"اليوم الثامن" تبحث في أوسع تحليل الحرب واجندة التنظيم الممول قطرياً..

تحليل: حميد الأحمر والحرس الثوري.. "إخوان اليمن" أذرع محلية لإيران

كان الاعتذار بمثابة الضوء الأخضر لاستئناف الحرب - أرشيف

القسم السياسي

مقدمة

حزب التجمع اليمني للإصلاح (النسخة اليمنية من تنظيم الإخوان الدولي والفرع المحلي المصنف على قوائم الإرهاب السعودية)، يهيمن على سلطة الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، والمتهم الرئيس بعرقلة جهود الحرب ضد الحوثيين الانقلابيين الموالين لإيران، تبدو مواقف التنظيم مناهضة للحوثيين، لكن على الأرض يبدو وضع مغايراً، فمنذ أكثر من عقد يبدو الإخوان والحوثيين على وفاق، او ان الخلاف بين جماعتي الإسلام السياسي، لا يمكن مقارنتها بالتحالف الهش بين حزب علي عبد الله صالح، والحوثيين، وهو التحالف الذي انتهت بقتل الحوثيين للرئيس اليمني السابق.

فهل كان الإخوان أذرع محلية لإيران ام ان الحفاظ على حكم الهضبة الزيدية، قد أوجد قواسم مشتركة، ناهيك عن تقاطع المصالح الإخوانية الحوثية في الحفاظ على بقاء الجنوب تابعا لصنعاء، حتى لا يخسر أي طرف الهيمنة على منابع النفط في حالة وخسر أحد الأطراف الحرب بالنظر الى موقف الاخوان من الجنوب هو ذاته الموقف لإخوان اليمن.

 

إخوان اليمن والحزب الاشتراكي والحوثيون

 

تنظيم الإخوان يقدم قادته أنفسهم على انهم "سنة"، مع ان قادة وزعماء التنظيم هم من الطائفة الزيدية التي ينحدر منها الحوثيون، فمنذ تأسيس الإخوان المسلمون في اليمن - ويكيبيديا لم تتخلى الزيدية الدينية والقبلية عن قيادة التنظيم، حتى بعد اشهار التنظيم في حزب التجمع اليمني للإصلاح في سبتمبر (أيلول) من العام 1990م، أي بعد نحو ثلاثة من توقيع اتفاقية الوحدة الهشة بين عدن وصنعاء في مايو (أيار) من نفس العام.

عبدالمجيد الزنداني رجل الدين المتطرف يعد من ابرز مؤسسي تنظيم الإخوان في اليمن، وهو رجل دين زيدي، ويعد المنجد الأبرز لما عرف بالأفغان العرب، وقد ذهب على رأس مجموعة من العناصر اليمنية الى أفغانستان، الذين عادوا الى اليمن قبيل تأسيس حزب الإصلاح، الذي تزعمه الزعيم القبلي الزيدي عبدالله بن حسين الأحمر، وقد اعترف علي عبدالله صالح، بأنه مول إنشاء حزب الإصلاح، لاستهداف الحزب الاشتراكي اليمني المحسوب على الجنوب والموقع على اتفاقية الوحدة اليمنية - ويكيبيديا الهشة، وقد اغتيل نحو 150 مسؤولا جنوبيا خلال العام الأول من الوحدة اليمنية، وأشارت الاتهامات الى الإخوان الذين طالب زعيمهم الديني عبدالمجيد الزنداني، قادة الاشتراكي الى تسليم انفسهم إلى اقرب مسجد لإعلان اسلامهم، بدعوى انهم خارجون عن الدين الإسلامي، او كما اطلق على الحرب "حرب الردة والانفصال".

يقول قادة اشتراكيون انهم اكتشفوا بعد نحو عقدين من الحرب اليمنية على الجنوب، ان قيادات في الحزب "ذو الميول اليسارية"، قد اعتنقوا فعليا فكر تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن، وأصبحوا يناصروا التنظيم.

تعتبر حرب صيف العام 1994م، قد قضت تماما على الحزب الاشتراكي (يمني المنشئ)، فقيادات التنظيم الذي حكم الجنوب من اليمن الشمالي، وتعود أصول عبدالفتاح إسماعيل الجوفي المؤسس الأول للحزب في عدن، إلى جذور زيدية في اقصى اليمن الشمالي وتحديدا من محافظة الجوف، قبل ان ينتقل والده الى مدينة تعز التي عمل فيها "فقيها"، (يعلم الناس القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم)، ومن تعز انتقل نجله عبدالفتاح الى عدن للعمل ضمن شركة مصافي عاصمة الجنوب مع الاستعمار البريطاني لعدن، وبعد خروج بريطانيا تلقف الاتحاد السوفيتي الشاب اليمني وتم تجنيده لمصلحة المعسكر الاشتراكي ليتحول نجل رجل الدين إسماعيل الجوفي، الى أحد ابرز دعاة الاشتراكية والماركسية في الجنوب.

في الـ6 من فبراير (شباط)، العام 2003م، تم اعلان وفاة الحزب الاشتراكي اليمني بعد نحو عقد على مصادرة النظام لكل مقراته في الجنوب واليمن.

وجاءت شهادة وفاة الحزب الاشتراكي اليمني أحزاب اللقاء المشترك، تحت شعار انه تكتل لأحزاب معارضة في اليمن.

في العام 2006م، أعلنت أحزاب اللقاء المشترك (الإصلاح والاشتراكي وغيرها)، دعمها لمرشح الانتخابات الرئاسية اليمنية 2006 المعارض للرئيس صالح، فيصل بن شملان، الذي قالت العديد من التقارير انه فاز بنتيجة التصويت.

موقف أحزاب اللقاء المشترك، عارضها بشكل علني مؤسس وزعيم إخوان اليمن، الراحل عبدالله بن حسين الأحمر، الذي أعلن دعمه لصالح كمرشح للرئاسة خلافا لموقف الحزب الذي يقوده او موقفه أولاده حميد الأحمر وحسين الأحمر.

ونقلت قناة الجزيرة القطرية عن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر قوله "أعلن دعمي للرئيس علي عبد الله صالح في الانتخابات الرئاسية، واي مواقف مناهضة لذلك فهي مواقف تعبر عن نزق سياسي".

 عبد الله بن حسين بن ناصر الأحمر، قيادي قبلي وسياسي يمني، شيخ مشائخ قبائل حاشد، ورئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح حتى وفاته في 28 ديسمبر (كانون الأول)، العام 2007، تولى وزارة الداخلية ثلاث مرات أولهما عام 1963 ثم في عام 1964 م في حكومة حمود الجائفي، التي استمرت حتى يناير 1965 م. وترأس مجلس النواب لفترتين، منذ 1993 حتى وفاته 2007.

ومثلت وفاة الأحمر نقطة تحول في تحالف "الهضبة الزيدية"، فهو الذي كان يلعب دورا رئيسيا في حل الكثير من الخلافات خاصة تلك التي تنشب بين صالح وأولاد الأحمر، كما كان له دور في وقف الاقتتال بين قوات النظام والحوثيين بصعدة خلال الأعوام 2004م وحتى وفاته، وكان دائما ما يمثل عامل حسم للكثير من القضايا العالقة، وكان يمثل بالنسبة لرئيس النظام حينها علي عبدالله صالح، اشبه بالمرشد الأعلى للدولة اليمنية التي جاءت على انقاذ الامامة في الشمال والحزب الاشتراكي في الجنوب.

هذا النفوذ جعل الاخوان يتوسعون بشكل كبير جداً، فالتنظيم كان يتغلغل في داخل النظام ويمارس في ذات الوقت دور المعارضة لدغدغة عواطف الشعب الذي كان يشكو من المجاعة والحرمان، وخاصة سكان الجنوب الذي انتفض ضد نظام الاحتلال اليمني لبلادهم، في العام 2007م، برفض سياسية النظام، وقد قوبلت التظاهرات الجنوبية بأعمال قمع وحشية، في حين كان الاخوان والأحزاب المنضوية في اللقاء المشترك، تمارس دور المعارض لنظام صالح، لكن كانت تمتلك نصف الدولة ونصف الجيش والأمن، حتى جاء العام 2011م، ليعلن الإخوان بما في ذلك الجنرال علي محسن الأحمر، انقلابهم على علي عبدالله صالح، وطالبوه بتسليم السلطة.

الأحمر الزعيم العسكري الإخواني، ظل لنحو ثلاثة عقود اليد الطولى لعلي عبدالله صالح، في البطش بخصومه، فالجنرال بميوله الدينية استطاع ان يكون تحالفات كبيرة مع تنظيم القاعدة الذي شارك النظام في القتال ضد الجنوب في العام 1994م.

وإلى جانب علي محسن الأحمر، يأتي عبدالمجيد الزنداني الأب الروحي للتنظيمات المتطرفة، وقد وضعت الولايات المتحدة الأمريكية أسمه على قوائم الإرهاب، الا ان صالح رفض تسليمه رغم الضغوط الأمريكية.

اما مؤسس جماعة الحوثيين حسين بدر الدين الحوثي، فهو الآخر يعد احد أعضاء تنظيم الإخوان وخريج المدارس الإخوانية وهو ما تؤكد عليه الكثير من الوثائق، ومنها شهادة تثبت تلقيه التعليم في مدارس الإخوان.

أظهرت وثيقة نشرت على الإنترنت في منتصف (ابريل/ نيسان) العام 2016م، أن زعيم التمرد الحوثي، حسين بدر الدين الحوثي، تلقى دروساً عن "الجهاد" في مدارس الإخوان المسلمين في اليمن.

وقتل حسين بدر الدين الحوثي الذي قاد التمرد على القوات الحكومية في اليمن وهاجم الأراضي السعودية، في الجولة الأولى من الحروب الستة التي خاضتها جماعته ضد القوات اليمنية والسعودية في 2004.

وحسين الحوثي هو الشقيق الأكبر لزعيم التمرد الحالي عبدالملك الحوثي، تلقى تعليمه في مدارس الإخوان المسلمين في اليمن أواخر سبعينيات القرن الماضي، قبل أن ينتقل مطلع تسعينيات القرن الماضي إلى طهران لمواصلة تعليمه هناك، ليعود لتفجير حرب طويلة بدأت في العام 2004م، ولا تزال مستمرة إلى الساعة.

الحوثيون والإخوان وانتفاضة 2011م

 

في الـ11 من فبراير (شباط) العام 2011م، شهدت اليمن انتفاضة مشابهة لما عرف بانتفاضات الربيع العربي في تونس ومصر وسوريا وليبيا، وهي الانتفاضات التي أطاحت بأنظمة تلك الدول.

في اليمن سلم الرئيس علي عبدالله صالح، السلطة بعد تعرضه لعملية اغتيال مدبرة، وقد سلم السلطة استجابة لمبادرة تسليم السلطة اطلق عليها "المبادرة الخليجية"، وسلم صالح السلطة بعد ان فقد تحالفاته القبلية والسياسية وانضمام ابرز رموز نظامه الى الصف المناهض وابرزهم الجنرال العجوز علي محسن الأحمر.

حاول الإخوان قتل علي عبدالله صالح، من خلال تفجير انتحاري وعملية استهداف بواسطة قناص مدرب، تم احباط العمليتين، لكن صالح أصيب بجراح بليغة بقصف وقع في الثالث من يونيو  (حزيران) العام 2011م، حين تم استهداف مسجد الرئاسة بعبوات ناسفة زرعت في أرضية المسجد عقب عملية اختراق واضحة للحراسة المشددة.

كانت الحرب ضد المتمردين الحوثيين تدور في جبال صعدة وأجزاء من عمران، وتحديدا في جبال حرف سفيان، أي بعيدا عن العاصمة بـ(144 كم)، لكن مع احداث 2011م، كان الحوثيون ينتشرون في صنعاء ويخزنون الأسلحة بكل سهولة ويدخلون المعسكرات ويشترون ذمم القيادات العسكرية، وتحولت ساحة الجامعة (تجمع التظاهرات)، الى مركز رئيس للحوثيين.

