اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):

قصة الكاتبة الفرنسية كليرا غالوا مع العاطلين

الكاتبة والروائية الفرنسية كليرا غالوا بعد ان ذاع صيتها, ونشرت 11 رواية في اكبر دور النشر العالمية, وحصلت على الكثير من الاوسمة والتكريم والجوائز, وذات يوم قررت ان تقوم بفكرة عجيبة, لم يسبقها احد اليها, فخرجت بدعوة عبر الصحافة للعاطلين عن العمل في فرنسا, ويقدر عددهم في ذلك الوقت ب خمسة ملايين فرنسي عاطل, حيث خاطبتهم بالعبارة التالية: (اكتبوا لي وسأحاول ان اؤلف كتابا عن رسائلكم).

وبالفعل لم يتكاسل العاطلون عن العمل في الكتابة اليها فورا, واستلمت الروائية قرابة الاربعمائة رسالة من مختلف مدن وقرى واقاليم فرنسا, رسائل من الرجال والنساء, والكهول والشباب, وتتكدس في صندوقها البريدي, بل وتفيض لتفترش الممر المؤدي الى شقتها, رسائل تحكي حجم معاناة العاطل عن العمل, وقد اختارت الروائية اربعين رسالة من الاربعمائة.

لتحكي للعالم عبر كتاب معاناة وعذابات العاطلين عن العمل, وان كانت اسماء اصحاب الرسائل موجودة في مكتب التشغيل الوطني الفرنسي, الا انها اخذت بعدا اخر بقلم الكاتبة كليرا, حيث اكتسبت روحا وجسدا ولغة, بعد ان كانت جثث مدفونة في صناديق حفظ طلبات التعيين والعمل.

وعبر فصول الكتاب كشفت الكاتبة كليرا شيئا فشيئا تفاصيل واسرار تلك الاسماء, بعيدا عن الهم المشترك الذي يجمع العاطلين عن العمل, حيث ابرزت شخصياتهم, وكان جميعهم يسرد كيف سقط الواحد تلو الاخر في هذا المستنقع المميت, حيث الفقر والعوز والاقصاء والعزلة, انهم (هم – هن) يسردون ويسردن حالة التطفل الاجتماعي ويشعرون بالخجل, بل هنالك من يتنمر عليهم بسبب البطالة, بدل المساندة والدعم والتشجيع, فكيف لمن يحصل على شهادة الدكتوراه ويبقى يلهث بحثا عن فرصة عمل! وكانت خيبة الامل تلاحق العاطلين عن العمل فكلما راجعوا جهات التوظيف كان الجواب واحد: (اليوم لا يوجد عمل لك).

وحقق الكتاب (شرف العاطل عن العمل) نجاح كبير لانه معبر عن محنة فئة من المجتمع, قد فتحت لهم الكاتبة كليرا مساحة للتعبير عن ذاتهم, فهم لم يخلقوا ليعيشوا عاطلين عن العمل, بل كانوا يحلمون ان يعيشوا مثل اي انسان يعلموا ويتزوجوا ويتطوروا, لم يتصوروا انهم يتحولون لمستنقع البطالة والذي هو كارثة بحق الانسان.

 

·      دعوة

كم نحتاج من كتابنا ومبدعينا ان يتصدوا لمشاكل المجتمع, ويكتبوا عنها كما فعلت هذه المبدعة الفرنسية لتنتج كتابا عن العاطلين, وسلطت الضوء عن معاناتهم عبر سردهم انفسهم لمعاناتهم, فالضغط الاعلامي على جهات القرار يجعلها تستجيب وتفعل الصواب, فيا ايها الشرفاء اسمعوا مأساة وهموم اخوتكم في البلد, واكتبوا عنها, ولتكن قضيتهم قضيتكم, ولا تعيشوا في بروج عالية وتكتبون عن اشياء لا تنفع الانسان, انتم اصحاب مسؤولية ويجب ان لا تخذلوا اخوتكم, لذلك تحملوا مسؤوليتكم واكتبوا اشياء نافعة تغير الواقع الضحل.