د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
ملالي السوء وإمبراطورية الكهنة العميقة
لا يقوم إصلاح إلا على اساس بيانات لقراءات وتجارب وتشخيص ونقد وجلد للذات وخلق رؤية بتجردٍ وحيادٍ تامين بغية خدمة الصالح العام صالح البلاد والعباد والخلائق، وهنا سنستخدم نموذجا من نماذج الحق الذي أُريدَ به باطل، وقد ألحق هذا النموذج ضرراً كبيراً بالمنطقة خاصة بالعراق وإيران على مدار عشرات العقود، وذلك عندما تأسست مدرسة دينية أُطلِق عليها اسم (الحوزة العلمية) ومنها كان ترسيخ مبدأ (المرجعية الدينية) التي تحولت فيما بعد إلى (إمبراطورية كهنة عميقة) تؤدي أدواراً هامة في المجتمع منها اللعب على عواطف البشر وتوجيه مساراتهم باسم الدين خدمة للسلاطين وتدريس طلبة العلم بما يضمن استمرار مدرسة هذه الإميراطورية، وجمع وكنز الأموال تحت مسميات شرعية ولا تخضع أموالهم لرقابة أو حساب، فيبدأ الكاهن (المرجع الإمبراطور فقيرا) ثم ترى على نحو مفاجئ أبنائه وأحفاده وذويه في عهده أو من بعده من علية القوم وأصحاب رؤوس الأموال، وقد يدعون أحياناً بملكية جزء أو كُل من أماكن عامة أو أصبحت عامة فيطالبون باستعادتها مثلما فعل حفيد المرجع الديني الأسبق محسن الحكيم عندما ادعى بأن جزءا من مقبرة النجف جزءاً من ملكية جده المرجع وطالب باستعادتها وجرفها متعدياً على أهل القبور وهم في ذمة وجيرة الله الملك العزيز الجبار، ولم تردعه عمامته ولم يردعه ادعائه بالنسب لآل بيت رسول الله الأطهار، ولم يتنازل عن ادعائه خدمة للمسلمين الذين أثروا جده بأموال الخمس حيث لم يكن في النجف أثرياء على الاطلاق فقد كانت مدفن وعمال ثم أصبحت سوقا ومدينة حول المدفن، وكانت الكوفة هي الحاضرة فمن أين لممتهني حرفة الدين والدفن أن يكونوا أثرياء إن حافظوا على تقواهم وعفتهم ونظافة أيديهم، وينطبق الحال والوصف على الغالبية العظمى منهم ولن نقول جميعهم.
لإمبراطورية الكهنة العميقة في النجف وقم المسماة بـ (المرجعية) تقاليد قديمة لا يمكن الخروج عليها على الإطلاق، فمنذ إقامة هذه الإمبراطورية السلطوية والكاهن فيها سلطة عليا على رقاب الأبرياء السذج الذي يتم ترويضهم في الإتجاه المطلوب، وليس بالضرورة أن تتوفر بالكاهن المرجع شروط المرجعية المنصوص عليها بالمذهب الجعفري الإمامي الإثنى عشري (طهارة المنبت وحسن السيرة والتقوى والجهاد وأن يكون الأعلم) ليس بالضرورة توفر هذه الشروط لطالما الأمر سلطوي وليس ديني؛ لكن الأمر يتطلب توافر التجهيزات الكهنوتية من صايةٍ وجُبة وعباءة وعمامة حتى إذا خرج على القطيع من طلبة وغيرهم أتقن سحرهم وعبث بعقولهم وأفئدتهم، والغالبية العظمى من هؤلاء لم تتوفر فيهم الشروط فعلي خامنئي على سبيل المثال أعلنوه مرجعا وولي فقيه ولم يكن الأعلم، ولم يُفتي كائنا منهم بالجهاد على الإطلاق ولم يسلم كثيراً منهم من التورط بدماء الأبرياء بشكل مباشر أو بالتستر والصمت، ونادرا ما ينهون عن منكر أو بغي وفوق هذا كله ينتظرون من يتبعهم ويقدم لهم القرابين، وأكبر القرابين المُقدمة لهؤلاء الكهنة ليست مئات مليارات الدولارات التي يعبثون بها اليوم وإنما العقول التي تقدم لهم قرابين مخدرة على مذبح رجس.
مالية إمبراطورية الكهنة
بعد مباركة الكاهن الأكبر لإحتلال العراق في عام 2003 تحولت مالية إمبراطورية الكهنة في العراق إلى مالية دولة داخل الدولة سواء في إيران التي يتربع فيها الكاهن الأكبر هناك علي خامنئي على قرابة الـ 100 مليار دولار مالية تحت تصرفه والشعب الإيراني يتضور جوعاً.. أما السامري كاهن النجف فحدث ولا حرج فإمبراطوريته تمتلك أموال ومشاريع ومداخيل العتبات المقدسة بالعراق العتبة الحيدرية والحسينية والعباسية والكاظمية والعسكرية بالإضافة إلى مخصصات تصلهم من صعاليك السلطة، وتمتلك حاشيتهم رؤوس الأموال وأفخر السيارات، وأقاربهم وذويهم يمتلكون بيوتا بعشرات الملايين من الدولارات في لندن.. في حين أن هناك مواطنين عراقيين يسكنون القبور في النجف بجوار بيت السامري الكاهن وأموال الخمس والزكاة والحقوق بمليارات الدولارات والعراقيين بشكل عام يعيشون حالة فاقةٍ شديدة، وأبناء المسلمين ايضاً يتضورون جوعاً في أروع مشاهد الظلم وأقربها غزة.. وقد تتحرك الخنازير بمواقف متعاطفة لكنهم لن يتحركوا.. وتصوروا أن كاهناً كـ علي خامنئي الذي يدعي الثورية لم يصدر فتوى جهاد إلى اليوم لأجل غزة التي غدروا بها ولن يصدر.
لا خيار أما هذه الشعوب سوى حرق الأرض وقلبها على رؤوس هؤلاء اللصوص ومدرستهم مدرسة الكهنة في النجف وقم وكاهنهم الأكبر في طهران والسامري في النجف لينقذوا أنفسهم وشعوب المنطقة من شر أفاعي السوء الحاكمة في إيران والمنطقة.. مسكين هذا الدين بات مرتعا لـ اللصوص.. الحديث طويل ومقرف، ولا تزال له بقايا.. وإلى عالم أفضل.
د.محمد الموسوي / كاتب عراقي