د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

التغريد خارج السرب

شن رئيس اليمن الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد هجوما حادا على الجنوبيين، زاعما ان الحرب التي شنها تحالف نظام صنعاء – حزب علي عبدالله صالح – في حرب صيف العام 1994م كانت لتثبيت الوحدة، فيما زعم الدبلوماسي اليمني احمد علي عبدالله صالح أن دعوات الاستقلال في الجنوب، بالعنصرية والمناطقية.
وهاجم  علي ناصر الجنوبيين بشدة، زاعما أن عليهم التفريق "بين الوحدة كهدف عظيم ونبيل حققه الشعب اليمني عبر مراحل من النضال والتضحيات في سبيلها، وبين أخطاء الساسة والنّخب السياسية التي حدثت بعد تحقيقها"؛ في إشارة الى حرب صيف العام 1994م، التي ألمح الى ان البيض يتحمل جزء منها.
وقال رئيس اليمن الجنوبي السابق "إن الجنوبيين أثبتوا عجزهم عن إدراك عظمة ما تحقق، فيُحمّلون الوحدة كل تلك الأخطاء والسلبيات، ويتخذون منها ذريعة للتنصل من الوحدة، والوحدة منها براء!!!
ونحن نقول له : انه عندما يغرد البعض خارج السرب يقصد به الخروج عن الإجماع، والشذوذ عن القاعدة، والانفراد بالرأي،
وهو ما يفعله علي ناصر اليوم وهو خارج السلطة ؟!!
ومعروف أنَّ في وِحدة الجماعة الجنوبية  قوَّة، وفي التضامن والتعاضد بأس وصلابة، في حين أن الأثر السلبي هو التبعيَّة العمياء لكل رأي، والاتكالية على الآخرين، وتعطيل العقل، فما السرب إلا أحد اثنين: إما سرب عقل، أو سرب جهل.. أما الأول فهو السرب الذي يعمل البصيرة، والآخر يعميها، الأول يعين على التفكر والآخر يحرمه، الأول يشجع على الإبداع والآخر يقمعه، الأول يؤمن بالحرية والآخر يكبحها، الأول يحفز على التعلم والآخر يحض على التبعية  على أننا نقول إن هناك ثوابت لا يعد التغريد خارج السرب فيها منقبة ومزية وإنما غواية وضلالة، والثوابت هي في نظري ثلاثة: العقيدة الإيمانية، والفطرة الإنسانية، والقوانين الوضعية. فكل ما وافق هذه الثوابت الثلاث من سلوك أو أخلاق أو تصور أو أفكار تواردت في منهجية إيجابية ترمي إلى الإصلاح والتطوير واستشراف عوالم أفضل فإن التغريد فيها مشروع، أما إن كان التغريد خارج السرب لانتهاك الحريات أو أخلاقيات سامية، أو تجاوز قوانين منظمة، أو التطاول على إيمانيات راسخة فذلك ضرب من السخافة والجهل، وصنف من الرعونة والغباوة!!
ولسنا نفعل ذلك إلا لإدراكنا بأن أقواماً فينا تبغض التفكير، وتكره الإبداع، وتمقت التجديد، وتحب في المقابل التسلط، والتجهيل، كل همها أن يبقى القديم قديماً بحجة أن القديم هو الأصيل وأن كل ما يليه هو بدعة وضلالة!! حتى إنني كنت أسمع أحدهم وهو دائم الترديد لهذين البيتين:
من تردى برداء..
ما رآه لأبيه
سوف يأتيه زمان..
يتمنى الموت فيه
إننا بحاجة إلى أن "نغرد خارج السرب" إيجاباً لا سلباً في إبداع أفكار، وتغيير عادات، واستبدال مفاهيم، وتبني رؤىً وتصورات تصب جميعها في مصلحة مجتمعاتنا، وأوطاننا، وأنفسنا، بل والإنسانية جمعاء.
نعم يحق لنا أن نغرِّد خارج السرب من أجل كل ما يدفعنا لصنع مستقبل عظيم، ونهج درب مستنير، شريطة أن لا نعتدي على الثوابت الكبرى التي تخرجنا من النور إلى الظلمات -معاذ الله- فنصبح من الخاسرين أو نكون -لا قدر الله- من الأخسرين أعمالا "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا" (الكهف:104)؛ الأمر الذي يعني أن التغريد خارج السرب لا يتأتى لجاهل، ولأحمق ولطائش وإنما لمن عرف منهجه، واستبان طريقه، وأدرك عواقبه وأخيرا نقول للرئيس الأسبق علي ناصر : اتق الله في أقوالك ولا تشق الصف الجنوبي  وعد الى رشدك ولا تغرد خارج السرب الجنوبي وكفانا ما عاناه شعب الجنوب في مذبحة 13 يناير وما عاناه في  ظل "الوحدة " التي لا زلت متمسكا بها رغم أنها قد ماتت وشبعت موتا وأختم حياتك بخير بعيدا عن كراسي السلطة ويكفيك من شعب الجنوب أنه شعب متسامح وطيب وذاكرته لا تختزن الحقد  التي  زرعها حزبكم الطليعي ثم  أضاع الجمل بما حمل ولا زال شعبنا الجنوبي يدفع أثمانا باهظة لوحدتكم المشؤومة  ولا زال يعيش حياة بائسة في التيه جراء تجاربكم الفاشلة منذ عام 1963م وحتى اليوم !!
د . علوي عمر بن فريد