د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):
استبسال وحدات المقاومة قَلَبَ المفاهيم وجَعَلَ انتصار الثورة الإيرانية قاب قوسين أو أدنى
لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية جذور عميقة في المجتمع الإيراني، وهو ما أتاح لها الفرصة في تكوين وحدات المقاومة منذ 9 سنوات لقيادة الانتفاضة، وبدأت وحدات المقاومة في إنجاز مهامها الوطنية بجميع أنحاء البلاد، ولعبت دوراً مهماً إلى حدٍ بعيد في انتفاضتي 2017 و 2019، ويتميز دورها في الانتفاضة الحالية بإنجاز مهام متعددة أكثر أهمية وصعوبة، وتمارس نشاطها الثوري على نطاق واسع، حيث تقوم بنشر شعارات مناهضة لخامنئي في شوارع كل مدينة وقرية، ويتمتع أفرادها بالخبرة في القتال والإستعداد للتضحية ودفع ثمن النضال من القيم والأهداف المنظورة، لذا لعبت وحدات المقاومة دوراً مهماً في كسر جدار الخوف والقمع، من خلال إحراق ملصقات وتماثيل مسؤولي نظام الملالي، من أمثال خامنئي وقاسم سليماني، وغيرهما من رموز هذا النظام الفاشي، واستهداف مراكز تابعة لقوات حرس وبسيج نظام الملالي، وتصعيد العمليات الإلكترونية للسيطرة على هيئة الإذاعة والتلفزة التابعة للنظام، والكشف عن معلومات حول تنظيم السجون، وتوضيح نقاط ضعف هذا النظام والتأكيد على سيادة الشعب، هذا ويشارك الآلاف من أبطال وحدات المقاومة رجالاً ونساءاً في الموتمر السنوي للمقاومة الإيرانية؛ عبر الإنترنت من داخل البلاد ليعبِّروا عن حماسهم وصمودهم، ويجددوا العهد مع أبناء الوطن والمقاومة الإيرانية على مواصلة النضال من أجل الحرية مهما كان الثمن، وبناءاً عليه يمكن القول بأن وحدات المقاومة هي المحرك الرئيسي للانتفاضة الحالية في جميع أرجاء إيران، وأن الدور الحاسم الذي تلعبه وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية في تصعيد الانتفاضة الحالية واستمرارها؛ وقيادتها على أرضية الشارع باستبسال منقطع النظير على غرار طريقة مجاهدي خلق ونهجهم في النضال؛ ويُعتبر ذلك أحد أسباب ديناميكية هذه الانتفاضة واستمرارها لهذه الفترة الطويلة.
وتجدر الإشارة إلى أن وحدات المقاومة قد استبسلت ونجحت أثناء جائحة كورونا في الحفاظ على روح المقاومة والاحتجاج بإضرام النار في رموز الحكومة، وازداد عدد وحدات المقاومة بنسبة 500 في المائة، وأنها تلعب دوراً كبيراً في نشر ثقافة المقاومة بين الشباب خلال الانتفاضة الحالية، هذا وتُشتت وحدات المقاومة تمركز القوى القمعية من خلال تنظيم احتجاجات محلية في كل منطقة أو حي وتشكيل معاقل للمقاومة في مختلف المدن، كما تصدَّت وحدات المقاومة للقوات القمعية ونفَّذت أكثر من 1500 عملية لتمهيد الطريق لاندلاع الانتفاضة حيث قامت بإضرام النار في العديد من المراكز الحكومية، وأغلقت طرق إمداد القوات القمعية، وقامت وحدات المقاومة أثناء الانتفاضة بتنفيذ أكثر من 4000 نشاط آخر كان من بينها تركيب رسوم ضوئية كبيرة، وإعلانات دعائية فى الشوارع، وتركيب لافتات وملصقات وكتابة شعارات كبيرة مناهضة للنظام الإيراني، ودفعت وحدات المقاومة ثمناً باهظاً في التصدي لقوات حرس نظام الملالي والبسيج والشرطة وبلطجية نظام الملالي من أجل استمرار الانتفاضة ؛ حيث تم إصابة المئات من أفرادها واعتقال الآلاف أيضاً.
والجدير بالذكر أن استبسال وحدات المقاومة كما تمت الإشارة إليه أعلاه؛ قد قَلَبَ المفاهيم محلياً ودولياً رأساً على عقب، وجَعَلَ انتصار الثورة قاب قوسين أو أدنى، وتتجلى ثمار هذا الاستبسال فيما يلي:
- اجتياز نقطة انعطاف تاريخية مع تبدد خوف المواطنين من قوات نظام الملالي القمعية، والوصول إلى نقطة اللاعودة.
- أصبح خامنئي أكثر ضعفاً بشكل غير مسبوق؛ نظراً لأن المواطنين يرددون هتاف "الموت لخامنئي" في كل ركن من أركان البلاد.
