د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
جرائم نظام الملالي الوحشية بحق النساء
أنقذوا النساء في إيران من الموت والإذلال ؛ والمرأة الحرة والإنسان يقبل الموت ويرفض الإذلال
قتلوا الطالبة الإيرانية إلهه جباري بشكل وحشي مهين وألقوا بجثتها على قارعة الطريق
جريمة قتل إلهه جباري تنم عن إحتمال وقوع جرائم شنيعة أخرى بحقها منها (التعذيب الشديد والإغتصاب والإذلال.. والتنكيل)
تُتعيد أساليب قتل النساء والثوار في إيران إلى الأذهان ذكريات نفس الأساليب الوحشية الهمجية التي اتبعوها مع أبناء الشعب العراقي في العقد الماضي؛ وهنا يتبين أن وحوش نظام الملالي في طهران هم مصدر وثقافة تلك الجرائم وقد نفذوا أمثالها في مخيم أشرف بسواطيرهم ومناجلهم وفؤوسهم، وها هم ينفذونها بالنساء والثوار في إيران في ظل تجاهل النظام الدولي.
خطفت قوات الملالي القمعية المجني عليها إلهه جباري إبنة محافظة سيستان وبلوشستان طالبة علم النفس بجامعة طهران وبعد الإستجواب والتعذيب والتنكيل وربما الإغتصاب لمدة ثلاثة أيام ألقوا بها في شوارع طهران جثة جريحة ورأسا حليقا في جريمة يندى لها جبين الإنسانية الحرة، وأسفي أن البشرية الحرية باتت مظلومة اليوم ويتستر على مظلوميتها ما يسمونه بالمجتمع الدولي.
كنت أتصفح مادة إخبارية تعودت متابعتها مع المقاومة الإيرانية التي تنشر فضائح قوات الملالي الإجرامية بشكل مستمر، وتطرح على الملأ معاناة كافة أبناء الشعب الإيراني وخاصة النساء وجميع الثوار والمناطق المنكوبة أول بأول، ثم تتبعت مصدر المعلومات فوجدتها نقلا عن مجلس اتحاد الطلاب الإيرانيين صباح الأحد 11 ديسمبر 2022 الذي أفاد بأنه تم العثور على إلهه جباري يوم الجمعة 9 ديسمبر 2022 جثة مصابة جريحة حليقة الرأس في أحد شوارع طهران ، وكم طالعت من جرائم بشعة بحق النساء والفتيات الثائرات فلم أُصاب بالألم والحسرة والحزن بقدر ما أصابني على الشهيدة المغدورة (إلهه جباري) وا أسفي وحزني عليها وعلى ما حدث مصاب أهلها وذويها وأصدقائها وكل أحرار العالم الذين سيتألمون لأجلها مثلي وأكثر مني، لقد تألمت وتأثرت كثيرا على الفتاة (نيكا شاكرمي) 17 عاما عندما وجدوها جثة هامدة محطمة الرأس في ثلاجات الطب العدلي كشخص مجهول الهوية وجريمة مقيدة ضد مجهول، وتألمت وارتعدت على ما حدث لطالبة الطب (أيلار حقي) التي ألقوا بها من أعلى بناية على حديد تسليح البناء فاخترق بطنها إلى ظهرها وقُيِدت الجريمة ضد مجهول وكثير من تلك الجرائم إلا أن جريمة قتل (إلهه جباري) كانت أبشع بالنسبة لي لمست فيها بشاعة وكسر للنفس وإذلال وتنكيل وتمثيل بها وهي حية، وبعد أن قتلوها ألقوها بالشارع كما كانوا يفعلون بالعراق.
