ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):
واسقطت دمشق!
سارع الغرب الى اسقاط مصر عسكريا عبر حروب عديدة اخرها 1973 , لكنه لم يفلح في ثني الإرادة المصرية عن القيام بدورها العروبي ,وجدوا ضالتهم في السادات, فكانت اتفاقية كامب ديفيد المذلة التي حيّدت مصر عن المعركة المصيرية, واصبح لا يعنيه امر الامة,حروب غزة التي تقع على حدودها لم تحرك في قادة مصر النخوة ونصرة اخوانهم الفلسطينيين , للأسف الشديد قادة مصر ساهموا في انفتاح عديد الانظمة العربية على الصهاينة فتوالت عمليات التطبيع حتى شملت غالبية الدول العربية. بعيد اتفاقية كامب ديفيد لم تعد هناك حروب بين العرب مجتمعين والصهاينة, ولان سوريا لم توقع مع الصهاينة فالصهاينة لم تستتب امورهم واتضح للجميع "لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا"
كشفت حرب غزة الاخيرة مدى تخاذل الانظمة وانصياعها للإملاءات الامريكية والتفريط بحق الشعب الفلسطيني في الحياة فوق ارضة بعزة وكرامة, رئيس مجلس الاعيان الاردني صرح مؤخرا انه لا يمكن للمملكة ان تنتحر بسبب القضية الفلسطينية ,تصريحه اعاد لنا مشاهد ايلول الاسود في الاردن.
تم اسقاط بغداد التي شكل حاكمها مصدر تهديد لأمن الصهاينة, بتدخل غربي صليبي بمشاركة بعض الانظمة العربية, ولاحقا سقطت طرابلس الغرب التي سخرت كل امكانياتها من اجل قومية المعركة, سقطت ايضا بتدخل غربي عربي مشترك وقد نبه زعيمها الرؤساء والملوك العرب المجتمعين في دمشق بان قطار الموت يزحف نحوهم بسرعة وسيجتهم ان لم يتهيؤوا لذلك وللأسف غالبيتهم انتبتهم هستيريا من الضحك ,كانوا يعتبرون كلامه هراء .
في الجولة الاولى من المخطط الصهيوامريكي قاومت دمشق لأكثر من ست سنوات ودحرت الاعداء بفعل بعض الأشقاء والأصدقاء, لكن الهجمة شرسة,فسقطت مضرجة بدماء الشرفاء من ابنائها على ايدي تتار العصر الحديث الذين اتخذوا من الدين الاسلامي ساترا لهم بدعم القوى الغربية والاقليمية, بالأخص تركيا التي فتحت حدودها امام التكفيريين سانداهم بكل شيء ليعيثوا في البلاد فسادا, فلم يسلم البشر والحجر.
اردوغان ومن هم على شاكلته من الاتراك لا يزالون يحقدون على السوريين, لانهم سارعوا الى الاستقلال عن تركيا التي احتلتهم لقرون, واقامت تركيا المشانق واستعملت الخوازيق (استعملها الاتراك في كافة الاقطار العربية التي احتلوها), كما قامت بأعمال التنكيل بالشرفاء من ابناء سوريا, ورغم ان الاتراك اقتطعوا بعضا من اجزاء سوريا (الاسكندرونه) وتم ضمها, الا انهم يسعون منذ امد الى ضم المزيد من الاراضي بالشمال السوري وربما بعض الاراضي العراقية لإعادة احياء إمبراطورتيهم سيئة الذكر.
بقدرة قادر يتحول الجولاني (زعيم جبهة النصرة)الذي كان يصنف بانه من الارهابيين , من التطرف الى البراغماتية, يجمّلون صورته بانه ثائر ضد الظلم والعبودية, ويتغير اسم الحركة الى هيئة تحرير الشام ويعد السوريين بالأمن والاستقرار.
صحيح ان النظام السوري لم يطلق رصاصة واحدة على العدو منذ حرب تشرين العام 1973 لكنه لم يوقع اتفاقية استسلام مع العدو لأنه طالب بان يكون السلام شاملا ليعم فلسطين ايضا.
يعيبون او يلومون الجيش السوري بانه استسلم سريعا, ويتجاهلون صموده الاسطوري على مدى 13 عاما, فما تشهده سوريا هي حرب كونية بامتياز, لأجل تركيع كل مناد بوحدة العرب والمسلمين من اجل الحفاظ على امن الكيان الدخيل المغتصب لفلسطين.
بالأمس سقطت قاهرة المعز لدين الله الفاطمي ,اتبعها سقوط بغداد وطرابلس العرب ,وفي الجولة الثانية سقطت غزة وبيروت, واليوم دمشق وغدا ان استمر العرب على هذا الحال ستسقط بقية الدول رغم انها تقيم اوثق العلاقات مع العدو, وبالأخص الدوحة التي يقول اميرها بان بشار لم يتصالح مع شعبه, ترى هل امير قطر متصالح مع شعبه؟ لقد قرانا وتابعنا تصريحات حمد بن جاسم عن دفع المليارات من اجل انشقاق العسكر والمسؤولين في سوريا لأسقاط النظام ,نظام تكالب عليه العرب والعجم يدل على انه كان غصة في حلوقهم.
سقطت دمشق لان رئيسها لم يقبل التطبيع مع اردوغان دون شروط بل طالبه بان يسحب قواته من شمال سوريا او التعهد بالانسحاب وفق جدول زمني.. وذاك لم يعجب السلطان العثماني فامر التشكيلات التكفيرية بالتحرك والاستيلاء على الشمال السوري واسقاط النظام.
نقول لبعض الشامتين بسقوط دمشق ,هل تحسنت الاوضاع الاقتصادية والامنية في العراق رغم مرور 20 عاما, ما نراه هو اكثر من عراق على نفس المساحة الجغرافية, وكذلك هل تحسنت الاوضاع في ليبيا رغم مرور14 عاما حكومتان في بلد واحد!,ناهيك عن الوضع الاقتصادي المزري في مصر عقب اتفاقية الذل والاستسلام .
سقطت غالبية العواصم العربية لكن الفكر العربي لن يسقط, وستنهض من جديد في بقعة اخرى من بقاع ارض العروبة وتعيد المجد .
تواريخ سيذكرها الجيل القادم 9 ابريل 2003سقوط بغداد,20 اغسطس2011 سقوط طرابلس والثامن من ديسمبر 2024سقوط دمشق, وتواريخ اخرى كثيرة بعدد الحكام الذين قاموا بالتطبيع ,تمثل انحطاطهم وتنصلهم من عروبتهم.وعلى راي محمد مهدي الجواهري ..يلهى بها وتداس بالقدم.