محمد مرشد عقابي يكتب:

14 أكتوبر .. ثورة وذكرى تقض مضاجع أعداء الجنوب

يستعد ابناء الوطن في سائر المناطق والمدن والمحافظات الجنوبية هذه الإيام للإحتفاء بالعيد الوطني الـ 58 لثورة الـ 14 من اكتوبر المجيدة، ففي مثل هذا اليوم من كل عام تحل ذكرى أعظم منجز وحدث تاريخي شهده الجنوب العربي في العصر الحديث، وفي مثله وقبل 58 عاما طويت أسواء صفحة في تاريخ هذا الشعب العزيز سادها عقود من الضيم والظلم والإستعمار الأجنبي.

 

ولم تكن عظمة ثورة الـ 14 من اكتوبر 1963م، في كونها حررت ابناء الجنوب واعلنت استقلالهم من نظام ذلك المستعمر البريطاني البغيض فقط، بل انها كانت حدثا تاريخيا عظيما، نقلت الجنوب من حكم بريطانيا العظمى الى مصاف الحرية والإنعتاق وحكم الشعب نفسه بنفسه وفتحت لابناء الوطن آفاقا للحلم والحياة وطريقا للمستقبل الوضاء.

 

ورغم الأخطاء التي مورست من قبل بعض القوى عقب هذه الثورة، الا أن عظمة وقيم ومبادئ اكتوبر ماتزال راسخة رسوخ جبال الحواشب وردفان وشمسان تنأى بنفسها عن الصغائر، فلولا ثورة اكتوبر لما طويت صفحة الإستعمار البريطاني وتحقق حلم الحرية والإستقلال.

 

وبعد مضي كل تلك العقود من الزمن، يتكاتف اليوم ابناء الجنوب الأحرار مشكلين قوة عظمى لايستهان بها تحت غطاء المجلس الانتقالي الحامل الشرعي للقضية الجنوبية العادلة، ويتجهون سويا للقضاء على ما تبقى من مخلفات نظام المستعمر اليمني الذي اغتصب هذه الأرض الطاهرة ونهب خيراتها وطمس هويتها باجتاحه لها عسكريا في العام 1994م بذريعة الدفاع عن ما يسمى الوحدة اليمنية، فاليوم يتصدى الجنوبيون الشرفاء الأحرار لمشاريع البغي والعدوان ولصلف مليشيات اليمن الإجرامية التي تتعدد صور انتهاكاتها بحق هذا الشعب العربي العظيم وتتنوع اشكال اعمالها الإرهابية التي تستهدف أمنه واستقراره ووحدة أراضيه بل وتتعداها لتصل الى مستوى تهديد الأمن القومي العربي والأقليمي برمته.

 

لقد خسر الجنوبيون الكثير ومسهم الأذى والضرر والألم والجور، وهذا ما يجعلهم أكثر تماسكا ووتلاحما واصطفافا وشجاعة في معركة النفس الطويل، معركة السعي للحرية والإستقلال واستعادة دولتهم المسلوبة من قبل جماعات استعمارية مستبدة استنفذت كل مقومات بقاء هذا الشعب المناضل الأبي والأصيل بعد ان عاثت فسادا وقتلا وتفجيرا ونهبا لمقدراته ، ويتجلى ذلك في حالة البؤس والحرمان والتدهور المريع في الأوضاع الاقتصادية والصحية والخدمية التي يعاني منها ابناء الجنوب كافة.

 

تحل ذكرى الـ 14 من اكتوبر لتكشف لهؤلاء الغزاة والطامعين انهم عراة من كل شيئ حتى من القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية، فشعلة هذه الثورة ما تزال تتوقد في قلوب الأحرار وحتما ستشوي اكباد هؤلاء الطامعين وكل من يسعى لفرض الوصاية والهيمنة ووئد تطلعات الجنوبيين في الحياة بعزة وكرامة وحرية فوق تراب وطنهم الغالي.

 

من اجل ذلك، يحتشد ويتوافد  ابناء الجنوب من مختلف المناطق صوب الجبهات منذ العام 2015م للدفاع عن حقهم في العيش بعزة وكرامة وحرية واستقلال، وهنا تتجلى عظمة هذا الشعب بمختلف مشاربه وأطيافه ومكوناته السياسية والإجتماعية ومدى إيمان الجميع بأهداف الثورة ومبادئها العظيمة.

 

يحتفي ابناء الجنوب كل عام بثورة 14 اكتوبر، وهم أكثر يقينا ان إحياء مأثر وبصمات هذه الثورة واعلاء شأن رموزها وتمجيد أبطالها ورجالها الأشاوس، يجعل تلك القوى الإستعمارية البغيضة التي لاتزال تطمح لتركيع الجنوب واخضاعه لهيمنتها، اكثر وهما بأن جزء من هذا الشعب العظيم يقف الى صفها، فالجنوبيون سيلفظون للأبد مشاريع المحتل ومخططاته الإجرامية، كحيوان نافق الى مزبلة النفايات والقمامة، فالشعوب الحرة كالبحر لا تقبل الجيف.

 

وفي مثل هذا اليوم العظيم الذي أشرقت أنواره بالحرية على ارجاء الجنوب العربي، لا يسعنا إلا ان نترحم على أرواح الشهداء النضال الأوائل وابطال ملحمة الـ 14 اكتوبر 1963م، ونستلهم الدروس والعبر من مآثرهم البطولية ونستحضر ما صنعته ايادي بناة الفجر وعشاق الكرامة، الباذلين نفوسهم لله ممن وضعوا الرؤوس على الأكف ومزقوا وجوه الطغاة والظالمين، تلك الكوكبة المضيئة من رجال الله المغاوير الذين صنعوا ضحى (اكتوبر) الغالي لنهضة وعزة الأمة، كما وستبقى هذه الثورة وقادة تشعل فتيل وجذوة الحرية في نفوس الثائرين لتجسيد تطلعات ابناء الشعب وتحقيق أحلامهم النبيلة بالكرامة والحرية والإستقلال من جديد، وحتما ستسقط كل رهانات ومؤامرات الأعداء التي تطمح بطرق بائسة للنيل من عظمة ومجد وعنفوان هذه الثورة المجيدة والخالدة.