مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

اللاجئون ... قضية انسانية تحولت الى سلاح استراتيجي

  يتذكر الكثير منا الازمة التركية مع اوروبا ، عندما سمحت تركيا بمرور الالاف من اللاجئين السوريين والعراقيين والافغان وغيرهم للتوجه نحو الحدود اليونانية الاوروبية بهدف الهجرة إلى أوروبا ، والنتيجة كانت صعبة ومكلفة على اليونان اولا ومن ثم على الاتحاد اوروبي ، حيث استخدمت الحكومة التركية قضية اللاجئين كتقنية بشكل غير خلاق خاصة بطابعها الجماعي ، وحولتها الى سلاح ضغط وعنصر من عناصر الابتزاز المفتوح بينها وبين اوروبا .

   ازمة اللاجئين الاوكرانيين هي أسرع أزمة هجرة تتطور في أوروبا والاكبر منذ الحرب العالمية الثانية ، حيث بلغ عدد اللاجئين 1.5 مليون شخص فقط في الأيام العشرة الأولى من الحرب بين روسيا وأوكرانيا ، وهذا العدد الضخم من اللاجئين مرشح للزيادة ، كون الازمة تأخذ شكلاً جديدًا من اشكال الحرب المزدوجة بين العسكري والمدني ، باستخدام اللاجئين كورقة ضغط من الناحية " الاقتصادية " كارتفاع نسبة البطالة والتضخم للدول الجارة التي تحسب في خانة الدول المعادية و " امنية " كدخول وانتشار الجريمة المنظمة والإرهاب .

   في الوقت الحاضر اضطرت السلطات التشيكية إلى إعلان حالة الطوارئ بسبب العدد الهائل من اللاجئين الوافدين من أراضي أوكرانيا ، وبالأمس انتظر حوالي ألف شخص من جنسيات عراقية وسورية ويمنية  وغيرهم على حدود بيلاروسيا للعبور إلى بولندا و ليتوانيا  وهم يحلمون بدخول الاتحاد الأوروبي ، بولندا رفضتهم  ، وليتوانيا لم تكن جاهزة لاستقبال مثل هذا العدد من المهاجرين ، وتحول الوضع بالنسبة لها الى ازمة كبيره جدا ، حيث فرضت السلطات الليتوانية حالة الطوارئ في البلاد وطلبت المساعدة من الاتحاد الأوروبي ، ومن وكالة الاتحاد الأوروبي لأمن الحدود الخارجية (فرونتكس ) المساعدة العاجلة، و اعتبر البرلمان الليتواني أن هذه الهجرة غير الشرعية ليست أكثر من عدوان موجه ضد أمن  ليتوانيا .

   تحمل قضايا اللجوء ابعاد وتحديات استراتيجية أمنية واقتصادية واجتماعية وسياسية للدول المستقبلة ، مع ان اللجوء بحد ذاته قضية إنسانية لا يجب تسيسها ، لكن بعض الدول تحولها الى اوراق ضغط و ابتزاز ونوع جديد من التهديدات .

  الخوف اليوم من استغلال ورقة اللاجئين الاوكرانية الضخمة من قبل عصابات الجريمة المنظمة والارهاب وكذلك من  تدفق السلاح والمقاتلين المتطوعين الى اوكرانيا وتحويل اوكرانيا الى ساحة جهاد في اوروبا ، اما " الكابوس " الحقيقي لأوروبا من وجهة نظري هو احتمالية التقاء مصالح المقاتلين الاوربيين المتطوعين مع مصالح بعض المتطرفين من الشرق الاوسط وافغانستان المتخفيين في اوروبا ، حينها كل اوروبا لن تكون في مأمن من الارهاب والعمليات الاجرامية الخطرة والمعقدة  .