خيام الزعبي يكتب:
العلاقات السورية السعودية… ما الذي تغير؟
يستمر السعوديون على موقفهم المبدئي من علاقة بلادهم مع شقيقتهم سورية، وتشهد السعودية على مختلف المستويات والمنظمات والفعاليات الاجتماعية أنشطة مختلفة يطالب بها الشعب حكومته بإعادة العلاقات بين سورية والسعودية، كون كلا البلدين لهما وزنهما وأهميتهما في المنطقة، أنه كلما كانت دمشق والرياض في خندق واحد، وموقع واحد متضامنتين فإن ذلك يحقق الأمن والاستقرار للمنطقة.
في هذا الخصوص، شهدت الأيام الأخيرة بوادر تقارب سوري- سعودي حيال تطورات الأوضاع في سورية، فالرياض التي إنتهجت خطاً متشدداً يقوم على ضرورة الإطاحة بالنظام السوري كمدخل ضروري لحل الأزمة هناك، فضلاً عن دعم ما تسمى “المعارضة” السورية وتمويل بعض تنظيماتها المسلحة، باتت تتكلم اليوم بلهجة مختلفة، وهو ما تبدى بصورة واضحة من خلال إشادة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بالتغييرات الجديدة ومنها الاتفاق على إيجاد حل سياسي للحرب المستمرة منذ 12 عاماً في سورية.
على خط مواز، برز حراكاً دبلوماسياً سعودياً نشطاً في الملف السوري، برزت ملامحه ومؤشراته خلال الأسابيع السابقة، حيث أجرى وزير الخارجية السعودي لقاءات مع المبعوثين الأمميين الى سورية للوصول الى حل سياسي في سورية، كما أعلنت لجنة المتابعة والتشاور السياسي السعودية المصرية التي عقدت في 12 كانون الثاني في الرياض الدعم السياسي الكامل في سورية وفق القرار 2254 ورفض أي تهديدات بعمليات عسكرية تمس الأراضي السورية، وفي الاتجاه الاخر أثناء انعقاد القمة العربية في الجزائر دعا الوزير السعودي أن بلاده تدعم كل الجهود لإيجاد حل سياسي في سورية مؤكداً حرص المملكة على أمن سورية واستقرارها.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف يؤثر التقارب بين دمشق والرياض على الأوضاع في المنطقة ؟
إن عودة العلاقات إلى مجاريها الطبيعية بين الدولتين الرئيسيتين في منطقة الشرق الأوسط وهما سورية والسعودية بكل تأكيد يخدم مصالح الدولتين، وينعكس إيجابيا بالدرجة الأولى على التقليل من التوتر ويحوله إلى شيء من التنسيق والأداء المتناغم الذي يصب لصالح السلام والاستقرار في المنطقة، كون كلا البلدين لهما وزنهما وأهميتهما في المنطقة العربية.
كما أن السعودية تدرك جيداً أن موافقتها على القطيعة مع سورية كانت متسرعة وغير مجدية، وهي تحاول الآن بشكل أو بآخر أن تستعيد مواقفها وإعادة النظر بالسياسة التي أدت إلى القطيعة معها، كون السعودية تشترك مع سورية في مواجهة التهديد الإرهابي باعتبارهما “في جبهة واحدة”٬ وأنه من مصلحة الحكومة السعودية التعاون مع الحكومة السورية في مقاومة الإرهاب وتحصين أمن البلدين في مواجهته.
وهنا أرى بأن هناك رؤية استراتيجية موجودة في كل الأوساط السعودية وعلى أعلى المستويات، مفادها أن الرياض المؤثرة في الإقليم، هي الرياض التي يمكن أن تسهم في عودة الاستقرار مرة أخرى إلى منطقة الشرق الأوسط المضطربة كما إن هناك رؤية إستراتيجية ثابتة وهي دعم سورية في كل الأوقات وهو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات، وعاملاً أساسياً في قيادة الدفة العربية مع نهوض سورية من جديد .
مجملاً…. وأخيراً أتوقع حصول إنفراج في العلاقات السورية السعودية، لأن ما يجمع هذين البلدين مصالح مشتركة وعقيدة واحدة، وما يهدّدهما من مخاطر مشتركة أيضاً، وبالتالي فإن هذه التطورات تشير إلى وجود نوايا للتهدئة فيما يخص المسائل والقضايا الشائكة والمعقدة بين البلدين، ومع هذا الإنفراج المرتقب، ستشهد المنطقة إنفراجات متعدّدة في بعض الملفات الاقليمية والدولية.