افتتاحية حركة مجاهدي خلق:
بديل النظام الحاکم في إيران
عندما نتحدث عن البديل، فهو ليس ادعاء أو عنوانًا عامّاً لا يؤثر علينا في العبور عن المطبّات اليومية في محاربة النظام.
إنه يشكل قوة وآلية تشقّ الطريق وتحدّد اتجاه مجموعة الأنشطة النضالية وتشرح الخطوات التي ينبغي اتخاذها؛ في أي اتجاه، وبأي شعار، وتحديد القواسم المشتركة والمفارقات والأولويات.
إنه يعمل بمثابة مفتاح الحلّ لكل ما نواجهه يوميًا في أرض النضال الشائكة الصلبة، من مشاكل في الحركة. يبين الأهداف، يميز الطيب عن الخبيث، ويميز الخط الصحيح عن الانحراف، ويحمي رصيد الشعب والمقاومة من استيلاء النظام والمتواطئين معه علیها، وبكلمة واحدة: إنه المعيار في النضال من أجل إسقاط النظام.
أود أن أستنتج أن هذا بديل ترسّخت جذوره في معركة بلا هوادة طويلة النفس مع الاستبداد الديني. القوة التي تقف أمام الفاشية الدينية نظّمت نفسها، ولديها خطّة ودفعت ثمن الوقوف يومًا بعد يوم.
وفي بحر السنوات الماضیة، كلما أصبحت الظروف أكثر صعوبة، يزداد التزامه وقدرته على الکفاح. كما أنه التزم بحدوده وحافظ على مبادئه وقيمه الديمقراطية والمطالبة بالحرية وحافظ على سلامته من أذى وخداع العدو.
لولا هذا الإصرار والعزيمة الراسخة على الوقوف ضد الفاشية الدينية بأي ثمن في جميع المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية، فماذا سيحدث لمصير إيران وشعب إيران بطغيان هذا الوحش الدموي الشرس؟
إذا نظرنا إلى منعطفات تاريخ النضال من 20 حزيران 1981 إلى 25 يوليو، ذكرى عملية الضياء الخالد 1988و28 و29 يوليو 2009 ذكرى الأيام التي وقف فيها المجاهدون الأشرفيون بأيدي فارغة ضد هجوم مرتزقة نوري المالكي، وإلى 29 يوليو 1981 حيث انطلق قائد المقاومة مسعود رجوي في رحلة من قلب مطار طهران فنرى كل هذه المحطات تعبر عن حقيقة واحدة.
وهي أن تاريخ هذه المقاومة بمنعطفاته والقرارات الخطیرة المكلفة، أوصل النظام إلى هذه الهشاشة والعجز وفی المقابل وضع هذه المقاومة والبديل في موقف هجومی.
(كلمة مريم رجوي في اجتماع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية 20 أغسطس 2022 في الذكرى الواحدة والأربعين من تأسيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية)
البديل الحقيقي للنظام في إيران
انتعشت هذه الأيام صناعة فبركة «بديل» في الفضاء المجازي وصناعة التجميع في سوق السياسة، من خلال الاستنساخ، وهذه العملية تدلّ أيضاً على نهاية عهد النظام. ولكن السؤال هو كيف يريدون الإطاحة بهذا النظام؟ خاصة وأن النهر الأحمر لدماء الشهداء، لم يفسح تاريخياً حيّزاٴ، لنمو رجعيّة الملالي ولا لعودة رجعية نظام الشاه.
والآن إذا:
لو كان بالإمكان القضاء على هذا النظام بدون وجود حركة منظمّة وتنظيم قيادي، وبدون اجتياز مراحل الاختبار والامتحان، وبدون دفع الثمن والتضحية والجهاد، فنحن نقول: تفضلوا، فلا تتريثوا ولو للحظة واحدة.
ولو كان بالإمكان تحقيق سلطة الشعب بدلاً من هذا النظام من دون وجود خلفيات نضالية ورصيد نضالي ضد النظامين، وبدون رسم الحدود الفاصلة مع الدكتاتورية والتبعية، وبدون المقاومة العارمة وكوكبة الشهداء، وبدون خوض المعارك ضد مبدأ ولاية الفقيه والإصلاحيين المزيفين، ، فلا تتأملوا ولو للحظة.
