اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الكيان الصهيوني وحالة الرعب والهلع
دعونا نناقش سؤال مهم يطرح بشكل متكرر وهو: لماذا يلجأ (الكيان الصهيوني) الآن إلى التصعيد بهذه الطريقة المحفوفة بالمخاطر؟ وللاجابة على هذا التساؤل علينا ان نفهم واقع العدو الغاصب حاليا, خصوصا ان متغيرات كبيرة حدثت منذ السابع من اكتوبر الماضي, حيث كان قبل هجوم حماس يتمتع الكيان الصهيوني بثقة مفرطة بالقوة, وان على الدول العربية القبول والرضوخ بوجودهم, وان يستجدون صداقتها حتى لو استمرت بقتل الفلسطينيين وتهجيرهم, خصوصا مع هرولة دويلات الخليج للتطبيع مثل الإمارات والبحرين, وكان المسار يشير لقرب اعلان التطبيع السعودي لولا اشتعال حرب غزة وخجل السعوديون من توقيت إعلان تطبيعهم.
كان الكيان الصهيوني متيقن من انه يستطيع ضرب ايران وحلفائها باي وقت شاء, من دون اي عواقب تقريبًا أو تعويض, وهذا ناتج بسبب الدعم الذي تتمتّع به من قبل أمريكا والقوى الغربية.
ثم بين عشية وضحاها تحوّلت تلك الثقة إلى شعور عميق بالضعف, بعد الانتصار الكبير لحماس في 7 أكتوبر الذي كشف هشاشة هذا الكيان اللقيط, إنّ 7 من أكتوبر قد قلب العديد من معتقدات الصهيونية السابقة بشأن قوتها. لقد حطّم هجوم “حماس” أبسط الافتراضات عن التفوّق الصهيوني العسكري والتكنولوجي والقدرة الكبيرة على ردع خصومهم، وعن تفوقها الساحق على الكل, وقدرتها على العيش بأمان خلف الجدران والحدود المحصنة، وامكانياتها الغير محدودة على الازدهار اقتصاديًا من دون الحاجة الى اي تقدم نحو السلام مع الفلسطينيين.
فالمواطن الصهيوني اصبح يشعر بالخوف بعد اكتشاف حقيقة قوة جيشه وان ما كان يعتبره حقيقة اضحى خرافة.
· حالة الهلع داخل الكيان اللقيط
لا يمكن اخفاء حقيقة الوضع الصهيوني الداخلي, فإنّ العديد من الصهاينة الذين يدرسون أو يعملون في مجال الأمن القومي غاضبون من حكومتهم بسبب إخفاقاتها الأمنية الهائلة في السابع من أكتوبر وما بعده؛ كما أنهم غاضبون من عدم محاسبة القادة الذين فشلوا في الحفاظ على سلامة البلاد، وانعدام الثقة في الحكومة منتشر, خصوصا مع قوة ضربات حزب الله التي جعلت من شمال الكيان الصهيوني منطقة أشباح بعد أكبر عملية إجلاء للمستوطنين الصهاينة منذ 70 عاما.
وهناك تصور منتشر بين مواطني الكيان بان البائس نتنياهو ربما يطيل أمد الحرب فقط من أجل بقائه السياسي.
أصبح النوم في الملاجئ حالة يومية للمستوطنين الصهاينة بسبب الرعب من الرد الإيراني والخوف من هجمات حزب الله بل حتى الحوثيون يمثلون رعب وقلق جديد للصهاينة.
تعدد الجبهات يسبب الهلع الداخلي
خمس جبهات فعلية تتفاوت في شدتها, الاولى مع غزة, والثانية مع حزب الله, والثالثة مع الجولان وقوى المقاومة, والرابعة مع الحوثيون, والخامسة مع المقاومة العراقية, والسادسة مع إيران مباشرة, وسابعة مع الضفة الغربية, كل هذه الجبهات تسبب الهلع والقلق والغضب تحديات داخلية ملموسة للأمن القومي الصهيوني, فالجيش منتشر على جبهات متعددة، من غزة إلى الضفة الغربية إلى شمال الكيان وخارجه, وقد هدّد الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين بأنهم لن ينضموا إلى الخدمة بسبب رفض سياسات الحكومة التي جعلت من الكيان معرض للزوال في اي لحظة قد تتوسع الحرب.
ولا يمكن للحكومة الصهيونية ان تخفي ما يجري داخليا, فحاليا يواجه الجيش تهديدات غير مسبوقة من المتطرّفين المحليين، بما في ذلك من داخل صفوفه وصفوف الحكومة، في احد الحوادث التي حصلت اقتحم نشطاء وسياسيون يمينيون إحدى القواعد العسكرية الصهيونية للاحتجاج على اعتقال جنود الاحتياط المتهمين بإساءة معاملة السجناء الفلسطينيين.
ولا يمكن اخفاء حقيقة إنّ الكيان الصهيوني خسر الكثير من الدعم الدولي بسبب الخسائر الهائلة في الأرواح والدمار في غزة، وفي المنتديات القانونية في لاهاي تواجه تدقيقًا متزايدًا بسبب سلوكها في الحرب واحتلالها المستمر للضفة الغربية.
هجوم أبريل الإيراني كسر شوكتهم
مازال تاثير الضربة الايرانية في ابريل باق, مع انها حاولت اظهاره بعكس حقيقته باعتباره انتصار على ايران لانها نجحت بصد الهجوم, لكن من الواضح أنّ الكيان الصهيوني أخطأ في حساباته عندما استهدفت أفرادًا من الحرس الثوري الإسلامي في منشأة في دمشق اعتبرها الإيرانيون موقعًا دبلوماسيًا، ولم تتوقّع مثل هذا الرد غير المسبوق والضخم والمباشر الذي يشمل مئات الطائرات من دون طيار والصواريخ التي تم إطلاقها من الأراضي الإيرانية باتجاه إسرائيل.
وعلى الرغم من إعجاب الإسرائيليين بالدفاع المتطوّر والمنسّق الذي قادته الولايات المتحدة والذي صدّ الهجوم، إلا أن شيوّع صورتهم التي تعتمد على الذات بدد صورة الكيان القوي, فلولا دعم وجهود أمريكا وبريطانيا وفرنسا في اسقاط الصواريخ والطائرات المسيرة الايرانية, ومساعدة الاردن الكبيرة في صد الضربة الايرانية لحصلت كوارث كبيرة للكيان اللقيط.
وقد فرح المستوطنون الصهاينة بالرد الصهيوني على ايران الذي كان محدودا جدا, وهلعهم من من ضربات ايرانية انتقامية كبيرة قد تحرق تل ابيب وباقي مدن الكيان.
ومن وجهة نظر هؤلاء المسؤولين، لم يكن الدفاع عن الكيان الصهيوني في شهر أبريل ناجحًا بالكامل، لأنّ التحالف الدفاعي لم يمنع الهجوم في نهاية المطاف؛ فقط تمكن من تقليل الضرر