د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):

الغرب لن يُطيح بنظام الملالي؛ وكذلك غيرهم

 أنا من الذين يرون في الصورة تعبيراً أبلغ من النص؛ وقد سرني ما رأيته في مقطع فيديو رسوم متحركة ملفت للنظر منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي، ويظهر هذا المقطع كلا الدولتين العظميين الولايات المتحدة وروسيا الإتحادية كمرضعتين لكيانين عنصريين في المنطقة على نحو متناقض.. وما يبعث على السرور في الفيديو أن ما فيه من رسالة تؤكد أن الجميع اليوم وخاصة في الشرق الأوسط بات مُدركا للنهج السياسي الذي يتبعه الغرب والقوى العالمية تجاه منطقة الشرق الأوسط، ومن هنا لم تعد التناقضات في الأقوال والتضادات في الأفعال لدى هذه القوى وهذا الغرب أمراً خافياً على دول وشعوب المنطقة خاصة بعد لأن بات اللعب على المكشوف، ولم تُبقي الأحداث المأساوية في غزة شيئاً لم تفضحه على الملأ.. فلم يعد هناك أي داعي لشعارات دوائر الغرب الرسمية بشأن حقوق الإنسان أو ما يسمونه بأسلحة الدمار الشامل وأنظمتهم وشركاتهم قائمة على تصنيع وبيع السلاح، ويدركون تماما أن ملالي إيران يمتلكون سلاحا نووياً وصواريخ فتاكة تم الاستعراض بها أمام الملأ في رسالة منهم مفادها ارسموا حدود الهيمنة في المنطقة ونحن رقم ضمن معادلة الهيمنة والنفوذ ولنا امتداداتنا ولا توجد مشكلة لدى الغرب بهذا الشأن؛ في المقابل أرى أن أكثر المتضررين هم الشعب الإيراني المنكوب والشعوب العربية التي تدفع ثمن صمتها دماً، والدول العربية التي تفضل الركون إلى الغرب الاستعماري ودفع أتاوات الحماية وفواتير التسليح والزيارات الرسمية وجلسات القمم المميزة التي تفوق قمم جامعة الدول العربية.. وكل شيء بات نهاراً جهاراً وبصلافة ووضوح.

الغرب والإطاحة بالنظام الإيراني 

من يدفع عشرات مليارات الدولارات لإيران الملالي ويسمح لها بنهب مئات مليارات الدولارات من أموال العراق وضخ ما يعادلها أيضاً من العملة العراقية المزيفة إلى البنوك العراقية الرسمية مستبدلة إياها بعملة سليمة؛ هذا بالإضافة إلى نشر الإرهاب والمخدرات والفتنة والخراب في العراق والمنطقة، وكلُ ذلك وفق مخططاتٍ مدروسة من المؤكد أنه لا يريد فقدان ما حققه بواسطة هذه المخططات ويفقد شرطي المنطقة خليفة الشاه وما أنجزه.. وهنا علينا أن نُدرك جميعا بأن تناقضات وتضادات النظام العالمي خير دجليل على أن الغرب لن يُطيح بنظام الولي الفقيه مهما تعالت صيحاته ضده ذلك لأن ما صنعه الولي الفقيه ونظامه والتابعين لهم يعجز الغرب مجرد الحُلم بها؛ وقد كان الهدف خلق أزمات بالمنطقة تُفقِدها أمنها واستقرارها وتسلبها ثرواتها، وقد وصل الأمر على حد تفتيت التماسك العربي وضرب سيادة بعض البلدان وإيصالها إلى حافة الزوال حتى تكون بموضعٍ لا يسمح لها بمجرد إبداء رأي أو أدنى من ذلك.. هذا ما أوصلنا إليه من حال.. وهذا ما قدمه نظام الملالي الحاكم في إيران من خدمات للغرب.

المقاومة الإيرانية؛ وتناقضات وتضادات النظام العالمي 

يعرف الغرب حق المعرفة مدى شرعية نضال الشعب الإيراني ومقاومته ومدى اقتدار هذه المقاومة على كافة الصُعد، وقد رأى كم أفقدت هذه المقاومة صواب الغرب بحراكها القانوني والدبلوماسي والسياسي في صراع طويل ومرير بين المقاومة الإيرانية والغرب ولولا نزاهة القوى الحرة والقضاء في الغرب إلى جانب ثبات وصمود المناضلين في أشرف بالعراق وألبانيا وما تتمتع السيدة مريم رجوي من حنكة وخبرة سياسية عميقة واستعداد كبير للتضحية لكانت المقاومة الإيرانية اليوم في أصعب ظروفها خاصة بعد أن ارتدى الغرب عباءة وعمامة المُلا محمد خاتمي عندما كان رئيسا لجمهورية الملالي وكالوا له لنظامه المديح على أنغام صكوك النفط التي أجبرت الغرب على تناسي القيم ومواثيق حقوق الإنسان وبصق عليها وعلى من صنعها.

مؤتمر إيران حرة 

كانت فعالية مؤتمر إيران منذ بداياته عبارة عن طلقة مباشرة إلى صدر الملالي والغرب المتواطئ معه حيث أبرز هذا المؤتمر بحضوره النوعي وفعالياته الضخمة التي تعجز دولً عظمى عن تنظيمه بهذه الدقة وهذا النجاح، وكان ولا يزال حضور العشرات من القيادات العالمية الحرة للمشاركة في هذا المؤتمر وفعالياته الجانبية أكبر دليل على قدرات المقاومة الإيرانية وشرعية نضالها ولياقة واقتدار ونزاهة قادتها.. وهذا ما وضع النظام العالمي ورموزه المهادنين مع نظام الملالي تحت سياسة الأمر الواقع القاضية بقبول منظمة مجاهدي خلق والاعتراف بأنها منظمة تحررية، والقبول الظاهر بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.. وتقييدهما في الوقت كي لا يتمكنا من إسقاط النظام وكسر تعويذة حماية نظام الملالي.. من هنا كانت التناقضات حيث لا قول لديهم يشبه الآخر.. ومن هنا بدأت التضادات فلا ترابط بين أفعالهم، ومن هنا أيضا بدأ إصرار المقاومة الإيرانية على التحدي وما يتطلبه من تصعيد في مواجهة الولي الفقيه ورهطه..

معركة طويلة من الدبلوماسية تقوده السيدة مريم رجوي منذ عقود دون كللٍ أو ملل أو تزعزعٍ أو تغيرٍ في المواقف على أمل إحداث صدع في الموقف الغربي وكانت النتيجة أن حصلت المقاومة الإيرانية تضامن نوعي كبير من كافة القوى الحرة في العالم.. وتقف هذه القوى الحرة اليوم إلى جانب نضال الشعب الإيراني ومقاومته داعمة إياهما بصدقٍ ومؤمنة بأن النصر والتغيير بات قاب قوسين أو أدنى.

خلاصة القول.. هذا هو سلوك السلطات التنفيذية في الغرب تخشى كل وطني في هذا العالم ولا تريد إسقاط القوى الرجعية بما في ذلك نظام الملالي الدكتاتوري في إيران..؛ لكن كما فعلها الشعب الإيراني وفرض سياسة الأمر الواقع على الغرب بإسقاطه نظام الشاه في ثورة عام 1979 الوطنية سيفعلها أيضا عما قريب وسيصبح ملالي إيران في خبر كان.. وسترى منطقة الشرق الأوسط النور فجراً جديداً مشرقاً على وقع أهازيج الفرح بسقوط النظام ومحاكمته.