مهدي عقبائي يكتب لـ(اليوم الثامن):

إرتباك النظام الإيراني بشأن غزة: "الوضع لن يستمر لكنه سيستمر"

خلال اجتماع مع القادة العسكريين وقوات الباسيج، كان علي خامنئي، المرشد الأعلى للنظام الإيراني، يحاول رفع معنويات أتباعه المخلصين، وباعتماد لهجة متفاخرة واحتفالية إلى حد ما، سعى إلى إظهار القوة والانتصار في صراع غزة، قائلاً :" إن طوفان الأقصى ليس شيئاً سيتم إسكاته؛ وعليهم أن يعلموا أن هذا الوضع لن يستمر ". 
كما ذكر خامنئي أن :" الحدث التاريخي المتمثل في طوفان الأقصى استطاع بالمعنى الحقيقي للكلمة أن يعطل حسابات السياسات الأمريكية في هذه المنطقة، وإن شاء الله سيستمر هذا الطوفان وتعطل الأجندة الأمريكية ".
وعلى الرغم من النفي السابق لتورط نظامه في هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فإن هذا التهديد جعل من الواضح أن خامنئي يعترف بالدور المهم والحاسم لنظامه في الصراع المستمر وإراقة الدماء في المنطقة، علاوة على ذلك، فإن عبارة " عليهم أن يعلموا أن هذا الوضع لن يستمر " تكشف عن عدم رضاه عن الوضع الحالي. 
وبعيداً عن محاولة التعبير عن النصر، فإن تصريحات خامنئي تحتوي أيضاً على تناقضات، وفي حين تعهد بأن الوضع " لن يستمر " ، أعرب في الوقت نفسه عن رغبته في أن " يستمر إن شاء الله ".
وينبع هذا التناقض من ارتباكه إزاء الأوضاع الإقليمية وتطورات حرب غزة، مما يسلط الضوء على الأزمات التي يواجهها نظامه، بالإضافة إلى ذلك، أظهر خامنئي قسوة من خلال التعبير علناً عن رغبته في الوضع المأساوي في غزة، والذي أسفر عن عشرات الآلاف من الضحايا، وما يقرب من مليوني لاجئ، ومدينة مدمرة.
ومع ذلك، أعاد المرشد الأعلى للنظام توجيه انتباهه إلى السياق الإقليمي والفلسطيني، فتعمق في "حل القضية الفلسطينية" ودعا مرة أخرى إلى "استفتاء على جميع الأراضي الفلسطينية"، مما قوض علانية حل الدولتين، وقد سلطت هذه الخطوة الضوء بشكل أكبر على عزلة نظامه، ووضعته في مواجهة الحكومة الفلسطينية الشرعية، والإجماع الدولي، والمؤتمر الإسلامي الأخير.
وفي جزء آخر من خطابه، ركز خامنئي على الباسيج والدعاية، مؤكدا أن :" الباسيج على أهبة الاستعداد لمقاومة أي خطر، وأي تهديد، لتعظيم مقاومة البلاد " ، يشير هذا الكلام إلى مخاوفه بشأن المجتمع المتقلب والانتفاضة الوشيكة،
ومع ذلك، يبدو أن خطاب خامنئي حول الباسيج هو جهد دعائي أكثر من كونه تمثيلاً حقيقياً، حيث أن أداة القمع هذه تشهد تآكلاً كبيراً.
واعترف أحمد علم الهدى، وهو رجل دين رفيع المستوى مقرب من خامنئي، في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر قائلاً :" نحن نقوم بتسجيل العديد من الأشخاص في الباسيج الذين ليسوا من الباسيج ".
وقبله، أعرب غلام حسين محسني اجئي، رئيس السلطة القضائية، عن أسفه في خطاب متلفز في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، قائلاً :" ان عناصر حزب الله يسقّطون ويدمّرون بعضهم البعض " ، واعترف علناً بأن قوات الباسيج أصبحت مجزأة ومقسمة إلى فصائل.
لذلك، وعلى الرغم من محاولات خامنئي لرفع معنويات القوى التي واجهت الهجمات والسخط الشعبي في إيران لسنوات متتالية، فإنه وجد نفسه مضطرا إلى دفع ثمن سياسي لذلك، ومن خلال قيامه بذلك، كشف عن غير قصد عن تورط نظامه في أعمال إرهابية ساهمت في معاناة الناس في الشرق الأوسط.
وفي حين قد يحاول بعض الأفراد تفسير تصريحات خامنئي بشكل مختلف استنادا إلى اعتبارات سياسية قصيرة الأجل ومصالح انتخابية، يجب على القادة المسؤولين في جميع أنحاء العالم إعطاء الأولوية للتدقيق في نقاط الضعف داخل نظام خامنئي، إن تحميله المسؤولية عن دوره في المذبحة والدمار واسع النطاق في إيران وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط يجب أن يكون محور التركيز الرئيسي لأجندات السياسة الخارجية.