وإذا كانت مواجهة خميني بشأن الحرب الخيانية وإخماد أتون الحرب وشعار «فتح القدس عن طريق كربلاء»، بدون فرض وقف إطلاق النار عليه من خلال تنفيذ مئة عملية على أيدي جيش التحرير الوطني، وتحرير مدينة «مهران» والتقدّم داخل البلاد حتى مشارف مدينة «كرمنشاه»، وبدون الكشف عن برامج نظام الملالي ومنشآته النووية والصاروخية والكيمياوية والجرثومية، على الصعيد العالمي، يمكن إسقاط الملالي من عرش الحكم، نعم، لا تتريثوا ولو للحظة.
وإذا كان بالإمكان بدون الكشف على الصعيد العالمي عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم النظام في 64 قراراً أممياً وبدون حملة مقاضاة المسؤولين عن ارتكاب مجزرة السجناء السياسيين في عام 1988، وبدون حملة مناصري أشرف في ربوع العالم، والإصرار على حقوق الشعب الإيراني طيلة 4 عقود، وبدون برامج ومشاريع محدّدة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والإدارة المؤقتة بعد نقل السلطة إلى الشعب الإيراني وأخيراً، بدون قيادة مجربّة ومحدّدة تقود هذا النضال العظيم 5 عقود، وإذا يمكن بدون اجتياز هذه المحطات، بين ليلة وضحاها، قطع أشواط دامت 50 عاما، وإحداث تغيير حقيقي في إيران بالتعويل في الخيال فقط على الدعم الخارجي، فتفضلوا، هذه الساحة متروكة لكم.
ولكن دعوني لأقول، إن هذا الحلم فقط يمكن تحقيقه باستنساخ نسخة احتلال العراق، أو تصوّره من خلال الغزو الأجنبي للبلاد، وطبعاً نتيجتها واضحة من قبل.
خلال هذه السنين الأربعين، قد جرّب كل اولئك المدّعين الذين لم يكونوا أهل دفع الثمن، حظّهم. ولكن الحقائق والتجارب أثبتت أن هذا النظام الظلامي، لا يتحمل التغيير والإصلاحية. لا من النوع «الأخضر» ولا «المخملي».
إسقاط هذا النظام، يتطلّب دفع الثمن. يتطلّب الصدق والتضحية. يتطلّب منظمة وتنظيمات وبديل سياسي رصين. ويحتاج إلى وحدات المقاومة وجيش التحرير.
على أية حال، كما قال مسعود قائد المقاومة في تلخيص انتفاضة ديسمبر الماضي: «نحن لسنا أنداداً ومنافسين لأحد للوصول إلى السلطة. وفي المقابل ليس هناك منافس لمجاهدي خلق في مسار الصدق والتضحية ودفع الثمن».
أعلنت المقاومة الإيرانية قبل 16 عاماً ومن خلال تبني مشروع جبهة التضامن الوطني لإسقاط الاستبداد الديني، أنها مستعدة للتعاون مع كل القوى الداعية للجمهورية الملتزمة برفض كامل لنظام ولاية الفقيه والتي تناضل من أجل إيران ديمقراطية ومستقلة وقائمة على فصل الدين عن الدولة.
نحن نعتقد أن خلاص المجتمع من الغلاء، والفقر، والبطالة، والسكن في الأكواخ، وشح المياه، والكوارث البيئية، يمكن تحقيقه. ولكن قبل كل شيء يجب استعادة الحقوق السياسية وبالتحديد حق سيادة الشعب الإيراني. وهذا هو طلب مقاومتنا والفلسفة الوجودية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
(كلمة مريم رجوي في اجتماع حاشد للمقاومة الإيرانية في باريس 30 يونيو 2018)
لا لنظام الشاه ولا لنظام الملالي
أساس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنذ اليوم الأول كان قائمًا على مبدأ «لا للشاه ولا للملالي». هذا الخط الأحمر الصارم «لا للشاه ولا للملالي» يعني رفض أنظمة قائمة على التعذيب والقتل والنهب وبيع الوطن وسلب حقوق الشعب.
