الجنوب يدفع ثمن تقاربه مع الخليج
ذكر بول فندلي عضو الكونجرس الأمريكي في كتابه "من يجرؤ على الكلام"، السبب الرئيس لواقعة الانقلاب على الرئيس سالمين واعدامه بعد ان تم اعتقاله.
يقول "إن الصقور الماركسيين شلة (عبدالفتاح اسماعيل)، اعدموا سالمين عندما أقلقهم سعيه للتقارب مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بعد سنوات من العداء.
منذ فجر الاستقلال والجنوب يدفع ثمن التقارب مع الخليج، فالأحداث التي اعقبت الاستقلال شاهدة على ذلك..
في القريب ظل الحراك الجنوبي يطالب ويناشد الاشقاء في الجوار دعم قضية الجنوب، ولم تخل مناسبة عربية وخليجية الا وتضمنت رسائل قيادات الجنوب التاريخية من علي سالم البيض الى علي ناصر محمد إلى محمد علي احمد إلى عبدالرحمن الجفري، للأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، مناشدة لإنقاذ شعب الجنوب الذي كان يتعرض لأبشع احتلال عرفته المعمورة والذي لم يكتف بنهب الثروات بل دمر وقتل الإنسان ودمر الهوية وطمس كل شيء له علاقة بالجنوب.
المناشدة الجنوبية لدول الخليج ادراكا بأن الجنوب يعد العمق الاستراتيجي للدول الشقيقة ومصلحتها في الاساس ترتبط بالجنوب أكثر من الشمال.
كل ما حاول الجنوب الاقتراب من الاشقاء في محيطه، كلما نجح الاعداء في ادخاله في دوامة عنف جديدة.
اليوم.. نكرر نفس الاخطاء ان لم تكن ابشع من الاخطاء السابقة، وهي تصاعد حالة العداء الموجه ضد دول التحالف العربي التي حمدنا الله انها تدخلت لدفع العدوان الشمالي عنا.
أصبح الكثير من الجنوبيين (للأسف الشديد)، يرددون ما يقوله (الحوثيون والعفاشيون والإخونجيون)، بعد ان أدركوا ان الجنوب أصبح بيد أهله.
طالبت توكل كرمان ذات يوم الرئيس هادي ان يسلم الجنوب (عدن وحضرموت) على وجه الخصوص لدولة قطر وهي (أي الدوحة) ستتكفل بدفع رواتب الموظفين.. قالت ذلك بصريح العبارة، لم تقل ان قطر دولة اجنبية أتت لتحتل الجنوب لأن الدوحة تمثل مصالح بعض الاطراف التي اخرجت الجنوبيين من الاسلام قبل ان تقتلهم من أجل رفع راية الاسلام (فتوى الديلمي).. في حين ان الهدف من ذلك هو احتلال الموانئ والمطارات التي لم يعرف الجنوبيون حتى من كان يحرسها، واليوم باتت القوات الجنوبية هي من تحرس البلاد وراية علم الجنوب الذي كان محرما رفعه في التظاهرات مرفوعا في كل مكان.
توكل كرمان تتحدث اليوم وكأنها رئيس الرئيس هادي ما معناه "عليك تسليم الجنوب للجيش الوطني في مأرب".
الهجمة الشرسة التي تشن ضد دول التحالف العربي ودوره في الجنوب ليست مبررة، والا لما احتاج (احد الجنوبيين المقيمين بالتنقل بين بين مسقط وبيروت) ان يناشد الاحتلال اليمني ان يعيد احتلاله للجنوب.. لمواجهة التحالف العربي الذي جاء بقواته لدفع الاحتلال العسكري الشمالي عن الجنوب.. يا لك من وقح.
قال "اناشدكم بالنخوة والدم"، فأي نخوة وأي دم في نظام وقوى سياسية اعتبرت الجنوبيين غير مسلمين، وأحلت دماء وأموال شعب عربي مسلم وشقيق.
بفضل الله ثم بفضل الاشقاء في التحالف العربي أصبحت لدينا قوات أمنية في عدن وشبوة وحضرموت ولحج، واصبح ابناء شبوة الذين حرموا لسنوات من الوظيفة او على الاقل من حراسة أبار النفط الموجودة في ارضهم، هم من يحرس كل شبوة اليوم.
على صفحات الفيس بوك شاهدت صورة لجندي من قوات النخبة في شبوة وهو يهدي احد المارين حلوى العيد.. تساءلت ماذا كان يهدي جنود الاحتلال اليمني ابناء شبوة من 1994م إلى 2015م؟.
