هناء باهارون تكتب لـ(اليوم الثامن):

فرصة للنمو.. هل تصنع مشكلة أم تبحث عن الحل؟

إذا وجهت هذا السؤال للناس سواء في الشارع أو الأماكن العامة، أو على السوشل ميديا، فأنني حتماً سأجد الإجابة كالتالي : بالتأكيد نبحث عن الحل، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، فجميعنا في الواقع نصنع المشكلة، بل ومضاعفتها حتى يكبر حجمها وتتفاقم، ثم بعد ذلك ننقسم إلى قسمين، قسم يبحث عن الحل بعد أن تفاقمت المشكلة، والقسم الآخر يستمر في مفاقمة المشكلة حتى يفقد السيطرة عليها في الآخر.

أن هذا يظهر جلياً في ردة الفعل في الواقع تجاه المشكلات، مثلاً الأم أو الأب الذي يكتشف سلوك خاطئ لدى أحد أبناؤه، أو تورطه في تعاطي المخدرات فإنه يتصرف كالتالي : إما يوبخه أو يطرده من المنزل، وربما في أسواء الحالات تحدث أمور لا تحمد عقباها، وقلة قليلة هم من يفكرون بفكرة الاحتواء والبحث عن الحل من أجل تقويم السلوك الخاطئ، أو معرفة السبب الذي دفعه لهذا، لكي تتم معالجته. 

أيضاً عندما تتعرض المؤامرة كأن يتم الزج بك للوقوع في مشكلة، ثم بعد ذلك تكتشفها، بالتأكيد سيذهب معظمنا لفكرة المواجهة أو الانتقام بأول طريقة تخطر على البال، ودون التفكير في عواقبها علينا، وقلة قليلة هم من سينتقمون أيضاً ولكن بطريقة تضمن له الأمان وعدم الإضرار بنفسه ، ولكن لا أحد سيفكر بأن يعرف السبب الحقيقي من وراء هذه المشكلة، فغالبية من يفعلون هذا يريدونك أن تسقط أو تتأخر، كون أن نجاحك يؤذيهم، كما أن بقاؤك واقفاً على قدميك وتتقدم هو أكبر انتصار لك وأفضل حل، فالانتقام ثقافة شيطانية. 

أما في حالة حدوث تصادم خفيف في الشارع سواء أكان سيارة أم دراجة نارية وهذا موقف يتكرر باستمرار، فإننا نلاحظ تعطيل لحركة مرور باقي السيارات، ونشوب خلاف بين المخطئ والمتضرر، وقد يتم حل الخلاف بينهما دون تدخل من الآخرين أو من رجل المرور وهذا نادراً ، ولكن ما يحدث في الغالب هو أن  المشكلة تتفاقم إلى أن يتم التدخل من الآخرين أو من رجال المرور، والسبب بأن أحدهما أو كلاهما يصنعون مشكلة ولا يبحثون عن حل. 

أيضاً في التعامل مع العلاقات السامة، للأسف بدلاً بأن نبحث عن الحل، كأن نطور مهاراتنا في التعامل مع هذه العلاقات السامة نزيد الطين بلة، ويزداد الأمر سوء والسبب هو صناعة المشكلة. 

لذلك نحن ماهرون جداً في صناعة المشكلات، ولكن في السؤال هذا "هل تصنع مشكلة أم تبحث عن الحل؟" فرصة للنمو والتفكير بطريقة أفضل، طريقة أكثر نفع وفائدة تنعكس على افعالنا وتجعلنا نرتقي بأنفسنا وبأخلاقنا في التعامل مع الآخرين، فلو أن كل شخص عند تعرضه لمشكلة شخصية أو كانت المشكلة لأحد أبناؤه أو زوجته، أو أي فرد من أفراد عائلته، وأيضاً أصدقاؤه وكذا زملائه، عليه لحظة حدوث المشكلة بأن يسأل نفسه هذا السؤال قبل أن يبدر منه أي قول أو فعل تجاه هذه المشكلة، عندها فقط سأضمن له طريقة تفكير مختلفة تصدر عنها تصرفات أكثر عقلانية وأخلاقية، ولن يكون هنالك أي ندم بعد تصرفه هذا.

أن كل ما عليك الآن هو أن تعطي نفسك فرصة للنمو، وتسألها عن ردة فعلك تجاه المشكلات التي تحدث هل هي تصنع مشكلة، أم أنك تبحث عن الحل؟

عندئذ لاحظ جيداً هل عقلك هو من سيجيبك بكل مثالية، أم أن ردة فعلك تجاه المشكلات هي من ستجيبك عن ذلك؟

ولكي تعطي نفسك فرصة للنمو عليك بأن تكون صادقاً مع نفسك أولاً.