د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):
ماذا تعني تصريحات وزير خارجية نظام الملالي
أكاسرة طهران بلباس الدين ولسان الإدعاء يفصحون عن حقيقتهم فلم يعد هناك ما هو خفيٌ بعد تصريح عاملهم هذا والحقائق على أرض الواقع يقرأها العميان ويسمعها الصُم ...
جاءت تصريحات وزير خارجية الملالي بالوكالة هدية ما بعدها هدية لمن تغافلوا ولكي تُسمع من كان به صممُ، إذ بات بالإمكان الجزم بنوايا ملالي إيران الحقيقية فيما يتعلق بالعرب، ولم تُعد هناك حاجة لمراقبة وتتبع تحركات الملالي أو حتى بيادقهم وأداوتهم بل ما يجب ترقُبهُ هو ردود الأفعال الحقيقية على كافة المستويات وفقاً لقانون نيوتن " لكل فعل رد فعل مساوٍ له في الإقتدار ومضادُ له في الإتجاه" وإلا بعيداً عن كافة ما ننتمي إليه سيكون نيوتن كاذباً مُدعياً وهذا ما سيُغضِب الغرب ويُحزنه ولا تقبل البعض بحزن وغضب الغرب العزيز...!!!
يُصرح مسؤولو النظام الإيراني بأنهم منفتحون على الحوار مع الولايات المتحدة، لكنهم يشترطون ذلك برفع العقوبات المفروضة على نظامهم والعودة إلى الاتفاق النووي، وتأتي تصريحات وزير الخارجية الأخيرة لتؤكد على هذا الموقف، مع التركيز على قضية "حصة الملالي في المنطقة" كأحد أهم نقاط الخلاف، وتأتيهم بين الحين والآخر رشقة من مليارات الدولارات لإرضائهم والتهدئة لكن الخلاف لا يزال قائما بحسب اعترافهم على حجم الحصص فيما لا يملك أي من الطرفين وينطبق عليهم منطق وهب الأمير ما لا يملك، ومن المفاجآت التي قد تفاجئ العرب هي خروج أفعى جديدة من تحت عباءة خامنئي كأفعى خاتمي التي عبثت بحال الغرب قبل العرب ونثرت رذاذ التخدير في الأجواء وملأت خزائن البنوك بالهبات.. هذا هو منطق جديد وأكثر وضوح لعربدة الملالي بالمنطقة، ما لم تخرج لهم عصا غليظة لسحق مقاعدهم ورؤوس أفاعيهم وانتزاع أدوات المتاجرة بالدين منهم لن تكون العواقب حميدة.
ما فهمناه خلال عقود من العبث، وما هو جلي الآن يؤكد في تصريحات وزير خارجية الملالي بالوكالة على وجود قبول ضمني بين طهران وواشنطن حول أطر معينة للعلاقات، لكن محور الخلاف هو حجم التمدد الإقليمي، وهذا يعني أن ملالي إيران يسعون للحصول على اعتراف دولي بدورهم كقوة إقليمية وما يترتب على ذلك من استحقاقات في التمدد إقليمياً، وضمان حقهم في صياغة السياسات والمصالح في منطقة الشرق الأوسط، وهذه مطالب واضحة تؤكد الرغبة في الجلوس على طاولة المساومات من جديد والكل يعشق المال، ولدى ملالي إيران ما يهبونه من الملال من خزائن الشعب في إيران وخزائن الدول التي يحتلونها وفي مقدمتها العراق الذي يعاني شعبه الحقيقي من الفقر والبطالة وسوء الحال!!!
اليوم بات اللعب على المكشوف دون حياءٍ أو خجل علنا نهاراً جهاراً وعلى عينك يا تاجر؛ وذاك هو تصريح وزير خارجية النظام الإيراني حول عدم وجود خلاف من حيث المبدأ بين طهران وواشنطن، وأن الخلافات تدور حول حصة إيران في المنطقة إذ يعكس هذا التصريح الفج سوء الحال في الشرق الأوسط المترنح تحت وطأة أشد مرحلة من مراحل العلاقات الدولية قبحاً واستخفاف في عالمنا المعاصر، فقد أعادنا تصريح الوزير بالوكالة هذا إلى قرع الطبول من جديد حيث لم يعد هناك حاجة للتكهنات ولا للتحليلات بعد هذه الصراحة والوضوح المُعلن مجرداً كل التجريد مهما كانت دوافعه، ولا نعرف كيف يمكن تسميته.. وقاحة أم صراحة أم حقٌ إقليمي في تركة ليس لها أهلٌ ولا ورثة، وما أتمناه أن تكون هذه التصريحات دافعاً قويا إلى بوادر نهضة عربية أمام تبجح الملالي ووقاحتهم، ولفهم هذا التصريح وأبعاده، من الضروري استعراض السياق التاريخي والسياسي والجيوسياسي الذي يأتي فيه والنظر في تداعياته المحتملة على المستويين الإقليمي والدولي.
كيف يفسر الأمريكان تلك التصريحات وغيرها.. أليست هذه فضيحة للإدارة الأمريكية أمام شعوب المنطقة وحلفائها الإقليميين خاصة إذا استمرت الخلافات حول النفوذ الإقليمي للملالي دون حل!! هل تستطيع الإدارة الأمريكية قلب الطاولة على رؤوس الملالي!! أما ستستمر في مسار الاسترضاء والمهادنة والمناورة لطالما في ذلك ترويض للموقف العربي؟ وهل سيكف الملالي عن تأجيج الصراعات الطائفية والسياسية في كافة دول المنطقة التي يعتبرونها إما ضيعة من ضيعهم أو حديقة خلفية لهم أو امتداد لمصالحهم وحقوقهم التاريخية بما أنهم يقولون أن قورش وصل بنا إلى البحر المتوسط وها هو حزب الله يوصلنا إلى البحر المتوسط وهذا هو خطابهم الديني؟
مليارات الدولارات ينفقها الملالي تعود عليهم بالنفع في جميع الاتجاهات وتعينهم على خلق الأزمات لتمديد عمر نظامهم، واليوم تعينهم على القدرة في المضي قدما بسياسة المساومة على ما يرونه حقاً لهم حقوقهم في التمدد الإقليمي، وبالنتيجة فإن استمرار الدعم الإيراني للعصابات الشيعية المسلحة سواء كان ذلك من أموال الشعب الإيراني المنهوب أو من مال الشعب العراقي المُباح أمراً استراتيجياً بالنسبة للملالي ويحظى غالباً بمباركة أمريكية وغربية حيث القواسم المشتركة بين الملالي والأمريكان والغرب في كثيرٍ من التوجهات.
وهنا لا يبقى لنا سوى أن نقول بأن التطورات القادمة في مسار مشروع الملالي النووي وغيره هي من ستُحدد حجم نكبة العرب، وهل ستقوم لهم قائمة إن استيقظوا يوما على إيقاع إحتفالات الملالي داخل الدول العربية معلنين عن إنتاج سلاحهم النووي؟ وهنيئا لنا نحن العرب لابد أن نحتفل فقد بات ملالي الجهل في إيران رقماً!!! ويطالبون ولي النعم في واشنطن بوضوح وعلانية بحصصٍ عادلة لهم في المنطقة؛ لقد أوصلنا الملالي إلى مبتغاهم على أكتافنا واليوم يريدون تقاسمنا مع القوى العالمية كممتلكات شرعية وتاريخية لهم، ولا نعرف كيف يقرأون ويقرأ العرب التاريخ.
د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي