د. نجاة السعيد تكتب:
الإمارات والشراكات الاقتصادية
في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية جراء سلسلة صدمات، بدأت من وباء كوفيد 19 والإغلاق الذي شهده العالم والذي سبب خسائر كبيرة للاقتصاد العالمي. وما أن تنفس العالم الصعداء بعد الجائحة إلا واندلعت الحرب الروسية- الأوكرانية لتزيد من الأزمة الاقتصادية سوءاً وخاصة أزمة الأمن الغذائي. أصبح التعاون الاقتصادي بين الدول أمراً ضرورياً لمواجهة الأزمات الاقتصادية مثل انتشار الفقر والمجاعة.
ومن هذا المنطلق تسعى دولة الإمارات إلى إنجاح الشراكات مع محيطها العربي والإسلامي، فلم يعد المفهوم السابق للعولمة صالحاً للعمل الآن، وهذا يعني الاعتماد على الذات بدرجة أكبر. الكل يبحث عن مزيد من التكامل، وبما أن منطقة الشرق الأوسط ستكون الأكثر تأثراً من ناحية أزمة الغذاء، لذا لابد من التكتل الاقتصادي بين دول المنطقة خاصة في هذا التوقيت. وفي إطار هذه الشراكات العربية الاقتصادية، أبرمت دولة الإمارات الشراكة الصناعية التكاملية مع جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية لبناء اقتصاد تكاملي بين الدول الثلاث.
صلاح خميس الجنيبي، الباحث والمحلل السياسي الإماراتي، يرى أن هذه الشراكة ليست جديدة، وإنما صيغة جديدة لتكوين تحالف اقتصادي، يواكب التطلعات الجديدة نظراً لتغير الفاعليات الدولية، منوهاً إلى أهمية تحقيق الاكتفاء في الأمن الغذائي الذي يتطلب تكاملاً لوجستياً، يبدأ من الإنتاج الزراعي إلى التصنيع الزراعي بكافة متطلبات هذه العملية، في ظل إمكانيات دولة الإمارات في مجال الطاقة بأنواعها، وتوفر مواد أولية غنية في الأردن وقدرات تصنيعية في مصر.
وكذلك وسّعت الإمارات شراكاتها الاقتصادية مع المملكة المغربية في إطار شراكات استراتيجية جديدة، خاصة في مجالات كالطاقة المتجددة والتكنولوجيا والأمن الغذائي والتقنيات الزراعية وغيرها من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، كذلك الاستفادة من موقع المغرب الاستراتيجي في القارة الأفريقية والقريب من أوروبا لنفاذ المنتجات والسلع الإماراتية إلى القارة الأوروبية، فضلاً عن وضع آليات عملية لزيادة التبادل التجاري والاستثماري لتحقيق أهداف الاستدامة الاقتصادية بين الدولتين.
وكما أبرمت دولة الإمارات اتفاقيات مع دول عربية أبرمت كذلك شراكات اقتصادية مع دول من العالم الإسلامي كان آخرها مع دولة إندونيسيا وقد عقدت في يونيو المنصرم اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بهدف توطيد العلاقات التجارية وتحفيزها من نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً في عام 2021 وصولاً إلى أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً، والتي ستشمل المشاريع الاستثمارية في قطاعات الزراعة والطاقة والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، وفي مجالات السياحة وريادة الأعمال والرعاية الصحية.
وبما أن العالم يتجه نحو النكوص عن العولمة بمفهومها السابق، فهذا يعني ضرورة الاعتماد على الذات وعلى أهمية وجود الشراكات الاقتصادية بين دول المنطقة للتنمية الاقتصادية المستدامة والتحضير لمواجهة المخاطر القادمة من أزمات فقر ومجاعة، لذا ما تقوم به الإمارات من تكامل اقتصادي إقليمي مهم جداً.