هناك إرهاب يفصل بين قطر والعالم
منذ بدء الأزمة وقطر تديرها بطريقة تكشف عن عدم رغبتها في مواجهة المشكلات الحقيقية التي دفعت الدول العربية الأربع (السعودية، مصر، الامارات والبحرين) إلى مقاطعتها ومن ثم تقديم مطالبها الثلاثة عشر قاعدة لإعادة الأمور إلى نصابها مع الدولة المتهمة برعاية وتمويل الإرهاب.
لقد انصب هم دولة الغاز على الترويج الدعائي لمفردات لا صلة ظاهرة أو خفية لها بصلب المسألة. من خلال تلك المفردات سعت وسائل الدعاية القطرية إلى ن تلقي بالكرة في ملاعب بعيدة عن الملعب الأصلي. وهي في ذلك انما ارادت الإيحاء بأن مطالب الدول الأربع ليست في الواقع إلا ستارا يخفي وراءه حقيقة أن السعودية والامارات تحاولان الانتقاص من السيادة القطرية وفرض الوصاية على قطر والحاق الأذى بالشعب القطري من خلال فرض الحصار عليه ومنع قطر من أداء رسالتها في دعم الاعلام المستقبل المستند إلى مبدأ حرية التعبير.
وكلها افتراءات حاول القطريون من خلالها أن يقفزوا على القانون الدولي الذي يهب الدول الحق في الدفاع عن أمن واستقرار مواطنيها في مواجهة دولة تسعى إلى دعم الجماعات الإرهابية العاملة على أراضيها وبث روح الفتنة بين مواطنيها.
وكما يبدو فإنهم قد باتوا على يقين من أنهم قد قفزوا في الهواء وأنهم لم يحصدوا سوى الفشل على مستوى كسب تعاطف المجتمع الدولي معهم بالرغم من أنهم أنفقوا خلال الشهور الثلاث الماضية مليارات الدولارات في محاولة منهم لشراء الأصوات المناصرة.
من المؤكد أن ثبات الرئيس الأميركي عند موقفه الذي ينص على ضرورة أن تعلن الدوحة موقفا صريحا من مسألة الجماعات الإرهابية واتخاذ إجراءات واضحة وصريحة في هذا المجال كان قد أصاب القيادة القطرية في مقتل. وهو ما دفعها إلى التماهي المؤقت مع مساعي أمير الكويت لحل الأزمة بعيدا عن التدخلات الدولية.
ولأن القيادة القطرية تعرف جيدا أن كل مسعى لإنهاء الأزمة لا بد أن يمر بالمطالب الثلاثة عشر التي لا تزال الدول المقاطعة الأربع مصرة على تنفيذها فقد جرى تحريف الرغبة القطرية في اجراء حوار للخروج من الأزمة بطريقة توحي كما لو أن تلك الدول قد تخلت عن مطالبها.
مراوغة غير فطنة تكشف عن أن القيادة القطرية لا تريد أن تكاشف شعبها والرأي العام بحقيقة ما يجري. وهو ما رفضته السعودية حين قامت بتعطيل ذلك الحوار الذي تسعى القيادة القطرية كعادتها إلى اقامته بين الواقع والوهم في معادلة تعتقد أنها كفيلة بتيسير عملية هروبها.
مشكلة قطر الحقيقية تكمن في أنها تعتقد أنها لا تزال قادرة على الإفلات من مواجهة حقيقة دعمها للإرهاب، بالرغم من قناتها العالمية (الجزيرة) لا تزال مصرة على المضي في نهجها القديم في الدفاع عن الجماعات الإرهابية ومن ذلك إصرارها على تكريس تسمية تنظيم الدولة بدلا من داعش. وهو ما يقع في مسعى النفخ في التنظيم الإرهابي على مستوى شعبي.
تعرف الجزيرة ما تفعل على مستوى تضليل الرأي العام في العالم العربي، غير أنها بدت مرتبكة وهي تسعى إلى الدفاع عن نفسها في مواجهة المطلب الذي يصر على ضرورة حذفها من خارطة الإعلام العربي، كونها صارت تشكل خطرا على حياة المجتمعات من خلال ترويجها لخطاب الإرهاب.
ولهذا لم تجد قناة الرأي والرأي الآخر أمامها سوى أن تغسل يدي الأمير القطري من أي اتفاق يمكن أن يلقي بها في سلة المهملات.
لقد تنصل الأمير من وعده لا من أجل عيني الجزيرة بل لأنه لا يستطيع مواجهة الآخرين بما يحمله من أعباء ثقيلة ورثها وقام بتكريسها بعد أن تمكنت منه فصار يعتبرها من بنات أفكاره.
تفصل قطر عن العالم مسافة تقيم فيها الجماعات الإرهابية. هذا ما يجب أن يعترف به الجميع. لذلك لن يكون الحوار معها نافعا.