عائشة الحسنات تكتب لـ(اليوم الثامن):
من يتحمل مسؤولية المخدرات المُسربة إلى بلادنا وكُلفة مكافحتنا لها وللتهديدات الأمنية
غياب سيادةٍ، وسلطة ميليشيات على الحدود في الجوار، وحرب غير مباشرة مريرة موجهة ضد الأدرن أرضه وشعبه وقيادته، حربٌ موجهة لهدم الدولة والمجتمع، ولا زلنا نتحمل تبعاتها إلى اليوم على الرغم من المستجدات السياسية الخلاقة القائمة التي يتبناها الأردن مقدما التضحيات في سبيل إنضاجها وإيصالها إلى مرتبة النجاح المطلوبة خيرا للجميع ولمن عادانا قبلنا.، فهل نجد من يتحمل المسؤولية ويحمي الحدود والسيادة وقيم الجوار في الجوار الذي لا يكترث لتهديد أمننا وإهلاك مجتمعنا بالمخدرات والضغوط؟ أم سيبقى الوضع على حاله!!!
قد تكون الحرب المباشرة الدائرة بمنطقة معينة في بعض الأحيان أهون بكثير من حرب الإستنزاف التي تسهدف دولة ما وشعب ما من كل حدب وصوب، وما أصعب أن تضع دولة محدودة الموارد الإقتصادية كالأردن قواتها المسلحة في أهبة دائمة وإنذار متواصل على الحدود لمكافحة الخروقات الامنية والتسلل والتهريب بكافة أنواعه وفي مقدمته تهريب المخدرات والسلاح، وتضع قواتها الأمنية وأجهزتها الإدارية والقضائية على نفس الأهبة من الإستعداد لمكافحة المخدرات في الداخل، ولم يمضي يوما إلا وكشفت فيه قواتنا على الحدود وفي الداخل عمليات تهريب ضخمة أو أوكارا للمهربين أو عمليات ترويج تبين أن حرب المخدرات الموجهة إلى الأردن كافية لهدم بلدان كبيرة مجتمعة، كما تبين أن قوات الأردن المسلحة باتت السد الواقي إلى حد كبير لتدفق هذه المخدرات إلى دول الجوار، كما تكتشف عمليات المكافحة هذه من أن نوع المخدرات المتدفقة من سوريا وغيرها هي نفس أنواع المخدرات المُهربة والموجودة في الأردن والعراق والسعودية وتتنقل إلى البلدان الأخرى.
لم تنتشر ولم تُعرف هكذا أنواع من المخدرات في دول المنطقة إلا منذ هيمنة النظام الإيراني في العراق وسوريا، إذ يتم التهريب بواسطة أو بمساعدة ميليشيات موالية للنظام الإيراني تتمركز في المناطق الحدودية وتبث سمومها وتتمادى في تجاوزاتها عبر الحدود غير المنضبطة والسيادة المفقودة، وغياب الأمن الوطني المسئول.
ثِقَل كلفة المخدرات على الأسرة والمجتمع والدولة في الأردن
عدا النفقات المالية المرعبة المترتبة على حالة الإنذار والنفير التي تعيشها قواتنا المسحلة وأمننا الوطني على الحدود وفي الداخل؛ هناك أبناؤنا الشهداء الذي استُشهِدوا أثناء أداء الواجب الوطني للتصدي للخروقات الأمنية وتسلل الإرهابيين والمهربين وتهريب المخدرات والسلاح، وقد شكل ذلك عبئاً كبيراً على الأردن حكومة وشعباً، وقد كنا نتوقع في الوقت الذي تنظر فيه الحكومة والشعب الأردنيين إلى أزمات أشقائنا وجيراننا بعين التقدير والإهتمام والحرص المسئول أن ينظروا إلينا بنظرة لا تقل عن ذلك، وعلى الأقل ضبط الحدود بأعلى درجات الضبط كما تفعل قواتنا المسلحة، فلم نهدد أمن أحد ولم نمس سيادتهم ولم نهدد مجتمعاتهم؛ فلما الإصرار على تهديد أمنا ومجتمعنا؟ أو التهاون في معالجة الأضرار الناجمة عن الإعتداءات القادمة من حدودهم.
أما من ناحية الأضرار الإجتماعية والاقتصادية التي ترتبت على هذه الإعتداءات فهي أكثر بكثير من حجم ما يتم نشره عن هذه الكوارث، فالعديد من أبنائنا المُغرر بهم قد تضرروا من جراء ذلك؛ والعديد من الأسر قد فقدت أبنائها بين قتيل وسجين ومدمن ومتعاطي ومروج وتاجر وقع في قبض العدالة أو ينتظر مصيره المحتوم، وقد تم كشف الكثير من المعلومات حول هذه الإعتداءات والمخدرات ونأخذها كمجتمع وقيادة على محمل ونسخر من أجلها كل الطاقات وكلنا استعداد للتضحية من أجل مواجهة هذا العدوان وكافة التحديات فلا يختبر صبرُنا وحُلُمُنا أحد، ودماء أبنائنا غالية، ولا يمكن لنا أن نقبل بما يعيشه شعبنا من معاناة فوق طاقته وقدراته؛ وعلى المعتدين تحمل المسؤولية والتعويضات الكاملة عما لحق بالأردن من أضرار في كافة الجوانب.
مخدرات ذكية
المُدهش في هذا الأمر أن المخدرات التي تهربها الميليشيات التابعة لنظام الملالي مخدرات ذكية لا تعرف سوى العرب والحدود العربية، كما لا تعرف اسلحتهم وأطماعهم التوسعية سوى البلدان والدماء العربية.
خياراتنا ليست محدودة وقدراتنا واستعدادات شعبنا تفوق التوقعات، والأمر يجب أن لا يقف عند ضبط الحدود ودفع تعويضات عن الأضرار فحسب بل يجب ضبط الأمن الداخلي وحماية السيادة في الجوار، وقبل كل شيء مالم تكن هناك تعويضات كاملة عن تلك الأضرار والخسائر الفادحة لن يكون هناك إلتزام بالقيم القانونية وحسن الجوار بين الدول؛ واستقرار سوريا وأمنها وسيادتها وأمان شعبها واستقراره أمر يعنينا كما يعنينا أمر وطننا الأردن وشعبه، والميليشيات وسلاحها المنفلت وتجارتها للمخدرات وعدوانها على الشعوب لا تعبر عن إنتمائها لدول وإنما تعبر إنتمائها لمراكز قوى ذات نزعات عدوانية إرهابية.
ندرك أن الأمر لن يستقم بالتي هي أحسن، وقبلنا بالحوار وقدمنا بادرات حسن النوايا لكننا لم نرى ما يدعو للتفاؤل حتى الآن، والجواب على التساؤل حول من يتحمل مسؤولية المخدرات المُسربة إلى بلادنا وكُلفة مكافحتنا لها وللتهديدات الأمنية الموجهة ضدنا؛ مؤكداً أننا لن نتحملها .. نعم نحن من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ولكن لن نصبر على ذلك طويلاً، وليتحمل كلٌ مسؤولياته.. تلك المسؤوليات التي تقع بأشكالها على عاتق الدول، وإن غداً لناظره قريب.
عائشة الحسنات / نائبة برلمانية أردنية