د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

من وراء مقتل إسماعيل هنية..؟

أن يُقتل شخص بأهمية إسماعيل هنية أحد قادة ما يسميه الملالي بالمقاومة في عقر دار النظام الإيراني وفي مناسبة الإعلان الرسمي لتعيين مسعود بزشكيان رئيساً لجمهورية الملالي أمرٌ لا يحتمل أي تبرير ولا الكثير من التأويل من حيث الزمان والمكان، وسواء تورط الملالي في ذلك أم لم يتورطوا فهم مسؤولون عن مقتله؛ فالأحداثيات الدقيقة التي اغتيل على إثرها إسماعيل تشير إلى تسرب معلومات استخبارية ليس حول مقر إقامته في ذلك المبنى الكبير فحسب بل تضمنت موقع تواجده في غرفة نومه، وهذا أمر يحتمل أن يكون التعاون الإستخباري من قبل أفراد حمايته سواء كانوا من استخبارات حرس الملالي أو من المخابرات، وبالتأك لن يعترف نظام ولاية الفقيه بحقيقة نتائج التحقيقات في هذا الأمر.

هل كان لحرس خامنئي المُخترق أساساً من قبل الموساد يد في اغتياله؟ 

الحديث عن اختراق الموساد لحرس الملالي ليس جديداً؛ فعلى مدى سنوات كانت هناك تقارير ومحاكمات داخل قيادة استخبارات الحرس تشير إلى نجاح الموساد في تنفيذ عمليات معقدة داخل إيران من بينها اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين والاستيلاء على أرشيف المشروع النووي، هذا الاختراق من المحتمل أن يمكن الموساد من الوصول إلى دوائر القرار داخل الحرس الثوري، وربما حتى داخل بيت خامنئي نفسه، ومن المنطقي أن يثير هذا الحادث العديد من التساؤلات حول الجهات المسؤولة عن اغتياله، ومنذ متى يتم التنسيق لذلك أم أنه أمرٌ طارئٌ قد دُبِر بالليل القريب خاصة بعد مقتل إبراهيم رئيسي، وتتوجه الأنظار نحو احتمالية تورط حرس خامنئي المخترق من قبل الموساد الإسرائيلي في هذه الفضيحة التي ستفتح الباب أمام العديد من التحليلات حول الدوافع والجهات التي قد تكون وراء هذا الاغتيال، خاصة في ظل وجود صراعات يمكنها أن تخلق بيئة تسهل عمليات الاختراق والتجسس، كما يمكن أن تدفع هذه الصراعات بعض الأجنحة إلى التعاون مع جهات خارجية لتحقيق أهدافها. 

هل كان محل إقامة إسماعيل هنية محلاً يليق بحماية شخص في وضعه؟ 

إذا كان محل إقامة هنية قد تعرض لاختراقات أمنية، فإن هذا يشير إلى وجود ثغرات خطيرة في النظام الأمني المتبع. قد تكون هذه الثغرات ناجمة عن فساد داخلي، وهنا يطرح السؤال نفسه: هل كان محل إقامة إسماعيل هنية يليق بحماية شخص في وضعه.. شخص يقود معركة لأجل الملالي أنفسهم ووفقاً لمخططاتهم؟ من المفترض أن يكون محل إقامة هنية في موقع آمن وصعب الوصول إليه، سواء كان ذلك في طهران أو في أي مكان آخر، كما يجب أن يكون الموقع محاطاً بتدابير أمنية مشددة تشمل الحراسة المسلحة والمراقبة التكنولوجية. وينبغي أن تشمل التدابير الأمنية الإجراءات البديلة لكن الحقيقة الجلية في هذا الجانب أنه سواء كان الأمر إهمال أو خيانة فقد تمت التضحية بإسماعيل هنية. 

هل سيسعى نظام ولاية الفقيه إلى رد يحفظ له ماء الوجه؟

ونتسائل هل سيجرؤ الملالي على القيام برد فعل يرقى لمستوى يحفظ لهم ما تبقى من كرامتهم انتقاما لإسماعيل هنية ؟

سياق الأحداث التاريخية المتعلقة بنظام الملالي تؤكد على عدم قدرة النظام الإيراني على القيام برد فعل قوي يحفظ لهم ما تبقى من كرامتهم على الرغم من حاجتهم الماسة لهذا الرد على من أجل استعادة ثقة النظام بذاته وثقة الحلفاء الإقليميين فيه، ونعود ونتساءل هل يمتلك الملالي القدرة والإرادة للقيام بهذا الرد؟ 

ختاما.. لا يمثل مقتل إسماعيل هنية في طهران فضيحة لنظام الملالي بكل المقاييس فحسب بل يمثل أيضاً تعريةً وتحدياً كبيرين للنظام الإيراني، ويتطلب الرد الانتقامي شجاعةً وقراراً حاسماً، ولكن هل سيضحي الملالي من خلال هكذا رد إن حدث بعلاقاتهم السرية التاريخية بسلطات الإحتلال في فلسطين.. هل سيضحون بتيار الإسترضاء والمهادنة الذي يدعم بقاء نظام الملالي على سدة الحكم في إيران؟ وعلى الأرجح سيتخلى الملالي عن كرامتهم كعادتهم من أجل السلطة ولن تتخطى ردود أفعالهم مجموعة من الشعارات والاستعراضات المتفق عليها مع المخرج.

  د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي