د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

ملالي إيران ليسوا عاجزين عن حماية إسماعيل هنية!!!

شهدت إيران في السنوات الأخيرة العديد من الأحداث التي سلطت الضوء على عجز ملالي إيران عن توفير الحماية اللازمة لمواطنيهم وضيوفهم سواء كانوا سياسيين أو علماء أو دبلوماسيين أو حتى زوار عاديين، ويعكس هذا العجز مدى تدهور وتهالك النظام من الداخل الأمر الذي يفتح المجال للتساؤلات حول قدرة نظام الملالي على ضمان بقائه بدون دعم غربي؛ فضلاً عن الحفاظ على سمعته الدولية.

تتعدد الأسباب التي قد تكون وراء عجز ملالي إيران عن حماية ضيوفهم ومن أبرزها: التدهور الأمني حيث تعاني إيران من تدهور كبير في الأوضاع الأمنية نتيجة للصراعات الداخلية والخارجية، وتزايد الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام والفساد داخل الأجهزة الأمنية يعقد من مهمة حفظ أمن النظام؛ إذ يعاني النظام الأمني في إيران من انتشار الفساد والمحسوبية كسائر أجهزة الدولة الأمر يؤثر سلباً على أمانة العاملين أمنياً وقدرتهم على الوفاء بواجباتهم والتصدي للمخاطر، وكذلك لعبت العزلة الدولية دورا مهما في هذا المجال نتيجة لسياسات الملالي الخارجية العدوانية، وتزيد هذه العزلة من صعوبة الحصول على الدعم والتعاون الأمني من الدول الأخرى.

العجز الواضح في حماية إسماعيل هنية حليف الملالي ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تخوض حربا ضارية بالدفع من ملالي طهران ضد قوات الإحتلال في فلسطين هو قضية تثير تساؤلات كبيرة حول قدرة وشفافية ملالي إيران بشأن توفير الأمان لشركائهم الاستراتيجيين، وتكشف عن نقاط ضعف في أجهزة الملالي الأمنية، وقد تكون هناك بعض المتغيرات التي طرأت سريعا على حماية إسماعيل هنية بما يسهل عملية القضاء عليه بهذه البساطة إذ لم تكن هذه أول زيارة لهنية وتخضع مكاتب حماس في طهران إلى حماية مشددة فكيف تم التضحية بهذه البساطة بإسماعيل هنية علما بأنه قد تعرض خلال إحدى زياراته لإيران إلى هجوم من قبل مجموعة مسلحة مجهولة، وعلى الرغم من أن الهجوم لم يسفر عن إصابات خطيرة إلا أنه أظهر ضعف التدابير الأمنية المتخذة لحمايته، وقد فسر البعض ذلك كرسالة من النظام الإيراني لهنية. 

مقتل إسماعيل هنية في طهران: مدلولات وتساؤلات

كان مقتل إسماعيل هنية في طهران بمثابة صدمة كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي، ومثل هذا الحدث فضيحة كبرى للملالي مثيراً الكثير من التساؤلات والشكوك حول مدى مصداقية ملالي إيران في حماية حلفائهم؛ بينما كان من الممكن أن يُقتل هنية في أماكن أخرى مثل قطر، العراق، غزة، أو لبنان، إلا أن مقتله في قلب طهران يحمل دلالات عديدة والتساؤلات بشأنها تتطلب إجابات قد يعجز النظام الإيراني عنها في ظل تعدد أجهزته الأمنية وتسخير موازنات ضخمة لتعزيز قدراتها؛ لكن مقتل إسماعيل هنية لا علاقة له بالقدرات بل بمسألة الشرف المهني ومتغيرات الأوضاع السياسية خاصة مع مجيء الرئيس الجديد.

ويبقى السؤال الأبرز هنا: من هو المسؤول عن مقتل إسماعيل هنية؟ هل هي بسبب خيانة من داخل النظام الإيراني بالتورط مع أجهزة استخباراتية خارجية في هذه العملية؟ 

خلاصة القول فإن مقتل إسماعيل هنية في طهران ليس مجرد حادثة عابرة بل هو حدث يحمل دلالات كبيرة حول مدى مصداقية ملالي إيران مع حلفائهم، وحول الوضع الأمني والسياسي في البلاد؛ فلم يُقتل إسماعيل هنية في قطر أو في العراق أو في غزة أو لبنان.. ولم يقتل كمقتل سليماني بل قُتِل في طهران وللفعل مدلولات كثيرة فاضحة لنظام ولاية الفقيه، ولابد من الإجابة على ما يثيره الحدث من تساؤلات لكشف الحقائق وفضح المستور داخل نظام الأفاعي في إيران! 

د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي