ماريا هاشم يكتب لـ(اليوم الثامن):

بزشكيان: هل سيُنهي صعوده "إمبراطورية" خامنئي في المنطقة؟

مع وصول بزشكيان إلى السلطة كرئيس لنظام الملالي، طرح العديد من محللي الشؤون الإيرانية السؤال: هل سيوقف بزشكيان، الذي يزعم أنه إصلاحي، تدخل نظام الملالي وإثارة الحروب في المنطقة؟

والحقيقة هي أنه في هيكل نظام ولاية الفقيه، يتم تعيين الرئيس أولاً من قبل الولي الفقيه، وثانياً، هو فقط منفذ سياسات ولاية الفقيه. كما أعلن بزشكيان نفسه أنه سينفذ خط خامنئي.

في عام 2005، كان السباق الرئاسي بين هاشمي رفسنجاني ومحمود أحمدي نجاد، وكان خامنئي يريد أن يصبح أحمدي نجاد رئيساً، ورأينا أنه قضى بسهولة على رفسنجاني، الذي كان هو نفسه السبب في أن يصبح خامنئي الولي الفقيه.

بعد مصرع إبراهيم رئيسي، اضطر خامنئي إلى انتخاب رئيس لنظامه، وفي مثل هذه الحالة، واجه خامنئي مقاطعة واسعة النطاق للانتخابات من قبل الشعب الإيراني في الداخل. لأن مقاطعة الانتخابات من قبل الشعب دليل على عدم شرعية نظام الملالي برمته كما يعكس الحالة الانفجارية التي يعيشها الشارع الإيراني.

ولهذا السبب، ومن أجل منع هذه المقاطعة الواسعة النطاق، قرر خامنئي إدخال بزشكيان في ما يسمى بالمنافسة الانتخابية من أجل تسخين الفرن الانتخابي وإلغاء المقاطعة الواسعة النطاق.

ونقلت رويترز عن سلطات داخل النظام أنه قبل يوم من الانتخابات الرئاسية حذر كبار المسؤولين للنظام خامنئي من أن 13 بالمائة فقط من الناس سيشاركون في الانتخابات الرئاسية في حال إجرائها.

لذلك، فإن صعود بزشكيان إلى السلطة هو أولاً وقبل كل شيء علامة على ضعف خامنئي الشديد محلياً ودولياً. 

بزشكيان هو أضعف عضو في عصابة النظام المهزومة، والذي تم استبعاده أيضاً في الانتخابات البرلمانية. ولكن بعد تدخل خامنئي، وافق عليه مجلس صيانة الدستور، وقال بزشكيان نفسه إن القائد قد من عليه بقبول مشاركته في الانتخابات، مما يعني أن بزشكيان عنصر آمن لخامنئي، أو على الأقل الأقل خطورة.

في مائدة مستديرة بجامعة طهران، صرح بزشكيان صراحةً بأنه مذاب ومنصهر في ولاية الفقيه، ووصف قاسم سليماني مراراً وتكراراً بأنه فخر الأمة الإيرانية.

من خلال جلب بزشكيان إلى السلطة، يريد خامنئي منع الانتفاضة محلياً بين الشعب الإيراني وشراء مساحة لالتقاط الأنفاس لنفسه على الساحة الدولية والإقليمية من خلال المناورة للتوصل إلى حل وسط مع المنطقة والغرب. لكن واقع المجتمع وطبيعة نظام الملالي يثبتان بالفعل فشل تطلعات خامنئي.

وقد أثبتت تجربة 45 عاماً من حكم نظام الملالي أن القمع الداخلي وتصدير الإرهاب والحروب إلى المنطقة كانا الآليتين الاستراتيجيتين الثابتتين لنظام الملالي للحفاظ على بقائه تماماً كما في عهد محمد خاتمي، ما يسمى بزعيم الإصلاحيين، ورغم التنازلات الواسعة للغرب، لم يحدث أي تغيير نوعي في سياسات نظام الملالي، ولم يتوقف النظام عن التدخل في المنطقة. بل على العكس من ذلك، استخدم الامتيازات والتسهيلات التي وفرها له الغرب لتوسيع مشاريعه النووية والصاروخية وتعزيز مرتزقته في المنطقة.

في ظل الغضب المتزايد لدى الجمهور الإيراني ضد نظام الملالي وإصراره على إسقاط النظام، والذي تجلى في المقاطعة الواسعة للانتخابات، فإن وصول بزشكيان سيزيد من حدة الحرب بين مختلف الفصائل على رأس النظام.

إن اشتداد الصراع على قمة النظام يعكس مناخاً مناسباً لانتفاضات واسعة النطاق وراديكالية. وهذا الوضع داخل البلاد كتب على جبين نظام الملالي، لذلك بدون شك سيضطر خامنئي إلى اللجوء إلى تدخل أكثر شمولاً وإثارة للحرب في المنطقة للسيطرة على مثل هذه الأزمات داخل حكمه.

وعلى الرغم من أنه على المدى القصير، من الممكن أن يتنازل لخداع مختلف دول المنطقة والغرب، فإن المؤشر الحقيقي هو ما إذا كان خامنئي سيتوقف عن التدخل في سوريا والعراق ولبنان واليمن وفلسطين بعد تولي بزشكيان منصبه، وما إذا كان بزشكيان مستعداً أو قادراً على سحب قوات نظام الملالي من سوريا، أو التخلي عن حزب الله في لبنان أو الحوثيين في اليمن.

الجواب واضح: نظام الملالي لن يتوقف عن شن الحرب في المنطقة ما دام في السلطة، وسيستخدم أي تنازلات وأموال يكسبها لنشر الحرب والجريمة في المنطقة.

وقالت السيدة مريم رجوي في الدورة النصفية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: في الساعات الأولى بعد إعلان نتائج هذه الانتخابات أجبر خليفة الرجعية العاجز الرئيس الجديد صراحة على اتباع طريق الجلاد إبراهيم رئيسي علنا.
بالطبع، كان بزشكيان نفسه قد أكد بالفعل أنه ذاب في ولاية الفقيه. لقد أوضح هو نفسه أن “إيماني هو أن أكون مخلصا للقائد”.