د. صبري العفيف يكتب لـ(اليوم الثامن):

مكارم أخلاق قلما نجد مثيلا لها

لقد أتصف العرب قبل الإسلام بعدد من القيم المثلى - الشجاعة والكرم والحب وحماية المستجير والأسير والعدل والانصاف ونبذ الخيانة والغدر والكذب وقول الزور ، حتى أنهم أصبحوا أمة وسطا ليكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليهم شهيدا,, وتلك القاعدة الفولاذية كانت أساس لمهبط الوحي ونشر الدعوة الإسلامية، فحين بعث نبينا الكريم محمد بن عبدالله الصادق الامين صرح قائلا,, إنما بعث لأتتم مكارم الأخلاق..,,
وقد وصفه ربنا سبحانه وتعالى بقوله ،، وإنك لعلى خلق عظيم ،،
إن المتأمل في واقعنا المعاصر يرى أن تلك القيم الأخلاقية تتجلى لدى هذا الشعب الجنوبي العربي الأصيل، فمنذ. بداية ثورته المباركة وهو يدعو للتصالح والتسامح والعيش الكريم، وتلك من أسمى القيم المثلى التي تشع منها مكارم أخلاق عديدة تكشف عنها مواقف وأحداث كثيرة.
فتعالوا معنا نقف عند بعض تلك المكارم، الشجاعة والعفو وعدم الخيانة والغدر والوفاء بالعهد، فمنذ 30 عاما وهذا الشعب العظيم يتعرض للقتل والسلب والنهب والظلم والعدوان من قبل قيادات قوى صنعاء بمختلف ألوانها، وها هو شعب الجنوب، اليوم ، يفتح - لقتلة أبنائه، وناهبي حقوقه، ومغتصبي حريته، أبواب العفو والصفح الجميل، ويجيرهم من جور ظلم وقع عليهم، ويدفع عنهم شرا محيطا بهم.

الكل تابع عودة أولئك النفر الهاربين المشردين من أوطانهم إلى مدينة عدن التي أكتوت ذات يوم بنارهم، فرشاد العلمي كان مخطط القتل والإرهاب، وطارق عفاش منفذ القتل والاجرام، وسلطان البركاني المشرع والداعم لعصابات صنعاء في غزو الجنوب ونهبه.

رغم هذا نزولها آمنين،فطوبى لك أيها القيادة الذي ظللت 30 عاما مشردا في الشعاب والجبال خائفا تتقرب مكائد مكائدهم ..وها أنت اليوم تأويهم بعد تشريد, وتأمنهم بعد خوف، أي عفوا هذا؟ أي كرما هذا ؟ أي شجاعة هذه؟ ..حين يصير أبناء الشهداء والجرحى والمنفيين والمحكوم عليهم بالإعدام حراسا وحماة لهولاء النازلين ضيوفا في عدن الحزينة من أفعالهم القبيحة وأعمالهم الإجرامية التي تزول منها الجبال.

سلام عليك أيها الشعب العظيم لقد كنت ذات يوم ضيفا في ديارهم أهديت لهم أجمل مدن الدنيا وقلبك ينبض بالحياة حبا لهم؟!!لكنهم قوم لا يفقهون، لم يكونوا ذا أخلاق ولا شجاعة ولا كرم، بل كانوا أكثر جبنا وغدرا وخيانة، فسعوا جميعا لقتل أبنائك فردا فردا..ولم يقفوا هنا، بل عملوا عملتهم الشنعاء وشنوا حربا دموية على كل أبناء شعب الجنوب الذي حملهم ذات يوم على الأعناق..

يا لها من مفارقات عجيبة في زمن الصمت المرير.

ما أعظمك أيها الشعب الصابر ..!! فقد نلت مكارم الأنبياء ( أذهبوا أنتم الطلقاء... ) و ( لا تثريب عليكم اليوم... ) فما أجمل العفو عند المقدرة والصبر الجميل عند الابتلاء.. فكليهما مفاتيح الفرج!!
(فقل أعملوا فسيرى الله أعمالكم ورسوله والمؤمنون )
وإن غذا لناظره قريب .

5/مايو /2022
الحبيبة عدن