فاروق يوسف يكتب:

زيلنسكي بقميصه الأخضر موهوب لكن بغبائه

يسلط الإعلام الغربي الضوء على موهبة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي في التمثيل التي ساعدته على جذب اهتمام المجتمع الدولي بقضية بلاده وزيادة تعاطفه مع الشعب الأوكراني في محنته.

تلك كذبة تُضاف إلى سلسلة الأكاذيب التي عمل ذلك الإعلام على اطلاقها في حربه من أجل التغطية على الحقائق التي تتعلق بالصراع الروسي الأوكراني الذي ما كان له أن ينفجر لولا تهور زيلنسكي وذهابه إلى حافة الهاوية حين قرر أن يخترق خطوطا حمراء كان الجميع وبضمنهم الولايات المتحدة يدركون أن تخطيها معناه نشوب حرب مع روسيا.

صحيح أن زيلنسكي ممثل غير أنه لم يكن ذلك الممثل المعروف بموهبته الكبيرة. ولو أنه كان كذلك لما غادر مهنته ليلتحق بالسياسيين ولو كان فنانا حقيقيا لما صلُح أن يكون سياسيا. الفن والسياسة شيئان مختلفان بل ومتعارضان. بالرغم من أن السياسة فيها شيء من التمثيل وفي المقابل فإن التمثيل فيه شيء من السياسة.

ما حدث بعد الحرب أن زيلنسكي قد تعرض لعمليات كثيرة، كان الهدف منها تلميع شخصيته وإطلاقه باعتباره بطلا عالميا يدافع عن حرية بلاده وحقها في اختيار ما تشاء من السبل في علاقتها مع العالم الخارجي، كأن تكون مثلا عضوا في حلف الناتو الذي سيضع صواريخه على الحدود مع روسيا أو تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي الذي طالما عانى من الهجرة الأوكرانية غير الشرعية إليه.

هناك شركات دعاية متخصصة في تشويه السمعة والحط من قدر الدول والرؤساء وكذلك في الإعلاء من شأن قضايا تخص دولا وأشخاصا. وفي الحالين فإن كل ما يُرى وما يُسمع لا يمت بصلة إلى الحقيقة. فليس من شأن تلك الشركات أن تتبع الحقيقة لتنفض الغبار عنها بل هي تعمل على طمس الحقيقة مقابل ما تستلمه من أموال.

لقد تمت شيطنة صدام حسين قبل أن تدخل قواته الكويت وإزداد الأمر سوءا بعد دخولها بعد أن كان الرئيس العراقي الراحل يحظى باهتمام الصحافة الأوروبية يوم كان نائبا للرئيس من خلال اعتباره الرئيس الشاب المقبل الذي سينقل العراق إلى مصاف دول العالم الأول.

اليوم يتم تصنيع زيلنسكي باعتباره اسطورة أوكرانية جديدة. حتى أن قميصه الأخضر الذي يرتديه منذ بدء الاجتياح الروسي صار محط اهتمام الصحافة وصار المحللون يتسابقون في تفسير ظاهرة القميص الأخضر ومدى تأثيرها على العالم.  

كل المؤشرات تؤكد أن زيلنسكي كان مجرد دمية استعملها الغرب لإزعاج روسيا ومن ثم تحريضها على القيام بما قامت به بعد أن شعرت أن خطر الناتو صار يقترب من حدودها. كان رد الفعل الروسي متوقعا. ولو كان زيلنسكي يتمتع بقليل من الحس الوطني والخوف على شعبه لما قبل أن يكون جزء من خطة الغرب للإيقاع بروسيا. فميزان القوى لا يؤهل أوكرانيا لأن تكون طرفا في حرب تكون روسيا هي الطرف الثاني فيها. تلك معلومة لا تحتاج إلى خبرة رئيس ولا إلى ظرف ممثل.

المشكلة أن شركات الدعاية الغربية لا يمكنها أن تقول أن زيلنسكي قد أخطأ بحماقة أو أنه كان غبيا في النظر إلى ماضي بلاده ومستقبلها. المطلوب هو شيء آخر. أن يكون الرئيس الأوكراني الشاب متمكنا من إدارة الأزمة وهو ما ساعدته عليه موهبته في التمثيل، الأمر الذي أثر في عواطف بشر حول العالم لم يكونوا قد تعرفوا عليه من قبل فصار لزاما على دولهم أن تقف مع أوكرانيا في محنتها.

سيصدق زيلنسكي أنه بطل فيما يدفع الشعب الأوكراني ثمن غبائه السياسي وقلة خبرته بلعبة الأمم. غير أنه باعتباره ممثلا يهمه تصفيق الجمهور وما تقوله الصحافة عن إدائه لدوره وهو يعرف أن ما حدث سيكون محصورا بخشبة المسرح ولا يتجاوزها. وكما أتوقع فإن الأمور اختلطت عليه.

من المؤكد أنه يهتم بقميصه الأخضر أكثر من اهتمامه بأخبار لاجئي بلاده. إضافة إلى أنه صار يعتقد أن صورته التي هزت الناس عبر العالم ستحتل موقعها في المتحف الخيالي إلى جانب تشي جيفارا وهوشي منه وليس إلى جانب تشارلي شابلن على سبيل المثال.

ينظر إلى مستقبله وهو يحتل موقعا في متحف مدام توسو بلندن. هو البطل الذي غير مصير العلاقات في أوروبا التي صارت أضعف من أن تتخذ قرارها المستقل بعد خضوعها المهين للولايات المتحدة.

زيلنسكي نموذج للضحية والمجرم معا.