افتتاحية حركة مجاهدي خلق:

إيران... نهب حكومي لحقوق العمال

ردت حكومة ابراهيم رئيسي على استياء العمال من نسبة زيادة اجورهم للعام الايراني الجديد ـ التي لم تتجاوز الـ 27 % ـ بالاشارة الى موافقة المجلس الأعلى للعمل على زيادة الرواتب في العام 2022 بما يفوق رواتب موظفي الدولة بنسبة  7٪،  ليفاقم منطق المنّة المستخدم في الاعلان الحكومي موجة الغضب العمالي.  

يتباهى نظام الملالي في اعلانه عن رفع أجور العمال في العام الماضي، وزيادة الـ 27٪ في العام الجديد ـ التي رفعت رواتب العمال من 4 ملايين و 170 ألف تومان إلى 5 ملايين و 308 آلاف تومان ـ ولم تدفع للعمال بعد، ويشير الى زيادة بدل السكن لكنه لا يتطرق الى حقيقة أن هذه الزيادة لا تغطي حتى 10٪ من ارتفاع الكلف.  

يقدم تلكؤ النظام في دفع الزيادة الضئيلة التي أقرها مثالا اخر على سياسة النهب المستمر من جيوب العمال والكادحين في ايران، ففي الوقت الذي يسرق هذه الزيادة ترتفع أسعار المواد الأساسية، حيث قفز سعر كيلو الدجاج من 70 ألف تومان في العام الماضي ليصل إلى 84 ألف تومان، وارتفعت اجور سيارات الأجرة والحافلات في طهران بنسبة 40٪.  

لا يوجد تفسير للتلكؤ في دفع زيادة رواتب العمال خلال الشهرين الأولين من العام، سوى انه من اعمال النشل الشبيهة بالاجراءات اللصوصية التي قام بها النظام حين أجل دفع رواتب المعلمين في شهر مارس، وقدم وزير التربية كبش فداء للتستر على إفلاس الحكومة.  

تأتي هذه الممارسات لتدلل على رغبة نظام الملالي في التغلب على إفلاس حكومة رئيسي وتوفير كلف أعمال القمع التي يمارسها خامنئي وآلة الإرهاب من خلال سرقة أجور العمال وسلب ما تبقى على موائد عوائلهم.  

وفي المقابل ارتفعت رواتب المرتزقة في اجهزة القمع بأكثر من 50٪، بالإضافة إلى مكافآتهم الكبيرة، كما  اكد رئيسي خلال خطابه في يوم القدس الذي صادف 14 ابريل الجاري على الاستمرار في زيادة مدفوعات النظام للجماعات الإرهابية في المنطقة، واصراره على مواصلة دعم  ما يصفه بجبهة المقاومة.  

تنذر الصعوبات التي يواجهها الملالي في تعاملهم مع هذا الملف بعواقب وخيمة على نظامهم، فهم غير قادرين على  تمرير الاعيبهم على وعي العمال الذين تعترف وسائل الاعلام الرسمية بان الحياة باتت مستحيلة عليهم، او مواجهة الغضب العمالي المتزايد، في الوقت الذي يحذر خبراء النظام من جيش الجياع الذي لم ينزل الى الميدان بعد.  

اجبر تسارع الاحداث التي تشهدها ايران اوساط نظام الملالي على تداول احتمالات حدوث تحولات قريبة في البلاد، واجراء مقاربات بين مسار تطورات العقود الماضية وما حدث في الغرب، الامر الذي ظهر واضحا في مقالات تنشرها وسائل الاعلام الحكومية.    

جاء في مقالة بعنوان “سمة الحركة التي تميز المجتمع الإيراني” نشرتها صحيفة “شرق” ان المجتمع الإيراني أحد المجتمعات غير الأوروبية التي لها تاريخ وتقاليد قوية للتحول ـ تشكلت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حول محوري محاربة النفوذ الأجنبي والاستبداد الداخلي ـ مع اشارة الى بدء التحول في وقت أبكر من المجتمعات الأخرى، فقد تغيرت السلطة 5 مرات على الاقل في السنوات الـ 150 الماضية.  

انتقلت السلطة خلال هذه السنوات من مطلق إلى دستوري، ثم من دستوري إلى مطلق، تلاها التحول من مطلق للحكومة الوطنية، ومن حكومة وطنية إلى مطلقة فيما بعد، لتصل الامور الى الانهيار المطلق وظهور الجمهورية الإسلامية.  

اللافت للنظر في المقالة ان المجتمع الإيراني شهد تغييرات ضخمة، اتسمت بالديناميكية التي تعززت في العقود القليلة الماضية، ويخلص الكاتب  إلى ضرورة ان تولي السلطة السياسية اهتمامًا حقيقيًا بمطالب المجتمع، كي لا تنتهي الى ما انتهت اليه الدكتاتوريات السابقة.  

جاء في تقرير نشرته الصحيفة في وقت سابق انه إذا تم تجاهل إدارة أزمة فردية أو اجتماعية يمكن تصور ثلاث مراحل على رد فعل الفرد أو المجتمع، المعاناة والاضطراب، التعب والغضب، والتمرد” مع التاكيد على دخول المجتمع الإيراني الى مرحلة التمرد، والدعوة الى الانتباه لابعاد ونتائج الازمة.  

نقلت صحيفة ستارة صبح عن الخبير الحكومي قرايي مقدم تساؤله حول جدوى نهج القمع والتشدد الذي اتبعه قادة النظام وخاصة خامنئي بشكل هستيري لحل المشكلات في بداية الثورة، لافتراض ان تكون هذه الوسائل مجدية مع الشباب في الوقت الراهن، كما اكدت الصحيفة نقلا عن مقدم استحالة عودة المجتمع الى ما قبل 6 اشهر وضرورة تغيير صناع القرار طريقة ادارتهم للاوضاع.  

تسقط تحليلات ودعوات المتعاطفين مع النظام من اعتباراتها غياب رغبة صناع السياسة في التغيير او عدم قدرتهم على ذلك، لاخفاء حقيقة عدم امكانية اصلاح استبداد ولاية الفقيه القادم من العصور الوسطى، وخوفه من انهيار حتمي في حال ابداء اقل قدر من المرونة، وفي المقابل كان المجتمع النشط والثوري في إيران والمقاومة الإيرانية سباقا ورائدا في الرد  على الديكتاتوريات العاجزة على مدى الـ 150 عاما الماضية، وقال بصوت عال ان “النار هي الرد على النار” و “سنقاتل ونموت لنستعيد إيران”.