ومقابل ديكتاتوريتي الشاه والملالي، قام المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية على مبدأ الحريات وحكم الشعب. أي:
قرار آحاد المواطنين واختيارهم الحر، الحرية والديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، والحكم الذاتي للقوميات، وحقوق الإنسان، ومشاركة الشعب في تقرير مصيره، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية وكذلك التضامن الوطني.
خلال قرن مضى كان هناك تياران أساسيان قد ظهرا وتطورا جنبًا إلى جنب:
التيار الأول، نظام استبدادي بامتياز كان نظام الشاه ونظام الملالي متعاونين في تأسيسه رغم الاختلاف الجوهري الكبير بينهما، والتيار الثاني إقامة بديل من داخل جبهة الشعب ومن أجل حكم الشعب وقرار الجمهور. هذه هي خلاصة التاريخ السياسي لمئة عام من تاريخ إيران الأخير.
مراجعة هذا التاريخ، تعطينا نتيجة مهمة أخرى أيضًا:
أن انموذج نظام الشاه وهو انموذج التبعية والاستبداد، قد مني بالفشل. كما أن انموذج ولاية الفقيه الذي يمثل الاستبداد الديني، هو الآخر قد باء بالفشل. استبداد رضا خان (أبا الشاه) الحالك لم يحرك ساكنًا عندما احتل الحلفاء إيران [خلال الحرب العالمية الثانية]، كما أن ديكتاتورية نجله مهدت الطريق لمجيء حكم نظام كهنوتي في إيران، ودمّر خميني إيران بمواصلة الحرب لمدة 8 سنوات وبهيسترية إبادة الجيل والمجازر، كما أغرق خامنئي البلاد في الحروب الإقليمية وفي أعمال القمع والجوع والمرض.
إذن، مني المثالان بالفشل والحل يكمن في هذا المجلس الذي نهض من رفض التبعية والاستبداد الديني. كل هذه الملفات كان مادة النضال بيننا وبين النظام الكنهوتي الحاكم منذ بداية حكم خميني ولحد اليوم.
(كلمة مريم رجوي في اجتماعات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية خلال ثلاثة أيام 26 يوليو 2020)
تواطؤ نظام الشاه مع نظام الملالي في إقامة الاستبداد والاضطهاد في تاريخ إيران
اولئك الذين يصوّرون الثورة ضد الشاه كأنه يماثل حكم خميني البغيض، فهم يحرّفون التاريخ. إنهم يتجاهلون حقيقة الثورة. ويصوّرون كما لو أن تاريخ إيران قد تم تلخيصه في الديكتاتوريات والحكومات الاستبدادية المطلقة.
ولكن ألم يكن للناس وممثليهم الحقيقيين أي وجود في هذا التاريخ؟ ألم يكن حضور لأبنائهم الثوريين؟ أليس لدى هذه الأمة حركة وقوى ثورية وبديل لنفسها، وكل ما كان، إما كان الملك أو الملالي؟
ما هي الحقيقة؟
الحقيقة هي أن خميني وخامنئي هما الورثة الحقيقيون للشاه. إنهما حصيلة الخطأ الكبير في سياسات الدول الغربية التي قامت بالانقلاب على الحكومة الوطنية للدكتور مصدق الفقيد وأغلقت الطريق على القوى والاتجاهات الوطنية والديمقراطية وفتحت الطريق في المقابل على بديل رجعي. هذا النظام هو حصيلة قمع الحركات الثورية من قبل الشاه الخائن. بحيث ظهر خميني نتيجة الفراغ الناجم عن هذا القمع. تاريخ إيران شهد دومًا أن الشاه والملالي كانوا يعملون بالتنسيق معًا في تكريس الاستبداد والاضطهاد وفي نهب الناس المغلوب على أمرهم.
واليوم ، نرى، من جهة، أن محترفي التعذيب والمظاهر الفاسدة للديكتاتورية السابقة أصبحوا من بين خدام النظام. ومن جهة أخرى، أصبح مرتزقة الملالي، مروجين لنظام الشاه المقبور، لكي يوحوا بأن في إيران لابد أن يحكم إما الشاه، أو ولاية الملالي، وليس هناك مجال للديمقراطية وحكم الشعب.