 

الحوثيون وعبدربه منصور هادي

 

سلم "صالح" السلطة لخلفه عبدربه منصور هادي، وأصبح الأخير رئيسا مؤقتا لمدة عامين بدأت في الـ21 من فبراير (شباط) 2012م، على ان يسلم السلطة في نفس التاريخ من العام 2014م، وقد دعا هادي الذي خاض انتخابات منفردا دون منافسة، في العام 2013م، الى مؤتمر حوار وطني، شارك فيه الحوثيون كطرف سياسي معترف به من قبل الرئاسة والدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وقبيل نهاية مؤتمر الحوار في مطلع العام 2014م، كان الحوثيون قد حصلوا على اعتذار رسمي من النظام عن الحروب التي خاضها الجيش لمنع تمدرهم في صعدة خلال الأعوام من 2004م، حتى 2009م.

كان الاعتذار بمثابة الضوء الأخضر لاستئناف الحرب، فلم تمض الا أيام قليلة حتى بدأت الحرب أكثر قوة في صعدة وحرف سفيان، ودفع السلفيون الذين كانوا يتلقون التعليم في مدارس دينية في صعدة، فاتورة كبيرة بعد ان اظهر الحوثيون ان حربهم طائفية (بين الشيعة والسنة).

هذا القتال فتح باب التجنيد للقتال في صعدة وعمران تحت عناوين دينية (قتال الروافض)، وكان لمنح الصبغة الدينية على الحرب، قد أوقعت تنظيم الإخوان في الفخ، فالحرب أصبحت طائفية، والتنظيم يقدم قادته انفسهم على انهم "سنة"، رغم زيدية القيادة، اضطروا الى الانجرار وراء الخطاب الطائفي للحرب والتجنيد، ولكي يحافظوا على الدعم السعودي المقدم لقتال الحوثيين الذين لم يستهدفوا الداخل اليمني، بل امتدت هجماتهم الإرهابية الى داخل الأراضي السعودية خاصة في الحرب السادسة في العام 2009م، والتي دخلت فيها السعودية بقوة على الأرض لقتال المتمردين.

استغل الإخوان تمويلا سعوديا ضخما لتجهيز 40 ألف مقاتل، لمواجهة الحوثيين.

في الـ7 من يوليو (تموز) العام 2014م، سيطر الحوثيون على أكبر قاعدة عسكرية للجيش اليمني في عمران، وقتل احد ابرز القادة العسكرية هو اللواء حميد القشيبي، الذراع اليمني للجنرال علي محسن الأحمر.

وقد استغل الحوثيون، خلافات برزت بين هادي والأحمر، ليحققوا مكاسب سريعة على الأرض، وبعد سيطرة الحوثيين على عمران، زار هادي المحافظة الواقعة تحت سيطرة المتمردين، وأعلن عودتها الى ما اسماه "حضن الدولة"، وهو التصريح الذي أكد وجود خلافات بين الرئيس والجنرال العجوز علي محسن الأحمر.

 ولكن بعد سقوط عمران في قبضة المتمردين وظهور وزير الدفاع اللواء محمد ناصر احمد المحسوب على هادي، برفقة قيادات حوثية، زعم تنظيم الإخوان ان هناك مؤامرة إقليمية لضربه، وفي أغسطس (آب) أي بعد اقل من شهر على سقوط عمران، ذهبت قيادة تنظيم الإخوان محمد اليدومي زعيم التنظيم ونائبه الأمين العام عبدالوهاب الآنسي على متن طائرة عسكرية أقلعت من قاعدة الديلمي في صنعاء، الى صعدة للقاء زعيم المتمردين الحوثيين، عبدالملك الحوثي، وقد خرج الطرفان في بيان أكدا من خلاله طي ما وصف بخلافات الماضي والبدء في صفحة جديدة.

لم يكن هذا البيان الوحيد، فالزعيم القبلي والمالي لإخوان اليمن ونجل المؤسس خرج في مقابلة مع قناة الجزيرة، يمتدح فيه ما اسماه بالأمن والاستقرار في صعدة (معقل الحوثيين).

 

ليلة سقوط صنعاء وانهيار الفرق وفرار الأحمر

 

كانت قوات الفرقة الأولى مدرع ثاني أكبر تشكيلات الجيش اليمني والأكبر تسليحا بعد الحرس الجمهوري، وكانت الفرقة عبارة عن قوات عسكرية تنتشر من صنعاء الى صعدة الى عمران وصولا الى مناطق في الجنوب كوادي حضرموت والمهرة وعدن ولحج، وقد كان لنفوذ الأحمر، العسكري السبب الرئيس في انهيار تحالفات الرئيس علي عبدالله صالح، الذي لا يمتلك أي سلطة على الجيش باستثناء الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والأمن المركزي.

وكان لطموح الأحمر في السيطرة على كل الجيش بما فيها الحرس الجمهوري، حين مارس الإخوان ضغوطا على هادي لتفكيك قوات الحرس الجمهوري، لمنح الأحمر صلاحية أوسع في الهيمنة على القوة الدفاعية والأمنية.

ونفذ هادي رغبة الاخوان والحوثيين، ونجح في عزل العميد أحمد علي عبدالله صالح، من قيادة الحرس الجمهوري، لكن هادي شعر ان الإطاحة به أصبحت في متناول الأحمر، فتصاعدت الخلافات التي أدت الى دخول الحوثيين صنعاء في ليل الـ21 من سبتمبر (أيلول) 2014م.

وسيطر الحوثيون على صنعاء بعد ان رفضت الوحدات العسكرية خوض أي مواجهة لمنع سيطرتهم على العاصمة اليمنية، وقد جاءت السيطرة الحوثية بعد ان صدرت توجيهات رسمية من وزير الداخلية اللواء عبده الترب، الى أجهزة الشرطة بمنع أي مواجهة مع الحوثيين، فيما كان الأحمر ينفد بجلده هاربا على متن طائرة عسكرية صوب السعودية بعد ان لجأ الى سفارة الرياض في صنعاء، طلبا للأمان.

ولجأ الأحمر أولا الى السفارة السعودية في صنعاء، وطلب من السعوديين إخراجه، وقد قدم سفير الرياض لدى صنعاء رواية إخراجه بعد ان تم التمويه على الحوثيين بأن الطائرة العسكرية ستنقل "حرم السفير السعودي محمد بن سعيد آل جابر وأولاده"، في حين انه تم اخراج علي محسن الأحمر إلى الرياض التي ظل متواريا عن الأنظار لنحو عامين.

وبعد ساعات من اعلان الحوثيين سيطرتهم على صنعاء، قدم رئيس حكومة الوفاق (المكلف)، محمد سالم باسندوه استقالته من هيئة رئاسة الحكومة، عقب خلافات مع هادي، وكان الطريف في الأمر ان محمد سالم باسندوه قدم استقالته للحوثيين وليس لهادي، ليعين الأخير بدلا عنه خالد محفوظ بحاح رئيسا للحكومة.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن : تحليل: صعدة اليمنية تدفع ثمن استراتيجية التحالفات الإيرانية القطرية

هادي يستقيل والاخوان يحاورون الحوثيين

 

شعر هادي بان الأحمر قد خانه، فمضى على الترحيب بالحوثيين ووقع معهم اتفاق السلم والشراكة الوطنية وهي الاتفاقية التي منحت الحوثيين قدرة الانقلاب على هادي والاطاحة به من الحكم، وهو ما تم فعليا في الـ22 من يناير (كانون الثاني) العام 2015، حين اجبر الحوثيون هادي على تقديم استقالته كرئيس توافقي ومؤقت، الا ان البرلمان (المنتهية ولايته)، لم يتم النظر فيها.

وفي اليوم التالي لتقديم هادي استقالته، كان حميد الأحمر قد أصدر توجيهات إلى الاخوان بضرورة التحاور مع الحوثيين والتوصل الى تسوية سياسية تنهي الفراغ الدستوري في البلاد، ودخل الإخوان والحوثيين والمؤتمر والأحزاب الأخرى في حوارات للتوافق على شخص "محمد سالم باسندوه"، لخلافة هادي، وهو الأمر الذي فسر على ان باسندوه قدم استقالته للحوثيين بعد ان وعدوه بتنصيبه رئيسا بديلا لهادي.

