميدة التي سنها فرسان القبائل سابقا من الآباء والأجداد . منعا للشر في قتل وإعاقة وتشريد العديد من الأسر من المناطق القبلية المشتعلة بالثأر خاصة في شبوة ، إن انتشار ظاهرة الثأر القبلي، يُعد من أهم مواطن ضعف النظام القبلي اليمني عامة ، كما أن بقاء هذه الظاهرة من دون حل جاد، يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي!! . والأخطر في هذا الصدد، خروج بعض القبائل اليمنية على بعض الأعراف والعادات القبلية، كأخذ الثأر في أماكن محرمة لا يجوز القتال فيها؛ لأنها أماكن آمنة وفقاً للعرف القبلي، أي أماكن آمنة لا يجوز الاعتداء من .فيها ..إن ظاهرة الثأر والمصداقية في حلها من قبل الحكومات اليمنية المتعاقبة، ومحاولة تسييس هذه الظاهرة، قد ساعد على استمرارها، وهذا يهدد البلاد مجتمعاً ودولة\ و ظاهرة الثأر القبلي وتوظيفه . وعلى الرغم من الإشادة بحالة الصلح القبلي والتوقيع على وثيقة صلح لإنهاء قضية الصراع والثأر والذي تداخل فيها العامل القبلي مع السياسي الخشية هنا، أن تسييس الثأر القبلي قد يكون أحد القرارات المضمرة والمسكوت عنها في الحياة السياسية اليمنية . فاستقراء الواقع الاجتماعي والسياسي اليوم يدفع إلى الاستنتاج بوجود حالة غير سوية سياسياً، تتمثل في سعي النخبة الحاكمة إلى تسييس ظاهرة الثأر القبلي . واللجوء إلى العنف، بهدف إنهاك القبائل اليمنية، وإدخالها في صراعات (قبلية قبلية )، سواء على مستوى كل قبيلة أو بين القبائل الكبيرة، ومروراً بالسعي الحكومي لتفريخ شيوخ جدد أو ما يمكن تسميته بشيوخ الدولة المُستنسخين بهدف تحجيم الطموح السياسي القبلي و يمكن القول إن الحكومة اليمنية تسعى إلى حراسة الثأر القبلي وتسييسه دون حله إننا نحتاج إلى تحديث القبيلة وتطويرها لا تحزيبها وتسييس ثأرها . ونتطلع إلى تماسك مجتمعنا بدلاً من السعي إلى العبث بمكوناته وتسييسها في ثنائيات نزاعية!!
إن المواطن اليوم يلجأ إلى قبيلته؛ لغياب سلطة دولته وعسف حكامها، ويتشبث بأعراف القبيلة لغياب قوانين الدولة وعدم تنفيذ قراراتها العادلة !!
وختاما لا نقول إلا قول الحق سبحانه وتعالى :
وَلَا تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلْطَٰنًا فَلَا يُسْرِف فِّى ٱلْقَتْلِ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورًا
صدق الله العظيم
د.علوي عمر بن فريد