محمد حسن الساعدي يكتب لـ(اليوم الثامن):

العراق وحكوماته بين الأغلبية السياسية والتوافق

منذ عام 2003 والعملية السياسية في العراق تسير بالتوافقية، وتشكلت فيه الحكومات المتعاقبة وفق هذا العرف، وسارت الكتل السياسية عليه، حتى أصبح الوضع السياسي يتعامل وفق محاصصة توافقية، تركت آثار سلبية ضارة على المشهد السياسي عموماً..

ما بين مطرقة الانتظار لحسم النتائج النهائية للانتخابات، وسندان الحوارات والتفاهمات السياسية بين الكتل المختلفة، ما زال شكل الحكومة المقبلة يتأرجح، ولو شكليا وإدعاء، بين من يسعى لتشكيل حكومة اغلبية سياسية بسيطة، واخرى تدعو لحكومة أغلبية واسعة ترضي الجميع، ففي الوقت الذي اشار فيه عدد من المراقبين، الى اهمية تشكيل الكتلة الاكبر، والذهاب الى تشكيل حكومة توافقية، تشمل جميع المكونات وترضي جميع الاطراف، أكد آخرون على عدم وجود أي خطوط حمراء تجاه أي طرف، في طريق تشكيل الكتلة الاكبر والحكومة المقبلة.

الكتل السياسية ما زالت تخوض مناقشات وحوارات فيما بينها، من أجل تكوين الكتلة الاكبر، والذهاب لتشكيل الحكومة القادمة، والتي تشمل جميع المكونات وترضي جميع الأطراف.. من جانب آخر فأغلب الكتل المعترضة على النتائج، والتي قدمت طعونا بشأنها، فقد كانت لديها رؤية واضحة، وتم تجسيدها من خلال البيانات المتعاقبة والصريحة لها، ومن بينها بيانات الاطار التنسيقي بان الجميع في انتظار الإجراءات النزيهة والشفافة، من قبل مفوضية الانتخابات كي يتم بعدها الحديث عن تحالفات تشكيل الحكومة، ورسم مسار العملية السياسية الجديدة..

من دون هذا فان هناك تخوفا لدى البعض، من ان التغاضي عما حصل من خروقات، او التماهل والمجاملة السياسية، سيؤدي الى تكرار نفس المشهد في الانتخابات المقبلة ايضا، وتكون ربما الكارثة والمشكلة اكبر، بحسب وجهة نظرهم.

مفوضية الانتخابات هي الآخرة مطالبة، بأن تنظر لجميع الطعون المقدمة اليها بشكل جيد ودقيق، وأن تعمل على تصحيح الأوضاع الخاطئة إن وجدت وفق الاطر القانونية، وهذه المطالبة لا تعني اخذ حقوق من جهة على حساب جهة أخرى، لكنها مطالبة بالتصحيح، وهنالك ضرورة لمراجعة جميع الامور لإيجاد مخارج قانونية، تجعلنا نتجاوز الازمة وتنصف الكل، بالشكل الذي يخدم العملية الديمقراطية في العراق.

أهم ما يميز الأوضاع أن هناك حراكاً جيداً تقوم به هذه الكتل، لمحاولة أقناع هذا الطرف او ذاك، للوصول لحلول تمنع الوضع من التدهور أكثر، وهذا ما شهدناه في التأثير على المشهد عموماً، من خلال اللقاءات التي أجراها بعض القادة السياسيين، بمختلف مذاهبهم وقومياتهم، في محاولة لإيجاد مشتركات وترسيم خارطة جديدة، مبنية على أساس تشكيل الأغلبية السياسية وبمشاركة غالبية الأقوياء..

كما ان على القادة الشيعة ان لا يضعوا فيتو على أي جهة، ووفق مفهوم "شلع قلع" لأنه سيخسرهم أولاً قبل غيرهم، لذلك على الجميع النظر على المصلحة العامة والعبور بالبلاد نحو بر الآمان، والسير نحو تشكيل حكومة قوية قادرة على، تغيير الواقع المأساوي وبما يحقق الرفاهية للبلاد والشعب العراقي، وبنفس الوقت تتحمل مسؤولية الحكومة، وتكون لها سندا برلمانيا، يسمح لها بتحقيق برنامجها، ويحميها من أي تسقيط وإفشال محتمل.