وكإحباط لمحاولة الأحزاب تنصيبا باسندوه رئيساً، قدم خالد بحاح استقالة الحكومة (كاملة)، ليضعوا الحوثيين والاحزاب امام مشكلة كبيرة.

وفي ذكرى انتخابه، من أي بعد نحو شهر من الحصار الذي فرضه الحوثيون على منزل الرئيس، نجح هادي من الفرار صوب عدن، ليعلن عاصمة الجنوب عاصمة مؤقتة لليمن.

وبالتزامن مع ذلك، كان الحوثيون قد سيطروا على البث التلفزيوني لتلفزيون عدن، ليصبح هادي بدون قناة تلفزيونية، لكنه أعلن سحب تقديم استقالته، ليزوره الى مقر اقامته في قصر معاشيق الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، ليؤكد له وقوف دول الخليج معه في مواجهة المشروع الإيراني.

واتخذ الرئيس هادي جملة من القرارات من مقر اقامته في عدن، الا انها لم تكن كافية لمنع تمدد الحوثيين صوب الجنوب.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن : تقرير: كيف خطط الحوثيون لاغتيال الرئيس علي عبدالله صالح

انطلاق عاصفة الحزب والموقف الاخوان

 

كانت الساعة الأولى من فجر الـ26 من مارس (آذار) 2015م، قد غيرت الواقع كثيرا على الأرض، فالمقاومة الجنوبية التي كانت قد هبة لقتال الحوثيين الذين اسقطوا مدن اليمن الشمالي دون مقاومة، تلقت دعما قويا من خلال قصف مواقع الحوثيين وشلت حركة الحوثيين تماما من خلال تدمير منظومة الطيران العسكري ودمرته بشكل كامل بالإضافة الى تدمير مخازن الأسلحة.

وبعد أسبوع من الغارات الجوية، أعلن تنظيم اخوان اليمن موقف الداعم لعاصفة الحزم، ولكن بعد ان انقسمت قيادات التنظيم بين جزء بقي في صنعاء يدير أملاك التنظيم وبين جزء ذهب صوب السعودية.

وكان أبرز من بقي في صنعاء، هم زيد علي حميد الشامي، عضو في مجلس النواب، ورئيس الكتلة البرلمانية لنواب حزب التجمع اليمني للإصلاح والشيخ صادق الأحمر الزعيم القبلي ونجل المؤسس، بالإضافة الى نجل الجنرال علي محسن الأحمر، بالإضافة الى قيادات أخرى.

وظلت قيادات الإخوان في صنعاء، تحافظ على شعرة معاوية مع الحوثيين، وحتى وصول نائب الرئيس علي محسن الأحمر الى منصب نائب الرئيس، تحول الحوثيون من موقع المدافع الى الهجوم، وتمكنوا من الحافظ على جغرافيا اليمن الشمالي دون أي خسارة تذكر باستثناء مركز محافظة مأرب وجزء من تعز.

وتشير الكثير من المعلومات والتقارير الى ان الأحمر ليس لديه رغبة حقيقية في هزيمة الحوثيين الموالين لإيران، وان الأمر له ابعاده السياسية.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن : تقرير: "الزنداني".. مرشد إخوان اليمن ودليلهم الدموي للإرهاب

قطر والموقف من الاذرع الإيرانية

 

مقاطعة قطر او الأزمة الدبلوماسية مع قطر، مرتبطة بـ"يوم 5 يونيو (حزيران) 2017، حين قررت كل من: السعودية، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، مصر، وتبعتها حكومة اليمن، وجزر المالديف، جزر القمر، قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، وفي يوم 6 يونيو 2017، أعلن الأردن عن تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر، وإلغاء تصريح مكتب قناة الجزيرة في الأردن، وذلك نتيجة موقف الدوحة الداعم لطهران وجماعة الحوثيين والاخوان في اليمن.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن : تقرير: «عبدالمجيد الزنداني».. تعرف على أخر استثمارات هيئة «اخوان اليمن»

وبدأت علاقة قطر بالأذرع المحلية لإيران في اليمن منذ العام 2009م، حين قررت تقديم منحة مالية كبيرة بدعوى "إعادة اعمار صعدة"، غير ان تلك الأموال ذهبت الى تسليح الحوثيين، وهو ما اعتبرته السعودية تمويلا معلن من الدوحة لأذرع طهران.

