د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الرحلة الى هونج كونج
توجهنا بالطائرة من سنغافورة الى هونج كونغ واستغرقت الرحلة ثلاث ساعات من الطيران المتواصل حيث وصلنا ظهرا وتوجهنا من المطار مباشرة في سيارة اجرة الى وسط المدينة وفي الطريق شاهدنا ناطحات السحاب العالية كما لاحظنا برج المطار حيث يصل ارتفاعه الى 72 م وهو من بين اعلى الأبراج في اسيا ، وقد خضعت الجزيرة لحكم استعماري دام 150 عاما من قبل إنكلترا ومبانيها مزيج من الحضارتين الصينية والغربية وتشتمل هونج كونج على جزيرة هونج كونج وشبه جزيرة كولون وما
يزيد على 260 جزيرة صغيرة ونزلنا في أحد الفنادق المتوسطة والذي تعادل أسعاره فئة خمس نجوم في سنغافورة !!
ويبلغ عدد السكان حوالي 7 مليون انسان 98% منهم من الصين والباقي من الانجليز والأجانب الاخرين وقد عادت الجزيرة لسيادة الصين في 30 يونيو عام 1997 م وهي من أكثر البلدان ازدهارا اقتصاديا حيث كانت ثروتها في ذلك الوقت تعادل 20% من الثروة الصينية . وقد مر من خلال المدينة 52% من صادرات الصين وحوالي ثلث وارداتها وتحتل اليوم المركز الرابع عالميا في التعاملات المصرفية والمالية الا ان هونج كونج تعاني من انتقال الشركات الى البر الصيني حيث العمالة الرخيصة التي تكلف مئة دولار أمريكي للعامل شهريا !!وعلى سبيل المثال فان حضور فيلم في هونج كونج يكلف 10 دولارات أمريكية وبالمبلغ نفسه يمكن شراء الفيلم نفسه مسجلا على شريط فيديو او أسطوانة مدمجة في الصين ..َ!!
وتعد هونج كونج من المدن التي وفرت سكنا لمواطنيها وهي واحدة من أفضل المدن في العالم حيث وفرت (670) الف شقة !!
والى جانب هذا توفر المدينة لسكانها أعلى معدلات الدخل السنوي في العالم .. ويزيد متوسط دخل الاسرة على 70 ألف دولار امريكي في السنة علما أن حجم الاسرة لا يزيد عن 3 أشخاص !!
كما أن سكانها من أكثر الشعوب قراءة ففي المدينة (4800) مؤسسة طباعة و (200) دارا للنشر مما حولها الى مركز عالمي للنشر والطباعة ..!!
أما في مجال السياحة فيبلغ عدد السياح نحو مليون سائح شهريا ..
ونسبة الاشغال في فنادقها حوالي 85 % ولولا حجزنا مسبقا لما وجدنا مكانا فيها حتى المتواضع منها ..ويربط هونج كونج بكولون نفق تحت الماء يربطهما معا بشبكة مواصلات من القطارات الحديثة وأثناء تجولنا وجدنا أفضل مكان للإطلالة على معالمها هو قمة " بل تا بينغ" الذي يبلغ ارتفاعه 554 مترا فوق سطح البحر وقد وصلناه عبر التلفريك . اما محلاتها التجارية فهي عامرة بأحدث خطوط الموضة العالمية في الملبوسات والساعات والجلديات والمجوهرات .
وهونج كونج شوارعها نظيفة وأرصفتها واسعة ومعظم الحركة فيها والتاجر الصيني صبور مهذب يعاملك باحترام ويحاول ان يعرض لك محله بكامله ليقنعك بالشراء , وفي الوقت نفسه لا يغضب ولا تغيب ابتسامته اذا انسحبت ويمكنك تفصيل بدلة في زمن قياسي واذا ترددت في الشراء فالأمر عنده سيان اشتريت ام لا ؟!! شعارهم هو : من لا يبتسم لا يفتح متجرا !!
تعتبر مدينة هونج كونج منطقة إداريّة خاصة تتبع حاليا جمهوريّة الصين الشعبية، ومعنى اسمها "الميناء العطر" وتبلغ مساحة أراضيها 1,104كم²، وترتفع عن مستوى سطح البحر سبعة أمتار، ونظام الحكم فيها ديمقراطي جزئي غير سيادي مع هيئة تنفيذية غير منتخبة، وتنتمي لكل من منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، وبنك التنمية الآسيوي، ومنظّمة التجارة العالمية، وعملتها الرسمية دولار هونغ كونغ ، و يتحدث سكانها اللغة الكانتونية واللغة الإنجليزية اللتين تعدان لغة رسمية فيها، ويتألف المجتمع السكاني فيها من أصول صينية وأقليات جداً من الباكستانيين، والنيباليين، والهنود، والأمريكيين، واليابانيين، والبريطانيين، والكنديين، والكوريين.