يدعي الملالي بالإسلام وتطبيق الشريعة ويدعون أنهم من شيعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) وأنا أنفي عنهم ذلك جملة وتفصيلا وأُبين : ( إن كان الملالي على ملة الإسلام فالإسلام يقول أن المسلم هو كل من سلم الناس من لسانه ويده.. أما الملالي فلم يسلم أحدا لا من لسانهم ولا من أيديهم ولا من فكرهم السام، وإن كان الملالي من شيعة الإمام علي بن أبي طالب فعلي بن أبي طالب كان من شيعة الله ورسوله ومن أتباع الحق والعدل والإنصاف وفلسفة الإنسانية، وإن كانوا لا يعرفون علياً فنقول لهم علي هو الدين والعلم والقيم والعدل والشجاعة، ولما غدر به إبن ملجم وضربه على رأسه بالسيف ضربة مميتة في صلاته جمع علي بن أبي طالب بنوه وأوصى كبيرهم الإمام الحسن (ع) بما معناه بني أطعموا قاتلي الذي هو أسيركم الآن من طعامي وأسقوه من شرابي واكسوه من ردائي فإن عشت فأنا كفيل بالرجل وإن مت فاضربوه كما ضربني ضربة لضربة ولا تمثلوا بالرجل فإن المُثلة حرام حتى ولو بالكلب العقور، وأما إدعاء الملالي بتطبيق الشريعة فهو على النقيض تماما وقد مارسوا كل ما هو يقبح وجه البشرية، نعم .. كيف لمن لا يعرف الدين وقيمه أن يطبق الشريعة، وهنا لم يلتزم الملالي بإدعاءاتهم كافة، ولم يعرفوا شريعة يلتزمون بها سوى شريعتهم الوحشية الدموية التي أهلكوا من خلالها الحرث والنسل.
مَن أمِن العقاب أساء الأدب
لقد أمِنت العصابات الحاكمة في إيران العقاب فأساءت الأدب بعد أن تستر المجتمع الدولي على نظام هذه العصابات الحاكمة لأكثر من 43 عاما ولم يكترث بتطبيق القوانين والأعراف الدولية فيما يتعلق ببعض الأنظمة ومنها إيران، وإن أحد أكبر أسباب تمادي نظام الملالي في طغيانه وإجرامه هو تستر النظام العالمي وحماية تيار المهادنة والإسترضاء لهذه العصابات الحاكمة التي أعدمت أحد شباب الإنتفاضة (محسن شكاري) فلما وجدت ردود أفعال النظام العالمي هي نفس الردود السلبية المشجعة تمادى في إجرامه وأعدم علنا الثائر الشاب المقدام مجيد رضا رهنورد، هذا بالإضافة إلى حالات الإعدام السرية المرعبة التي حدثت كما حدث مع الفتاة (نيكا شاكرمي) وطالبة الطب (آيلار حقي) وإلهه جباري وغيرهم.
بعد سجل نظام الملالي الإجرامي المشين منذ بداية حكمه، وبعد تلك الجرائم البشعة التي ارتكبها نظام الملالي مؤخرا وخاصة لم يعد أمام المجتمع الدولي خيارا لإنصاف ذاته وإنقاذ سمعته وحماية قيمه ومبادئه سوى فرض عزلة كاملة على نظام الملالي وعزله عن أي تمثيل دولي أو إقليمي، والإعتراف الرسمي بحق الشعب الإيراني بالدفاع عن نفسه وعن كرامته وحريته بشتى الطرق والوسائل الممكنة، والتعامل مع قضايا الشعوب كتعامله مع أزمة أوكرانيا.
ختاما المرأة أُمٌ وأُخت وأبنة ومعلمة وقدوة وزوجة وصديقة وشريكة حياة، وسننتصر لها ولن نقبل بعبوديتها واضطهادها وقتلها في أي مكان وزمان، وستنتصر المرأة شاء من شاء وأبى من أبى، وستنتصر الثورة الإيرانية وإن طال الزمن، وها هي الإنتفاضة الإيرانية تقترب من شهرها الرابع متواصلة بنجاح، وما تصاعد إجرام نظام الملالي واتجاهه نحو إرتكاب جرائمه هذه على هذا النحو إلا دليلاً على خوفه ورعبه وقرب ساعته.
إن غدا لناظره قريب
د.محمد الموسوي / كاتب عراقي