ماريا معلوف تكتب:
أوكرانيا.. سلام مفقود أم بارقة أمل؟
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية شهرها العاشر على إيقاع انقطاع الكهرباء عن معظم المدن والقرى الأوكرانية، مما ينذر ببداية عام قد تكون كارثية على الصعيد الإنساني في أوكرانيا مع استهداف البنى التحتية الحيوية في البلاد من قبل الجيش الروسي، الذي شن غارات كثيفة في الأيام الأخيرة من عام 2022.
وأتى التصعيد الروسي متزامنا مع إعطاء الرئيس فلاديمير بوتين إشارة بدء تشغيل سفن حربية وغواصتين نوويتين، هذه القطع تتمثل بـ"الجنرال سوفوروف" وهي غواصة قادرة على إطلاق صواريخ بالستية ذرية إضافة إلى غواصة أخرى تحمل اسم "الإمبراطور ألكسندر الثالث"، وهو الذي يتجنب المشاركة حضوريا في المناسبات العامة.
ورأى مراقبون أن هذه التحركات الروسية قد تؤشر إلى غياب الحل السلمي للأزمة الحرب بين موسكو وكييف، رغم وجود مبادرة للتفاوض والسلام أطلقتها الإمارات من خلال مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي السفيرة لانا نسيبة، التي أكدت في وقت سابق أن أبوظبي ملتزمة بقوة بالمساعدة في إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة وتشجيع الحوار ودعم الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
من جهته أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فرحان بن فيصل خلال اتصال مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن الحل السلمي هو الحل المنشود للأزمة بين موسكو وكييف، هذا بالتزامن مع تأكيد الكرملين أنه لا يرى في المقترحات العشرة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خطة سلام، واعتبر أن تسوية بين روسيا وأوكرانيا لا تأخذ في الاعتبار الواقع الميداني والعسكري لا يمكن اعتبارها خطة سلام.
الجدير ذكره أنه جرى تداول معلومات عن إجراء مفاوضات بين موسكو وواشنطن تتناول الشأن الأوكراني، غير أن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو نفى إجراء أي محادثات تفاوضية مع الولايات المتحدة بخصوص أوكرانيا، وقال في تصريحات صحفية: "لا. لا نجري مباحثات معهم".
هذا في وقت كانت دراسة أعدها موقع "بيزنس إنسايدر"، أظهرت أن "غالبية الأميركيين يريدون أن تواصل الولايات المتحدة مفاوضات دبلوماسية لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في أسرع وقت ممكن".
في حين صرح كبير المفاوضين الأوكرانيين في المحادثات مع روسيا دافيد أراخاميا، أن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا قد تبدأ من جديد في النصف الثاني من عام 2023، بالتزامن مع بدء السباق الرئاسي في كل من الولايات المتحدة وروسيا، فيما اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أن الوقت لم يحن بعد لبدء المفاوضات حول أوكرانيا، وأن بلاده ستستمر في تقديم المساعدات لكييف بما يعزز مواقعها التفاوضية مع روسيا.
وأضاف سوليفان أن بلاده تعتبر أن مهمتها حاليا تتمثل في ضمان "أفضل الأوضاع الممكنة" لكييف كي تبدأ المفاوضات، وذلك عبر استمرار تقديم المساعدات العسكرية لها.
وأمام ما تقدم من معطيات، يرى مراقبون أن شهر مارس 2023 قد يكون مفتوحا على كل الاحتمالات في أوكرانيا، خصوصا أنه يلاحظ تأرجح في المواقف الروسية حيال ما يجري في أوكرانيا، لا سيما بعد الزيارة الناجحة التي قام بها زيلينسكي إلى واشنطن، التي يبدو أنها لن تسمح لموسكو بالانتصار، حيث أكد الرئيس الأميركي جو بايدن "دعم أميركا لأوكرانيا للحصول على السلام العادل".
من جهته قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إن السلام في أوكرانيا مرهون بالولايات المتحدة، وأشار إلى أن قدرة كييف على القتال مرهونة باستمرار الدعم المالي والعسكري الأميركي، وبالتالي عندما يقرر الأميركيون إحلال السلام سيكون هناك سلام.
ورغم التصعيد العسكري الأخير المرشح إلى أخذ أشكال مختلفة في الشتاء، فهناك مؤشرات تفضي إلى خيارات السلام، وهذا ما أشار إليه بوتين في تصريحات سابقة قال فيها إن "روسيا تسعى جاهدة لإنهاء الأزمة وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل".
لذا نخلص إلى القول إن السلام حتمي، والتصعيد مهما استمر فإن الجميع سيأتي إلى طاولة المفاوضات، وبالتالي فإن السلام ليس مفقودا وإنما هناك بارقة أمل حقيقية من أجل إحلال السلام في أوكرانيا، ووضع حد للجموح الروسي.