ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):
اتحاد الشغل والمعترك السياسي في تونس
تأسس ابان الاحتلال الفرنسي وقاد الحركة العمالية نحو نيل حقوقها, وقف مع الشغيلة ضد ارتفاع الاسعار وسوء الاحوال المعيشية كانت له زعامات محترمة في الوسط الشعبي(نذكر منهم فرحات حشاد والحبيب عاشور), لم ينخرط في العمل السياسي بل كان يعمل بمهنية عالية, فكسب احترام غالبية الناس.
مع انطلاقة الربيع العربي حيث كانت تونس البداية, وخلال عقد من الزمن الآمور في تونس تسير من سيء الى أسوأ, لم يقف الاتحاد العام بوجه من توالوا على الحكم في تونس ,بل نجده ان هادنهم وعقد معهم صفقات في سبيل نيل قروض من البنك وصندوق النقد الدوليين, لكن تلك الاموال ذهبت سدى ولم يستفد منها المواطن, بل ذهبت الى جيوب منظومة الحكم, فكان هناك الثراء الفاحش ونخر السوس (الاخوان وسراق المال العام) معظم مؤسسات الدولة, ورغم ذلك لمم يدع الاتحاد العام الشغيلة للخروج على الحكام, بل ساهم في منحهم جوائز نوبل للسلام وهو بالتأكيد من ضمنهم.
ضاق الحال بالشعب التونسي وخرج في 25 جويلية2021 ليقول كفى لمنظومة الحكم الاستبدادية طوال عشر سنوات تعطلت خلالها المصانع الحكومية واصيبت بالشلل التام ونذكر منها قطاع صناعة الفوسفات الذي كانت إيراداته تمثل الداعم الرئيس للميزانية العامة للدولة ,لم يحرك اتحاد الشغل ساكنا, والنتيجة مئات الالاف من البطالة والفقر الشديد الذي عمّ كل بيت, التونسيون اليوم يترحمون على ايام بن علي لان احوالهم على عهده كانت افضل وكانت الرواتب تكفي للإيفاء بالحاجات الضرورية للعيش بكرامة.
انخرط الاتحاد في صفوف المنظومة الفاسدة برفضه المساهمة في الاستشارات التي تفضي الى
استحداث دستور جديد يرتضيه التونسيون بحجة ان الاستشارات يجب ان تشمل الاحزاب السياسية والتي نعلم انها من وضعت الدستور الحالي حيث تضارب السلطات فالرئيس صلاحياته جد محدودة بينما آلت صلاحياته الى مجلس الوزراء الذي تهيمن عليه حركة النهضة واخواتها وحزب قلب تونس الضارب اطنابه في الفساد وقد فر عديد قادته الى الخارج لانهم يخشون المحاسبة.
كنا نتمنى ان يقف الاتحاد مع التغيير الذي احدثته الجماهير, وان يساهم في فك العزلة التي فرضتها القوى الاستعمارية المتشدقة بالديمقراطية, لكنه ابى الا ان يقف الى جانب الاحزاب والقوى السياسية التي سلبت الشعب ممتلكاته وجعلت معيشته دون خط الفقر..
كلنا امل في ان يكمل الرئيس سعيد مشواره لتغيير نظام الحكم الحالي, فالنظام البرلماني اثبت فشله في تونس كما غيرها من البلدان, ونثمن وقوف غالبية قطاعات الشعب مع الاجراءات التي اتخذها ويتخذها الرئيس, إنها عمليات جراحية (تجميد مجلس النواب ثم حله, إقالة اعداد كبيرة من القضاة الفاسدين) ستؤدي حتما الى استئصال الأورام الخبيثة المتمثلة في منظومة الحكم, ويقدم الفاسدون الى القضاء لينالوا ما اقترفت ايديهم, ويتخلص الشعب منهم, ويبني دولته ويحقق احلامه التي وان لم يدفع الدماء ثمنا لها الا انه دفع مقدراته وسلبت حريته وكرامته. لم تعد هناك منطقة وسطى, فإما مع الشعب واما ضده وسينكشف المستور ويظلون عراة امام الجماهير.
نتطلع الى 25 جويلية المقبل ليقول الشعب كلمته في نظام الحكم الذي يريد, وليذهب العملاء والخونة وسراق قوت الشعب الى مزبلة التاريخ.