نبذة تاريخية عن هونغ كونغ :
من أهم الأحداث الهامة التي وقعت فيها غزاها تشين شي هوانج أول أباطرة الصّين في العام 214ق.م، وضمت إلى أراضي الصين الإمبراطورية تحت حكم إمبراطورية تشينغ. وصل الرحالة البرتغالي جورج ألفاريس إلى أراضيها في العام 1513م، ويعتبر أوّل أوربي حطّ قدمه فيها. سيطرت عليها القوات البريطانية في العام 1841م وذلك بعد اندلاع حرب الأفيون الأولى. ازداد عدد سكانها أيام الحكم البريطاني؛ وقعت المدينة تحت سيطرة إمبراطورية اليابان وذلك في العام 1941م بعد انتهاء معركة هونغ كونغ باستسلام الجنود البريطانيين والكنديين، وبنصر اليابانيين. نقلت ملكية المدينة إلى جمهورية الصين الشعبية في العام 1997م، وبذلك انتهى الاستعمار البريطاني عليها بشكل رسمي.
يبلغ الناتج المحلي لها حسب تقديرات عام 2013م 293.311 مليار دولار أمريكي، ويعتمد اقتصادها بشكل كبير على كلٍ من قطاع البورصة المعتمد على سوق الأوراق المالية. تشتهر بامتلاكها العديد من المعالم السياحية كشارع داي دونغ باي المتميز بأكشاك الطعام، ومعبد بوذا المتكون من تسعة طوابق، وغابة بينغ شان التراث تريل، وأسواق مونج كوك، وحديقة المحيط الواقعة في الطرف الجنوبي من المدينة، وخليج فيكتوريا، وهونغ كونغ ديزني لاند الواقعة على جزيرة لانتاو، ومعبد وونغ تاي سين .
عند زيارة هونغ كونغ للمرة الاولى فسرعان ما تدرك مدى جمال وروعة مدينة هونج كونج . ورغم صغر المدينة الا انها من وجهات السياحة العالمية التي يقصدها السياح بالألاف على مدار العام . هونج كونج تتكون من جزيرة هونغ كونغ وشبه جزيرة كولون والأراضي الجديدة وما يزيد عن 200 جزيرة مختلفة في بحر الصين الجنوبي.
السياحة في هونج كونج
و نظرا لموقعها فتعتبر الطريقة الأكثر شعبية للناس لزيارة هونج كونج هي السفر جوا. مطار هونج كونج الدولي هو أحد المطارات الكبيرة الذي يستقبل الرحلات المباشرة القادمة من جميع أنحاء العالم. الطريقة الاخيرة التي يمكنك بها الدخول إلى هونغ كونغ عن طريق البر. الحدود البرية الوحيدة أن هونج كونج لديها مع شنتشن، الصين. وتجد في سوق هونج كونج بضائع ومنتجات بماركات عالمية بجودة مختلفة , وسواء كنت تشترى من محل موثوق فيه ام لا فيمكنك من خلال اتباع المساومة الجادة الحصول على الاشياء بنصف الثمن و اسعار رخيصة للغاية مثل الحصول على الملابس والامتعة والمجوهرات والكاميرات والسلع الالكترونية المختلفة بنصف السعر الأصلي سواء كان ذلك من مراكز التسوق او محلات الشارع. ولكن يجب عليك تطبيق سياسة المساومة بشرط عدم التنازل عن جوده المنتج والتأكد من صلاحيته , فيجب عليك توخى الحذر اثناء المساومة في المنتجات الكهربائية والالكترونية خاصة . لأنه على الرغم من انك يمكنك الحصول على تلك المنتجات بأسعار جيدة وتكون بمثابة صفقات رائعة بالنسبة لك الا انه قد يكون بدون ضمان دولي او قد تكون بعض الاجزاء مفقودة او تالفة , لذلك تأكد من جوده المنتج رغم سعره المناسب.
أين يمكنك التسوق فى هونج كونج ؟!
Tsim Sha Tsui هذه المنطقة يقوم معظم السياح بالتسوق فيها بشكل كبير. حيث تعتبر مركزا لأكثر من مليون مركزا للتسوق والكثير من محلات شارع ناثان في هذه المقاطعة الصغيرة حيث يشتهر بالمنتجات المختلفة مثل الملابس والالكترونيات والكاميرات وإذا كنت تريد أن تذهب إلى مركز تجاري.. هونغ كونغ لديها مجموعة متنوعة جدا من الخيارات يمكن أن تقوم بزيارة متجر سوجو، “بوابة المدينة”، أبل مول، والكثير من المولات والمحلات المميزة.
