فاروق يوسف يكتب:
هل تغدر الولايات المتحدة بالعالم من أجل إيران؟
لا أحد يميل إلى أن تحقق إيران رغبتها في الانتماء إلى النادي النووي. لا أتوقع أن روسيا والصين تثقان بأن النظام الإيراني يتمتع بشعور عال بالمسؤولية وهو ما يتطلبه امتلاك السلاح النووي.
تلك مسألة لا تستقيم مع سلوك النظام الإيراني عبر الاربعين سنة الماضية وهو سلوك أقل ما يُقال في وصفه إنه عدواني توسعي يقوم على فكرتي التمدد والهيمنة كما أن بنية النظام العقائدية لا تسمح له باحترام القوانين الدولية في ما يتعلق بالدول الأخرى. فهو على أهبة الاستعداد لانتهاك حقوق الآخرين متى يشاء.
اما معارضو تمكن أو تمكين إيران من الخوض في المجال النووي وفي مقدمتهم تقف المملكة العربية السعودية وإسرائيل فإنهم على يقين كامل من أن إيران لا تتورع عن استعمال السلاح النووي إذا ما تمكنت من امتلاكه في تهديد أمن واستقرار المنطقة وسلامها. وليس صحيحا القول أن الأمر سواء في حالة وجود السلاح النووي أو عدمه، فإيران تمارس دورا علنيا في الاضرار بمصالح الدول المجاورة لها وتهديد أمنها والتدخل في شؤونها الداخلية. ذلك لأنها من غير سلاح نووي يمكن ضبطها إذا توفرت الإرادة الدولية الصادقة. اما مع السلاح النووي فإن الأمر سيكون غاية في التعقيد.
ما يحدث اليوم يدعو إلى الريبة فعلا. فإيران حسب ما أعلنت غير مرة خرجت من قمقم التقيد بالنسبة المحددة لتخصيب اليورانيوم وفق الاتفاق النووي وهي تكاد وفق ما انتجته من يورانيوم مخصب تصل إلى المرحلة التي تؤهلها لانتاج قنبلة نووية. هناك جهات قليلة حول العالم لديها الخبر اليقين في ما يتعلق بمدى مصداقية الأقوال الإيرانية. ذلك لأن هناك مَن يشكك بصدق الإيرانيين بناء على فهم جاهز يفند إمكانية أن تقوم نهضة علمية داخل مؤسسات يحكمها الحرس الثوري. ومن المعروف أن المؤسسات النووية تابعة للحرس الثوري الإيراني المرتبط بشكل مباشر بمرشد الثورة أو الولي الفقيه.
حاولت إسرائيل من جهتها أن تعرقل الجهود الإيرانية من خلال ضربات دقيقة ومتقنة كانت أهدافها تقع في صميم البرنامج النووي الإيراني. لم تُقابل الضربات الإسرائيلية باعتراض من قبل أية جهة عالمية. حتى أصدقاء إيران صمتوا. هم يعرفون أن المسألة النووية إذا ما تعلقت بالرغبة في انتاج الأسلحة تقع خارج مفهوم السيادة والشأن الداخلي. من حق أي دولة في العالم أن تعترض على اتساع رقعة التهديد النووي فكيف إذا كانت إسرائيل هي تلك الدولة. الإيرانيون يعلنون دائما أن إسرائيل هي عدوهم الثاني بعد الولايات المتحدة. ذلك ما تنص عليه أقوالهم أما على المستوى الافعال فإنهم حطموا أسباب العيش لدى شعوب عديدة ليس من بينها شعبا إسرائيل والولايات المتحدة.
إيران لا تشكل خطرا على إسرائيل التي لم تقع في فخ خديعة من ذلك النوع. فإيران هي بطريقة أو بأخرى هي حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية وهي بهذا المعنى الجارة التي يجب حساب خطواتها في مجال الشر ولا تملك إيران ما يمكن أن يقدمها رائدة في مجال الخير. إيران دولة شريرة. وإذا ما لجأنا إلى المقارنات فإن إيران أكثر خطرا على السلام العالمي من كوريا الشمالية التي لم تحتل ميليشياتها أربع دول ولم تضرب بصواريخها منشآت الجيران النفطية.
تملك إسرائيل خبرة بإيران قد لا تملكها الولايات المتحدة.
وليس من المستبعد بعد ما شهدته محادثات فيينا من ميوعة إيرانية ومحاولات للارجاء وطلب المزيد من الوقت كما لو أن الوقت يمضي لصالحها أن تشعر إسرائيل بالريبة من موقف الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية الأخرى التي وقعت على الاتفاق النووي. هناك ما يُخطط له في الظلام. صار الموقف الإسرائيلي قريبا من الموقف السعودي عام 2015 يوم لعب الرئيس الأميركي باراك أوباما دورا سيئا في خداع العالم من أجل ارضاء إيران.
ما يُخيف إسرائيل أن يتم الطلب منها التعايش مع النووي الإيراني. ذلك حكم أشبه بالانتحار. بالنسبة للولايات المتحدة فإن مغامرتها الإيرانية لن تثقل عليها كثيرا. لذلك فقد تفوتها الكثير من التفاصيل. تلك التفاصيل التي ستكون مصدر تهديد حقيقي لكل الدول المجاورة لإيران. الولايات المتحدة لا تزعج إيران التي هي ليست في عجلة من أمرها. ذلك ما يبعث على الشك. فقد تُفاجئ الولايات المتحدة العالم بالإعلان عن أن إيران استفادت من الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي كما لو أن ذلك الانسحاب قد شكل اندحارا للعالم. وهو سيكون كذلك لو أن الامور سارت في الاتجاه الذي يرغب فيه الإيرانيون.