مصطفى النعيمي يكتب لـ(اليوم الثامن):
أساسيات المأزق الإيراني: نظام يتحدى التغيير في مواجهة الأزمات
في الدكتاتوريات، تتراكم الجروح، وتتكرر المصطلحات المستخدمة لوصفها في الخطاب السياسي باستمرار.
إن التفسير الأساسي والمجرب منذ زمن طويل لبؤس نظام الملالي الحاكم يكمن في جموده البنيوي وعقيدته الإيديولوجية. والجرح الذي يُشار إليه كمصطلح أو عبارة متكررة في تحليل هذا النظام طوال عمره هو مبدأ ولاية الفقيه والجمود الذي يجلبه. وهذا الجرح، باعتباره طريقاً مسدوداً لأي حركة أو تحديث أو تصويت أو تغيير أو إصلاح، لن يلتئم أبداً إلا إذا جاءت ضربة حاسمة من الخارج في شكل انتفاضة وثورة.
والحقيقة أن المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي، أكثر من أي شخص آخر، يعرف ويشعر بالبؤس الذي وقع فيه نظامه؛ وإذا حاول تغيير أي جانب، فلن يؤدي ذلك إلا إلى الانهيار الداخلي والضربة الخارجية القاتلة.
ويقف النظام الديني ويتكئ على دعامتين ملطختين بالدماء تم بناؤهما من خلال أقصى قدر من الجريمة وأقصى قدر من النهب: السياسة والاقتصاد - وهما الأساسان اللذان يحددان الحكومات وسجلان يشيران إلى طبيعة العلاقة بين الدولة والشعب.
أساس الجمود السياسي
لا يحدث شيء في النظام يتعارض مع إرادة ورأي المرشد الأعلى. يجب أن تتوافق السلطة القضائية والبرلمان ونظام التعليم والحرس الثوري وقوات الشرطة والسياسة الخارجية ووزارة الثقافة ووزارة الاستخبارات وأي مشاركة في الدورة السياسية داخل هذا النظام مع موقف المرشد الأعلى. أي من هذه المؤسسات يمكن لخامنئي محاولة إصلاحها نحو التوسع؟ إن أول لبنة للتغيير في أي من هذه المؤسسات من شأنها أن تؤدي إلى انهيار الهيكل بأكمله.
يجب على الحكومة، التي من المفترض أن تكون منفذة الدستور، أن تظهر أولاً وقبل كل شيء الخضوع المطلق للمرشد الأعلى. لذلك، فإن الانتخابات والتصويت هما الجانبان الأكثر سخافة في مثل هذا الهيكل. ونتيجة لذلك، فإن الرئيس هو نتاج عرض هزلي لا يمكن أن يجلب أي تغيير في الصلابة التأسيسية للنظام.
ما هو البؤس الأكبر الذي قد يعاني منه خامنئي من هذا الجمود الذي لا يمكن التغلب عليه؟ مهما كان العرض الذي يلجأ إليه، فإنه سيعود دائمًا من أفراح العرض السطحية، فقط ليواجه هذا الجدار ويضطر إلى شد أحزمة التصلب أكثر فأكثر.
أساس الجمود الاقتصادي
في الأساس، فإن الاتجاه الأساسي لإنفاق أي دخل وتوليد رأس مال كبير في إيران هو حماية بنية النظام وتعزيز المؤسسات العسكرية والوكلاء الأجانب، وكل ذلك للحفاظ على النظام. والنتيجة المادية والملموسة لهذه السياسة الاقتصادية واضحة يوميًا في الشوارع، حيث يسمع المرء صرخات العدالة الاقتصادية والاجتماعية من مختلف الفئات والطبقات. لماذا يتجاهل خامنئي هذه الصرخات ولا يخاطب أبدًا احتجاجات ومطالب هذه المجموعات في اجتماعات مع جمهور نظامه المخلص؟ لماذا، على الرغم من الحكومات المتغيرة، لا يحدث أي تغيير في الوضع الاقتصادي، وتزداد عقدة الأزمة الاقتصادية الكبرى شدًا؟
والسبب هو أن السياسات الاقتصادية للنظام، على غرار سياساته، لابد أن تتوافق تماماً مع رغبات المرشد الأعلى ومراكز القوة في النظام.
فهل هناك بؤس أعظم في الاقتصاد من أن تتمكن دولة من توليد رأس المال باستمرار، في حين يعجز النظام عن فعل أي شيء من أجل الشعب، ولا يترك أي مخرج سوى الإنفاق للحفاظ على النظام؟
هذه هي الفخاخ التي صنعها النظام بنفسه. وهذه هي الأزمات التي لا علاج لها بين مصالح السلطة والطبقة الحاكمة ومطالب الشعب الإيراني. والنظام في حالة من الجمود والجمود المتكرر، والشعب أصبح أكثر تصميماً على تحقيق مطالبه بالحق في الحياة والحرية. أما مسعود بزشكيان، الذي تولى حالياً دور رئيس النظام الأحمق، فقد جاء متأخراً للغاية، وتصرفه هذا لا يؤدي إلا إلى تعزيز تصميم أغلب الشعب الإيراني على الإطاحة بالنظام.