- كسر حواجز الخوف لدى أفراد الشعب، وكسر هيبة نظام الملالي في عيون الشعب، وجْعْلْ من انتصار الثورة الوطنية أمراً ممكناً بل وبات قاب قوسين أو أدنى؛ نتيجة لنجاح وحدات المقاومة في توسيع نطاق الانتفاضة وتشجيع المزيد من المواطنين على المشاركة فيها دون خوف من تكثيف عمليات الاعتقال.
- قيادة وحدات المقاومة للانتفاضة وحِدّةِ توجهاتها لم تمنح الفرصة لنظام الملالي لإحاكة المؤامرات لعرقلة مسار الانتفاضة.
- توحيد أبناء الوطن بشكل غير مسبوق مرددين في صوت واحد هتافات "الموت لخامنئي" و "الموت للدكتاتور".
- انتاب قوات حرس نظام الملالي الهلع والقلق من تكثيف وحدات المقاومة لأنشطتها، ومن بينها تجنيد شباب البلاد وضمهم لمجاهدي خلق.
- عجز نظام الملالي عن احتواء الانتفاضة الحالية التي تأججت اعتباراً من 16 سبتمبر 2022 حتى الآن، وسرعان ما تحولت إلى دعوة عالمية للإطاحة بهذا النظام المتوحِّش.
- لن تعود الأوضاع إلى ما قبل سبتمبر 2022 وإلى التوازن السابق، ولن يتمكن النظام من التعافي من أعباء هذه الانتفاضة.
- التزم العديد من الملالي الذين دعموا خامنئي في الأزمات؛ الصمت نتيجة لضعفه، وتجرأ بعض الملالي الذين كانوا ملتزمين الصمت على الاحتجاج ضد خامنئي.
- فشل قوات حرس نظام الملالي في احتواء الانتفاضة مما أثر بشدة على المعنويات المنخفضة جداً للقوى القمعية خوفاً من انفجار بركان غضب المواطنين.
- تراجع عدد قوات البسيج المستعدون للمشاركة في قمع الاحتجاجات مما أجبر قوة البسيج الإرهابية على اللجوء إلى تجنيد مَن هم دون السن القانونية.
- إصدار الأوامر لقوة البسيج الإرهابية بعدم الاستعانة بالمحبطين في التصدي للاحتجاجات دفاعاً عن نظام الملالي.
- أصبح لدى وحدات المقاومة اليوم القدرة على فرض معادلات جديدة في مواجهة القوات القمعية نظراً لتمتعها بالخبرات القتالية التراكمية ؛ الأمر الذي ساهم في رفع الروح المعنوية للثوار.
- ساد التوتر والتخبط في القيادة السياسية لدرجة أنهم يهددون قوات حرس نظام الملالي، وقوات شرطة جمهورية إيران الإسلامية (ناجا) بمحاكمة عسكرية في حالة الاستقالة من الخدمة أو الامتناع عن تنفيذ الأوامر.
- شجع دوره وصمود وحدات المقامة وتواصل الانتفاضة على اتخاذ النواب البرلمانيون في كل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وإيرلندا وكندا وغيرها من الدول؛ مواقف واسعة النطاق داعمة للمقاومة الإيرانية خلال الانتفاضة الحالية ؛ آخرها مؤتمر تأييد أغلبية أعضاء مجلس النواب الأمريكي للقرار الـ 100 لدعم مطلب الشعب الإيراني في تأسيس جمهورية ديمقراطية.
- لم يعد المجتمع الدولي يعقد الأمل على استقرار نظام الملالي، وبات مقتنعا بشرعية المقاومة وبحق الشعب الإيراني في تقرير مصيره.
- جاء دعم الانتفاضة الإيرانية الحالية، وانعقاد المؤتمرات الدولية بشأنها دليلا على أن المجتمع الدولي مهتم بها، مما أصاب سياسة الاسترضاء مع نظام الملالي في مقتل، ووضع هذا النظام الفاشي تحت الضغوط محلياً ودولياً.
- أدرك العالم الفجوة الكبيرة بين الشعب ونظام الملالي بشكل غير مسبوق وبدأ ينظر إلى القضية بجدية.
وخلاصة القول هي أن محاولات نظام الملالي لإخماد الاحتجاجات والقضاء على الانتفاضة بالقمع ستبوء بالفشل؛ خاصة وأن هذا النظام الفاشي منبوذاً داخلياً وخارجياً وأصبح في حكم الميت سريرياً، ولما لا فهو نظام فاقد للشرعية المحلية والدولية.
يقف العالم الحر اليوم إلى جانب الثورة الوطنية الإيرانية الجارية ومطالب الشعب الإيراني المشروعة ؛ وممجداً للدور البطولي الباسل لوحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية على ما تقدِّمه من تضحيات في التصدي لبربرية نظام الملالي، وقلب المعادلات ليلوح الانتصار في الأفق بظهور بوادر الإطاحة بهذا النظام القروسطي والتبشير بنيل الحرية وتأسيس إيران حرة ديمقراطية.
د.سامي خاطر / أستاذ جامعي