ماريا معلوف تكتب لـ(اليوم الثامن):
السعودية الدولة القائدة والقادرة على بناء مستقبل مستقر للعالم
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قرب إتمام الاتفاق التاريخي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. إنه اتفاق يُقال فيه إنه سيغير وجه المنطقة والعالم، وكيف لا يكون كذلك وهو اعتراف جديد بمكانة السعودية ودورها القيادي في المنطقة والعالم. فقد أثبتت الرياض أنها دولة قائدة وقادرة على تحقيق الاستقرار في المنطقة، وصاحبة دور مؤثر في القضايا الدولية، كما أنها تأخذ بيد اقتصاد المنطقة والعالم نحو المستقبل والتنمية المستدامة. ونعود إلى الاتفاق الذي بات توقيعه مسألة وقت، حيث كشفت مصادر مواكبة للمحادثات بين واشنطن والرياض أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي تنحى عن السباق الرئاسي لصالح نائبته كامالا هاريس، في طور وضع اللمسات النهائية والأخيرة على المعاهدة مع السعودية. وتلتزم الولايات المتحدة بموجب هذه المعاهدة بالمساعدة في الدفاع عن الرياض، كما يتضمن الاتفاق المرتقب إبرام اتفاق نووي مدني بين واشنطن والرياض، واتخاذ خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وفق ما دعت إليه الرياض، وإنهاء الحرب في غزة. وعند تحقيق بنود الاتفاق، قد نشهد انضمام السعودية إلى مبادرة السلام مع إسرائيل، حيث إن الرياض ربطت موافقتها على تطبيع العلاقات مع تل أبيب بتنفيذ بنود الاتفاق وعلى رأسها قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ضمن حدود الرابع من حزيران 1967، وإيقاف الحرب في قطاع غزة التي جعلت المنطقة على صفيح ساخن وأفقدتها الاستقرار الأمني والاقتصادي.
وفي هذا السياق، يرى بعض الباحثين والمتابعين أن تزايد حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ترك تأثيراً على حالة الاستقرار العالمي نظراً لأهميتها، وسط تنامي وتزايد أهمية دول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها القوى التي لديها نفوذ كبير ومصلحة راسخة في وجود نظام اقتصادي وسياسي عالمي يعمل بشكل جيد، وفي مقدمتها السعودية التي تتمتع بالحضور السياسي والاقتصادي الأهم في المنطقة بل وفي العالم.
ويقول أحد المتابعين إنه من شأن توقيع الاتفاق الأمني التاريخي بين الولايات المتحدة والسعودية أن يساهم في ترسيخ العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة في العالم متعدد الأقطاب، إضافة إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها الموارد والإرادة اللازمة من أجل دعم مساعي الولايات المتحدة لقيام نظام إقليمي قوي يكون حليفاً لها في عالم متغير بسرعة.
وفي هذا الإطار، كشف مصدر خليجي أن الاتفاق المرتقب تعاظمت أهميته في غضون الأشهر المنصرمة بعد موجة الجنون التي قام بها الحوثيون تحت ذريعة إسناد غزة، حيث تسببت الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر وفي مضيق باب المندب باضطراب الملاحة الدولية، ما ترك آثارًا على التجارة العالمية ناهيكم عن الشحن البحري عبر باب المندب والبحر الأحمر. خصوصًا أن التحالف الذي سارعت بريطانيا والولايات المتحدة إلى إنشائه دون تضمين أي دولة لها شواطئ على البحر الأحمر، والذي أسمته "تحالف حارس الازدهار"، فشل في كبح جنون الحوثيين، وهو ما حذرت منه السعودية فهي الأدرى بطبيعة المنطقة وكيفية حل المسألة، من خلال دعوتها إلى وقف الحرب في غزة وبالتالي سحب فتيل التوتر من يد الحوثي. كما حذرت الرياض من أن أي معالجة لا ترتكز على وقف الحرب في غزة ستظل معالجة قاصرة وغير مجدية، وبالتالي ستعرض المنطقة بأسرها إلى اضطراب سيترك تأثيره على العالم.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن استمرار اعتبار منطقة شبه الجزيرة العربية مستقرة دائماً أمر غير مضمون تماماً، خصوصًا أن السعودية لما لها من مكانة وتأثير في المنطقة تُعد حجر الزاوية في النظام العالمي، وهي التي تتعرض لمحاولات من قبل جهات خارجية وعلى رأسها إيران وأذنابها من حوثيين وإخوان مسلمين. غير أن السعودية، وفق هؤلاء المراقبين، تقف بشموخ في مواجهة تلك التحديات ولم تكتف بذلك، بل إنها تعمل من أجل إعادة الاستقرار إلى المنطقة، وهذا ما يعزز فكرة أنها دولة قائدة وقادرة ويرسخ مكانتها العالمية.
وفي سياق إبراز أهمية منطقة شبه الجزيرة العربية، كشف تقرير نُشر على موقع قناة فوكس نيوز أن السيطرة على تلك المنطقة تعني السيطرة على ما يقرب من 50% من احتياطيات النفط والغاز في العالم، وبالتالي السيطرة على أسعار النفط والغاز العالمية، والتي قد تنفجر صعوداً في حالة حدوث أي أزمة. وليس هناك دليل أفضل على النوايا الخبيثة تجاه السعودية من ما جاء على لسان أبو مهدي المهندس، الذي قُتل مع قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، عندما سُئل خلال استضافته في التلفزيون الإيراني عما إذا كان يتطلع إلى الشهادة في تحرير القدس، فأجاب: "ليس القدس، ولكن الرياض".
من هنا يكتسب السعي إلى تعزيز أمن السعودية أهمية كبرى، كون المس بأمنها مس بأمن العالم بأكمله. وهذا الأمر يجب ألا يسمح به كما يقول المراقبون لما له من تداعيات على أمن العالم، وبالتالي فإن الاتفاق التاريخي المرتقب هو اعتراف دولي بمكانة السعودية التي فرضتها بفضل حكمة قيادتها وامتلاكها رؤية استشرافية للمستقبل. إن تعزيز مكانة الرياض هو تعزيز للاستقرار في العالم، خصوصاً أن الاتفاق يأتي في سياق ما شهدته وتشهده السعودية من إصلاحات اجتماعية واقتصادية ودينية جذرية، وهي إصلاحات أكثر شمولاً من أي دولة أخرى في العصر الحديث، حيث دعمت السعودية حقوق المرأة، وهذا ساهم في تمكين المرأة ومضاعفة مشاركتها في القوى العاملة.
ونخلص إلى القول إن الولايات المتحدة تحتاج إلى حلفاء أقوياء في هذا العالم الناشئ متعدد الأقطاب، وإن قوة مثل السعودية ستكون قيمة مضافة لا يمكن تجاهلها في النظام العالمي الذي تود الولايات المتحدة العودة إلى قيادته. كما أن السعودية شريك ذو أهمية بالغة للولايات المتحدة، وبالتالي لا يمكن بناء المستقبل دون السعودية الدولة القائدة.