ماذا يمكنك شراءه من اسواق هونج كونج ؟؟
شارع القط “من جزيرة هونغ كونغ” مليء بالتحف والأشكال المختلفة للمصنوعات اليدوية. سوف تجد الأصلي، فضلا عن مخطوطات مستنسخة، الأثاث من سلالة تشينغ مينغ، وكذلك الصناعات اليدوية الآسيوية من تايلاند وفيتنام، وكمبوديا، وإندونيسيا، وأكثر.
الملابس : سوف تجد مجموعة ضخمة من الملابس طبقا لأحدث خطوط الموضة العالمية والماركات من الدرجة الاولى.فتعتبر هونغ كونغ مصدرا هاما للتجار الذين يعملون في مجال الملابس العالمية والماركات وسوف تجد ماركات مثل : كريستيان ديور، غوتشي، موسكينو، جور جيو أرماني، دكني، لانفان وأكثر. إذا كانت ميزانيتك محدودة يمكنك الذهاب لشراء العلامات التجارية المحلية، وأفضل موسم للتسوق في هونغ كونغ نهاية كانون الأول/ديسمبر حتى منتصف فبراير للملابس الشتوية , اما الملابس الصيفية فالوقت المثالي لها الفترة من يوليو إلى أغسطس.!!
عند نزولي في احد الأيام من الفندق الى المتاجر المجاورة وبينما كنت اتفرج على الاقمشة لمحني شاب هندي .. وفي دقائق اقنعني بتفصيل بدلة حديثة في محله .. وبالفعل استلمتها منه في وقت قياسي لا يزيد عن 24 ساعة !!
وقد كانت رائعة بالفعل وسعرها معقول جدا والهنود أذكياء ولهم حظ وافر في التجارة ويملكون محلات عديدة هناك .
الطابع الغربي
يتمثل بصورة واضحة في المجلات الغربية التي تباع على الأرصفة بجوار الفنادق الكبرى وكلها عن الجنس والعري ..وبصورة مكشوفة يخجل المرء أن يقف عندها ..!!
وهذه من عادات الغرب السيئة التي ينشرها أينما حل ويترك أثاره حتى بعد رحيله !!
كما لاحظنا انتشار الملاهي الليلية من خلال الافيشات واللوحات العارية في الشارع نفسه الذي يقع فيه فندقنا.. وأغلب النساء العاملات فيها من الغربيات وكذلك رواده !!
عشاء صيني :
دعانا أحد الصينيين للعشاء في مطعم صيني .. وأثناء العشاء قامت فرقة صينية من الرجال والنساء بأداء رقصة صينية على وقع نغمات جميلة من التراث الصيني وكان اللباس محتشما وتشعر ان الصينيين مازالوا يتمسكون بتراثهم وارثهم الحضاري رغم الغزو الثقافي الغربي لبلادهم .. وقد لاحظت أن الاسرة الصينية متماسكة مترابطة في نسيجها وعلاقاتها الاجتماعية عكس الاسرة الغربية المفككة ..!
المصنع العجيب : ومن أطرف المشاهدات اخبرنا المرافق الصيني انه سيأخذنا معه الى مصنع للحقائب وفوجئنا به يتجه بنا عبر الشارع في مكان غير بعيد من الفندق .. ثم دخلنا معه الى احدى العمارات العالية وفتح باب المصعد .. وتوقفنا في الدور الثامن امام شقة حيث ضغط على جرس الباب ففتحت لنا فتاة صينية ودخلنا .. واذا هذه الشقة الصغيرة التي لا تزيد عن 3 غرف هي المصنع نفسه الذي قصدناه والمكان مزدحم بالمكائن والأجهزة وعدد العاملات فيه لا يزيد عن 5 فتيات وتذكرت المثل الصيني القائل : ( مشاهدة واحدة تساوي ألف حكاية )
تأملت واقعنا العربي حيث نملك الأرض والثروة والموقع ولكن ينقصنا العقلية الصناعية والمثابرة والالتزام والنظام وهو ما يمتاز به الصينيون عنا .. فمتى نصبح مثلهم ؟؟!!
والى متى سنظل سوقا استهلاكيا لأمم الأرض تنهب ثرواتنا ومواردنا .. ولا نقدر ان نوفر احتياجاتنا الأساسية من غذاء ودواء وكساء وغيرها .. في حين لا ينقصنا شيء ولا يعوقنا شيء الا عقلياتنا المتخلفة المكابرة ..!!
د . علوي عمر بن فريد