ماجد الداعري يكتب:
برنامج المتحري يفضح قناة الجزيرة وينصف الإمارات بسقطرى
كشف تحقيق برنامج المتحري الاستقصائي على قناة الجزيرة، ليلة أول أمس، بعنوان: "الأطماع_المبكرة"، عن عدم صحة الأنباء التي ترددت عن وجود تجنيس إماراتي لأهالي جزيرة سقطرى الجنوبية المحمية بقرارات دولية تعتبر ست جزر فيها مصنفة كمعالم تراث عالمي مسجلة باسم اليمن! وعدم وجود شركات اتصالات إماراتية فعلا على الجزيرة السياحية الفريدة عالميا والأكبر عربيا كما كان يروج له سابقا وكنت أول المصدقين لذلك، كون عام من التحري والرصد لكل تحركات الإمارات بالجزيرة كان كافيا لكشف ذلك في حال صحته، كما زعم معد التحقيق جمال المليكي في برنامجه الذي أكد أنه استمر عاما في تحري وقائعه على الجزيرة، وانتهى إلى أن هناك عملية إجلاء كامل تمت فعلا لكل القوات العسكرية الإماراتية من الجزيرة، وفق ضغط سعودي جاء بناءً على موقف رئيس الحكومة السابق احمد بن دغر، واستنتج التحقيق بأن الإمارات لم تجد بدا من المغادرة بقواتها من الجزيرة، وأن قوات الانتقالي الجنوبي قامت مقامها هناك، وهو ما لا يمكن القول الآن -حسب تساؤل منطقي للمليكي نفسه مع أحد ضيوف البرنامج- إن الجزيرة عمليا ما تزال تحت سيطرة أو احتلال الإمارات المتواجدة فقط اليوم بسقطرى من خلال الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية لتقديم أعمال خيرية وبناء مشاريع خدمية وتربوية وصحية، كما حرص البرنامج على إظهار لقطات لبعضها وللوحات التعريف بها أيضا، ومن خلال اللقطات والشاهد والأحاديث التي يحاول أحد الإماراتيين سردها حول ضرورة الاستفادة من أي عمل خيري يأتي.
ولعل أكثر ما آثار اهتمامي في تحقيق متحري الجزيرة، أنه لم يقدر على بث لقطة أو مشهد يظهر فيها أي علم لدولة الإمارات يرفرف على أي مؤسسة حكومية أو مبنى بسقطرى بما فيه المبنى الذي زعم أن اللواء المزروعي اشتراه بمساحة تفوق قصر الرئاسة اليمني بالجزيرة الممنوع فيها الشراء والبيع بقرار حكومي استثنائي يخالف حقوق الملكية لأكثر من 30 بالمائة من أراضي الجزيرة الخارجة عن التصنيف العالمي كمناطق جذب سياحي ومعالم فريدة مصنفة ضمن قوائم التراث العالمية.
وكذلك عجز التحقيق عن نشر أي وثيقة تثبت تعامل الإمارات مع الجزيرة كمنطقة تحت سيادتها أو نفوذها، بل أنه وحتى الاتصال الهاتفي المفترض مع شركة نقل سياحي للسواح إلى الجزيرة بعيدا عن الحكومة اليمنية أو شرط الحصول على أي تأشيرة من أي سفارة لها، ربطها المتحدث باسم تلك الشركة بفيزة دخول خاصة بالجزيرة من قبل السلطة المحلية فيها ولم يقل من الإمارات التي تنطلق من عاصمتها تلك الرحلات، أي أن البرنامج نفسه أوجد المبرر لتلك الرحلات غير المشروعة، إضافة إلى اعتراف محافظ سقطرى المطاح به بنفسه أنه سبق وأن وجه برفض نزول خبراء ومسافرين قدموا على متن طائرة إماراتية وامتنعوا فعلا لولا أنهم لجأوا إلى حيلة إنزال حالات مرضية من أبناء الجزيرة من الطائرة ووضعوه أمام موقف إنساني صعب، وفي هذا اعتراف أيضا بأن الإمارات تقدم خدمات إنسانية لأهالي الجزيرة قد تكون مبررا لقبولهم بها إلى جانب صرفها أكثر من مائتي ألف درهم إماراتي لأهالي الجزيرة كمساعدات أو مرتبات، كما قال أحد شيوخ الجزيرة للبرنامج.
وخلاصة القول، إن التحقيق كان شهادة للإمارات وليس عليها في تلك الجزيرة التي يعرف الجميع حجم إهمالها من اليمن وإمكانية قبول أهلها بأي طامع في موقعها يأتي ليخدمهم ويحسن ظروفهم.
وخلاصة القول أيضا، إنه لا يمكنني شخصيا نفي وجود حضور إماراتي بجزيرة سقطرى ولا مطامع فيها، وإنما استغرب من الاكتفاء بوثيقة يتيمة تعود إلى مسؤول الشؤون الاقتصادية بالسفارة الإماراتية بصنعاء تشير إلى وجود اهتمام وتركيز مبكر لأبوظبي في الجزيرة التي يعلم الجميع بأن لقطر مطامع واهتماما إعلاميا فيها أكثر لو أن المليكي قلب في أرشيف سفارتها بصنعاء كغيرها من دول المنطقة وأولها السعودية وعمان والصومال وكذلك إيران وصولا لأمريكا وفرنسا وإسرائيل.