ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):
التيار الصدري...العراق على فوهة بركان
ثمانية اشهر مرت على الانتخابات البرلمانية العراقية ,لم يستطع الصدر صاحب اكبر كتلة ان يحشد ثلثي المجلس النيابي لانتخاب رئيس للبلاد, حاول جهده ان تكون هناك حكومة تمثل الاغلبية ,وفي المقابل ان تكون هناك معارضة قوية تنتقد عمل الحكومة وتوجهها ,هكذا هي الديمقراطية فئة تحكم واخرى تعارض. لكن ما درج عليه ثوار العراق وعلى عقدين من الزمن هو ان يحكموا جميعا لئلا تكون هناك مساءلة ومن ثم محاسبة, ينغمس جميعهم في الفساد ,مليارات الدولارات تذهب سدى.
لم تتحقق اية مشاريع بشان البنى التحتية, ربما العراق خرج من الفصل السابع لكن قادته من اصحاب العمائم وربطات العنق, متشبثون ببقاء الامريكان الذين ساعدوهم في الوصول الى السلطة تحت مسمى التدريب والدعم اللوجستي, ترى ماذا قدمت امريكا للعراق من اسلحة حتى تقوم بتدريبهم عليها؟.
داعش صنيعة امريكا استطاعت ان تسيطر على شمال العراق بأكمله في بضعة ايام؟ والسبب ان لاوجود لجيش وطني في العراق بعد ان حلّ بريمر الحاكم العسكري للعراق الجيش والتي كانت بداية النهاية للعراق كدولة وتشريد سكانه. ومن ثم نهب خيراته وطمع دول الجوار في ابقائه تبعا له, العراق بلد زراعي لكنه يستورد معظم حاجياته من دول الجوار, روافد نهري الفرات ودجلة اوشكت على النضوب, ورغم ذلك فان العراق يستور من تركيا (التي اقامت السدود على نهر الفرات)ما يربو على 12 مليار دولار سنويا؟ العراق لم يعد مستقلا بل مسرحا لصراع الغرباء.
لقد يئس السيد الصدر من قيام الدولة, لم يفلح في تحشيد الوطنيين, لكن هل استقالة اعضاء كتلته البرلمانية ستحل المشكلة؟ اما كان الاجدر له ان يبقى في المعارضة ويصوب على الحكومة متى حادت عن البناء وتوفير السلع والخدمات للمواطن؟ الا يعتبر خروجه من المشهد السياسي بانه قدم افضل خدمة للاطار التنسيقي ومن يدور في فلكه؟ ومن ثم استمرار النهب والسلب والدوران في فلك اعداء العراق, وعدم وجود كتلة نيابية تعارض تصرفات الحكومة تترك الحبل على غارب العملاء ليعملوا ما يريدون.
قد يلجا قادة الاطار التنسيقي الى تمكين بدلاء عن المستقيلين وفق نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة (وهذا ما فعله اخوان ليبيا حيث عمدوا الى تمكين بدلاء عن المستقيلين بالمؤتمر الوطني العام واصبحوا يشكلون بمفردهم مجلس الدولة الاستشاري) وبالتالي يكون معظم النواب من طيف سياسي واحد وهذا ما يصبون اليه, أي ان الصدر قدم لهم ما عجزوا عن تحقيقه بالانتخابات على طبق من ذهب.
ترى ماذا سيفعل المتحالفون مع التيار الصدري من سنة واكراد؟ هل يستقيلون هم ابضا؟ ام انهم سيتعاملون مع الواقع بحكمة؟.
المشهد السياسي في العراق قابل للتطور نحو الاسوأ,ربما لا تستقيم الامور للاطار التنسيقي وقد تتعمق الازمة,وندرك جميعا جماهيرية التيار الصدري وقد تخرج الجموع الغاضبة الى الشوارع ويحدث ما لا يحمد عقباه, فتستفحل الامور,ويكون هناك صيف يلهب جباه المعتوهين ورياح مملوءة بغبار شديدة تحجب رؤية متصدري المشهد السياسي وتلقي بهم الى الهاوية.