د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
استتباب الأمور لنظام الملالي في العراق بعد هدم الدولة العراقية؛ رأس الأفعى في إيران؟
عوامل عديدة مكنت ملالي الجهل والظلام من العراق منها أدواتها وجنودها وحلفائها من كافة المكونات العراقية على الإطلاق بما في ذلك الحزب الشيوعي العراقي والحزب الإسلامي ومشعان الجبوري والحلبوسي وغيرهم.. وأحزاب إسلامية وعلمانية كردية.. وميليشيات مسيحية وأقليات.
كان واضحا للجميع (جميع من في السوق السياسي العراقي) أن الهيمنة في العراق للأطراف ذوي العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ومن تقرب لهذه الأطراف وقبل بمستنقعها الطفيلي وتجرد أن لم يكن مجرود اساساً.. ودنى تحتها أصابه شيئاً من فتاتها أو يبقي يلهث ورائها لعله يُصيب شيئا منها، ولم يدخل هذا المستنقع إلا المتسلقة والمتردية والنطيحة وما هو أسوأ من ذلك، وما أكثر تلك النوعيات، وما أصعب الصمود في وجه ذلك المستنقع الذي اُبتُليَ به العراق وأهله، ولم ينجو منه إلا المحصنين فكرياً ومادياً وأخلاقياً.
لم تقم الفتنة الطائفية بالعراق على أيدي أبناء المجتمع العراقي بل على أيدي قوى أجنبية خبيثة في مقدمتها أفاعي الملالي والقاعدة وداعش من بعد ذلك، وقد كانت تفتعل الأزمات والجرائم لتخلق الفعل وما يترتب عليه من رد فعل حتى بدأت دوامة الدم، ولم يكن يسود الموقف سوى الخطاب الطائفي المفلس من كل الأطراف وفي جميع الأوساط وتغلب صوت ومنطق السلاح على منطق الفكر والعقل والأخلاق والإسلام الحقيقي.. لقد نحوا جميعا الإسلام الحقيقي جانباً وتخلوا عنه كونه يتعارض مع مخططاتهم ونزواتهم وتوجيهات أسيادهم من هنا وهناك.
هرول الجميع بعد عام 2009 إلى المستنقع السياسي للملالي في العراق فهو ليس أكبر مستنقعٍ فحسب بل ويحظى بمباركة دولية واسناد من بيت الكهنة وكبيرهم السامري.. ووفقاً لفكر المستنقع الذي يتوافق مع سلوكية القطيع اللاهث وراء مقتدى الصدر ومختلين آخرين فقد تمكن الملالي من اختراق قطيع الصدر وتفتيته بمساعدة أحمد الجلبي وأفراد آخرين من بين ذلك القطيع المتخبط، والكل في المستنقع قابلٌ للبيع والشراء، وبعد استلام السيادة من سلطة الإئتلاف المؤقتة في العراق أصبح الإرهابي الذي كان يقاتل المحتل والأمريكان بالأمس ركيزة هامة من ركائز العملية السياسية بالعراق وجيء بمن لا وزن ولا قدر له ليمثل الطائفة السُنية العربية العراقية بسوق السياسة، وكل من قبل دخول المستنقع وافق على الدستور المسموم ورُفِضت أي محاولات لتقديم دستور وطني ولن يتم السماح إلا لدستور الوصاية الذي وُضِعَ بإشراف ومباركة أمريكية بريطانية إيرانية.
بلغ الاستهتار السياسي والوطني حده في العراق وقام 3 ملايين شخص بالغ راشد معلوم محل الإقامة من الوطنيين الشيعة العراقيين من أبناء وسط وجنوب العراق فقط بالتعبئة والتوقيع على بيان يُدين ملالي السوء ويرفضون التبعية لهم وتدخلاتهم في العراق واصفين نظام الملالي بالخنجر المسموم المغروز في خاصرة العراق والشيعة ومعلنين عن رؤية سياسية ناضجة مفادها أنه لا خلاص ولا استقرار للعراق من خطر الملالي إلا بإسقاط نظام الملالي في إيران وقيام دولة ديمقراطية تؤمن بسياسة حسن الجوار مع دول المنطقة من خلال دعم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لتتساقط بعدها أحجار الدومينو واحدا تلو الآخر في العراق والمنطقة بمجرد زوال الملالي من الوجود..؛ بعد تلك الخطوة والرؤية المبكرة الناضجة لشيعة العراق الذين لا يزالون يدفعون ثمن رفضهم للملالي وذيولهم في العراق من دماء أبنائهم لم يعد هناك مؤشر أكبر من ذلك على رفض الشعب العراقي للعملية السياسية برمتها، وتعاظمت بعدها مواقف كثيرة من هذا النوع حتى بلغت الرفض للملالي أشده وقام حِراك شعبي وطني كبير في المناطق العربية السنية العراقية الأمر الذي دفع بالملالي إلى تأسيس داعش وتوسيع نطاق الفوضى الخلاقة في العراق والاستعانة بالسامري وسائر الكهنة لتعبئة القطيع وتأسيس عصابات الحشد التي فعلت ما لم تتمكن داعش من فعله وقتلت ونكلت بالأبرياء وأعراضهم ليستتب الأمر للملالي في العراق بنهاية المطاف، ويُعاد تشكيل العملية السياسية من جديد (شيعة وسُنة وأكراد وتركمان ومسيحيين وشبك وايزيديين وغيرهم مما لا تعلمون موالين للملالي تحت قبة البرلمان اللاعراقي متقاسمين المنافع في السلطة) كل ذلك جرى ويجري بمباركة دولية اليوم جميع المناطق بالعراق وكثيرٌ من المناطق في سوريا تحت هيمنة الملالي..
كان على المجتمع الدولي وغيره أن يثبت مصداقيته فيما يتعلق بشعاراته بشأن العملية السياسية بالعراق بعد الفراغ السياسي الذي تلا الانتخابات التشريعية الماضية التي قاطعها الشعب، ولم يُفلح الكهنة في التعبئة لأجلها، ولم يتمكن المال السياسي الأسود من شراء الذمم بما يكفي للفوز، وبعد عدة إحاطات من ممثلة الأمم المتحدة في العراق ووصفها للحال وللساسة بأقبح الأوصاف وبعد أن وصف الأمريكان والغرب تلك الجماعات بالإرهابية عادوا باللصوص والجهلة والإرهابيين من جديد إلى السلطة.
الحل.. هو نفس الحل الذي جاء في بيان الـ 3 ملايين شيعي والبيانات التي تلته بشكل أكبر وأعم، وليكن دعمنا لثورة الشعب الإيراني جاداً كبيراً لسحق رأس الأفعى في إيران وتجنب توسع عملية الفتنة الكبرى في الدول العربية والشرق الأوسط، وسينكسر الظلم والظالمين في نهاية المطاف ولن يكون مصير الكهنة سوى التعليق من عمائمهم على أعمدة الكهرباء وشنق الساسة اللصوص المجرمين بأمعاء أخر الكهنة في إيران والعراق.. ادعموا هذا الحل قبل فوات الأوان.. وتبقى للحديث بقايا، وإلى عالم أفضل.
د. محمد الموسوي / كاتب عراقي