ذهبت مغرب الجمعة إلى ساحل أبين وجلست إلى الساعة الثامنة وغادرت في حين أن الساحل لا يزال مزدحما بالعوائل التي تعيش في أمن وأمان أكثر من أي وقت مضى، وتحتفل بالعيد، في مشهد يوحي بأن عدن بدأت تستعيد عافيتها بعد ربع قرن وأكثر من المعاناة والخوف.
قد تكون هناك أخطاء، وهذا شيء طبيعي طالما ونحن في مرحلة البناء، لكن أن يدفعك عدوك إلى ان تواجه من جاء ليدفع العدوان عنك فهذه ورب الكعبة قمة الغباء.
كم احتقرت ذلك الشخص الذي يناشد القوى الشمالية العدوانية للحوار، وهي القوى التي عرف عنها الانقلاب على أي اتفاقيات وما (وثيقة العهد والاتفاق) الا دليل لمعاهدات قوى من طبعها وصفاتها الغدر والخيانة.
الهجمة الشرسة التي تشن من قبل البعض لا ستهدف دول التحالف العربي، بقدر ما تستهدف الجنوب وقضيته، وإلا لنسأل انفسنا من البديل في حالة وانسحبت دول التحالف من الجنوب؟.
هل سيقول الشماليون للجنوبيين خذوا ارضكم هدية؟، لا من المستحيل .. من المستحيل أن يعترفوا ان في شيء أسمه الجنوب.. قد طمسوا كل شيء، سيحاولون اقناعك ان الاتجاهات ثلاثة (شرق غرب شمال وجزء من الشمال).
هل يستطيع الرئيس هادي (في حالة أن ظل رئيسا)، ان يمنح الجنوب حكما ذاتياً، او على الاقل تطبيق مشروع الأقاليم الستة، دون دعم التحالف العربي والأشقاء في الخليج.
في مأرب تتواجد قوات سعودية وإماراتية، لماذا لا يصفها المأربيون او الشماليون بقوات احتلال.. فقط الشيء الذي نجحوا فيه وفشلنا نحن "انهم استطاعوا اقناع الاشقاء أنهم قادرون على هزيمة الحوثيين واشترطوا مقابل ذلك بناء قوات عسكرية، في الاساس تتبع تيار حزبي هو الاصلاح، دون ان تخوض هذه القوات أي عملية عسكرية ضد الحوثيين، ومع ذلك يعرف الجنوبيون ان تلك القوات مهمتها اجتياح الجنوب واحتلاله عسكريا، لكن هناك من يساعد على محاربة جهود بناء قوات عسكرية في الجنوب.. فكروا بعقولكم لا بقلوبكم.
العالم كله بني على اساس مصالح مشتركة، وطالما وهناك سبب قد دفع الاشقاء إلى التدخل للدفاع عن قضية أكبر من حدود الجمهورية اليمنية، فعلينا أن نستغل هذا التدخل للانتصار لقضية طالما هتفنا من أجلها جميعاً، وحلمنا بالعيش تحت علم قدم الجنوبيون تحت رايته سيلا من الدماء الزكية.
هل نخاف الله ونتوقف عن جلد انفسنا وجلد من اتى لإنقاذنا، على الاقل لحين نصل الى تسوية سياسية تضمن على الأقل على الاقل وقف أي عدوان على الجنوب.
انتقد أي دور للتحالف العربي ترى انه خطأ من حقك ذلك.. انتقد التمييز السعودي بين مأرب وعدن.. انتقد أي محاولات لتمكين الإصلاح والقوى الشمالية الجنوب، طالب التحالف العربي بالمزيد من الدعم لبناء قوات عسكرية وأمنية لمحاية الجنوب من أي تهديد محتمل في المستقبل.. أكتب للبناء لا للهدم.
نحن بحاجة لدعم جيراننا كما هم بحاجة لنا، فموقع الجنوب الاستراتيجي مهم للأشقاء والعالم، ولكن نريد عقول تفكر كيف تستثمر ذلك لبناء الوطن والإنسان بعيدا عن ما تصدره الدوحة وأنقرة وصنعاء وطهران من سموم.
يا جنوبيين تعلموا سياسية حتى العام 2019م، فقط وبعد اتهابلوا براحتكم.. الحوثيون والاصلاحيون، ضحكوا على الجميع طوال السنوات الماضية بأنهم كل واحد منهم با يؤكل الثاني لو حصله، والآن شاهدوا بأم أعينكم.. ماذا يحصل.. تقول توكل كرمان المتحدث الأبرز فيهم "سأتعاطف مع الحوثيين ضد المخلوع صالح، مؤقتا)، قالت مؤقتا حتى لا تحرج حمائم الإخوان الموجودون في السعودية.
خلاص بس.
