د. صبري عفيف يكتب:
العقلية السبئية واستراتيجية تفكيك الجنوب من الداخل
استكمالا للمقال السابق المعنون( 60 عاما.. وكأننا لم نبدأ بعد!!)، أحب أن أشير هنا إلى استراتيجية قوى العقلية السبئية تجاه الجنوب، إذ أنها تسعى ليلا ونهارا؛ لتفكيكه من الداخل، وقفا لقاعدة أن لم تستطع تحتل الأرض عليك بتغير الشعب، وتلك الآليات التي تنتهجها تلك القوى تمارس باريحية تامة من خلال السيطرة على مؤسسات أيديولوجية مؤثرة نحو، تمكين النازحين والاستيطان والسيطرة على وظائف معينة في مهمة نحو، مؤسسات التعليم العالي والتربية والتعليم والاوقاف والارشاد والثقافة والسياحة والإعلام والشباب والرياضة ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة للاسحواذ على المشاريع التنموية المتوسطة، والسيطرة على سوق العمل.
وما نلاحظه اليوم هو استعادة التاريخ نفسه فحين يحاول الانتقالي الجنوبي الاستمرار في الثنائية في السلطة دون أن يمتلك الخبرة الكاملة عن تلك الاستراتيجيات، وغياب الدراية الكاملة التي تحلل الخصم تحليلا دقيقا، ومعرفة ما يخطط له الآخر ، ذلك الخطأ التاريخي وقع فيه شريك الوحدة الاشتراكي اليمني في تسعينيات القرن الماضي، حين كان منكبا في حرصه على الشراكة في السلطة دون أن يدرك بعمق ومخططات العقلية السبئية وما تحيكه من مؤمرات ضده، فتلك تجربة كانت نتائجها مريرة، لذا فالانتقالي الجنوبي اليوم هل يدرك أن وجوده في السلطة هي وسيلة وليس غاية، وسيلة مؤقتة للوصول لمشروع شعب الجنوب المنشود، فأن لم تسهم الوسيلة فعليك التخطيط والبحث عن وسائل أكثر نفعا.
إن قراءة تاريخ الصراع مع القوى اليمنية أمر مهم ؛ لكون ذلك التاريخ هو من يحدد خط سير الأحداث وأن الأخطاء الكارثية التي وقع فيها الاشتراكي اليمني يجب أن تكون درسا للانتقالي الجنوبي وأن لا يلذغ المؤمن جحره مرتين.
هناك أربعة أخطاء قاتلة يعاني منها العقل السياسي الجنوبي عامة وهي:
- الارتجال التنظيمي وعدم التخطيط الاستراتيجي للحاضر والمستقبل.
- الضعف الشديد في قرءاة التاريخ قراءة صحيحة، والاستفادة من تطورات الاحداث واغتنام الفرص في الزمان والمكان المحدد.
- الضعف في تحليل وتقييم الوضع في اليمن بشكل عام ووضع تركيبة النظام في صنعاء على وجه الخصوص.
- الارتهان والاعتماد على بعض القوى اليمنية المنشقة مؤقتا عن العقلية السبئية؛ لتمرير أهدافها التوسعة والسيطرة أكثر تحت سياسة الانقسام .
- الرهان الكلي في رسم السياسات على بعض الدول سواء أكانت عربية ام أقليمية أم دولية.
إن القاعدة العامة لدى القوى اليمنية، هي السيطرة والاستحواذ والتسلط على الجنوب سواء أكان ذلك التسلط بالسلم حتى التمكين أم السيطرة بالقوة العسكرية المباشرة، لذلك فتاريخ المعاهدات والوثائق تبين ذلك، ابتدأ من وثيقة مشروع الوحدة السلمية ونقضهم لمبادئها، ومرورا بوثيقة العهد والاتفاق التي كانت حلا للأزمة وصيرها الطرف الأخر أزمة بحد ذاتها، وما نخشاه اليوم هو اتفاقية ومشاورات الرياض التي يظن بعض القادة السياسيين أنها حلا للأزمة وما يدريك لعلها بداية الأزمة لاسيما ان مؤشرات الواقع تبين أنها ستكون أزمة بذاتها.
لقد أخبرنا التاريخ أن القوى اليمنية بكل رموزها الطاغية والفاسدة، والمتسلطة تنتهج أسلوب الصراع وسياسة الايهام بالانقسام الذي يوصلهم إلى هدفهم الجامع وهو التوسع والسيطرة والحفاظ على الهيمنة، لذلك فالخلاف بين، شركاء النصر هو خلاف تكتكي ليس إلا.. وتلك استراتيجية ليس وليدة اللحظة بل هي مترسخة في عقلية القوى السبئية منذ نشأتها، فأن لم يدرك الانتقالي الجنوبي تلك الحقائق والمسلمات التاريخية فعلى الدنيا سلام..
اللهم أني بلغت اللهم فاشهد
العاصمة السياسية عدن
11- ديسمبر- 2022م