ومولت قطر بشكل واضح الحوثيين والاخوان معا في انتفاضة الإطاحة بنظام علي عبدالله صالح، غير ان المقاطعة الخليجية كان يفترض انها تدفع الدوحة الى مراجعة مواقفها وإيقاف الخطاب العدائي تجاه الدول الخليجية، ولكن حصل العكس.

في مطلع العام 2020م، وبينما كانت مأرب تدفع بتعزيزات عسكرية صوب محافظة أبين في الجنوب لمحاولة الوصول الى عدن، وصل الحوثيون دون أي مقاومة تذكر الى مشارف مركز محافظة مأرب، الا انهم توقفوا عن التقدم، وقد اثار هذا التوقف حفيظة بعض أعضاء التحالف الحوثي، الذين أشاروا الى ان من منع السيطرة على مأرب هي دولة قطر التي لا تريد الحوثيين يدخلون مأرب حتى لا يحسب ذلك هزيمة لأذرعها المحلية (جماعة الإخوان).

قبل سنوات قتل ضابط يمني يدعى ضيف الله السوادي عقب تعذيبه في سجن الشرطة العسكرية في صنعاء، والتهمة انه رفض السماح بمرور شحنة أسلحة صوب العاصمة اليمنية صنعاء، قبل ان يخرج فريق خبراء الأمم المتحدة الى التأكيد على ان القوات العسكرية التي تدين بالتبعية لنائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، متورطة بتهريب الأسلحة والطيران المسير من موانئ محافظة المهرة الجنوبية إلى الحوثيين في صنعاء.

استهمت السعودية بشكل رسمي دولة قطر بتمويل الحوثيين والتنظيمات الإرهابية، وخرج الإعلام شيوخ دين السعودية الى التأكيد على وجود علاقة بين الاخوان والحوثيين، وذلك في اعقاب تسليم سبعة الوية تابعة للإخوان، الأسلحة للحوثيين في فرضة نهم والجوف وصرواح مأرب وقانية والبيضاء، ومؤخرا بيحان وعسيلان.

وقد ساهمت تلك الأسلحة في صمود الحوثيين وتمددهم في القتال ضد القوات الجنوبية.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن : تقرير: «عبدالمجيد الزنداني».. تعرف على أخر استثمارات هيئة «اخوان اليمن»

إخوان اليمن والعلاقة بإيران

 

في الـ6 من يناير (كانون الثاني)، العام 2017م، نشرت صحيفة اليوم الثامن تحقيقا استقصائياً أعدته شبكة اريج، بين بالوثائق وجود شراكة استثمارية بين رجال الاعمال الاخواني حميد الأحمر والحرس الثوري الإيراني، وتبين ان نائبه هو عراقي شيعي حاصل على الجنسية اليمنية.

ولا يتوان الأحمر في التأكيد على ان لإيران الحق في السيطرة على البلدان العربية.

"من حق إيران يكون لها نفوذ في المنطقة العربية"، هكذا تحدث الزعيم المالي والقبلي لإخوان اليمن ونجل المؤسس للتنظيم، حميد بن عبدالله حسين الأحمر، المقيم بين الدوحة وإسطنبول.

تصريحات متلفزة أطلقها حميد الأحمر، واعيد نشرها مجدداً، أكد من خلالها على انه لا خلاف بينه كإخوان اليمن، ينتهجون النهج السني، مع الشيعة، مبدياً استعداده منذ وقت مبكر للذهاب إلى إيران.

لا تبدو تصريحات الأحمر مستغربة، فالرجل النافذ الذي استغل السلطة والنظام السابق لبناء امبراطورية مالية كبيرة، مستغلا نصيبه من آبار النفط التي منحها رئيس النظام السابق علي عبدالله صالح لإخوان اليمن، نظير مشاركتهم في الحرب الأولى على الجنوب صيف العام 1994م، وهي الحرب التي حشد لها الإخوان دينيا بفتاوى التكفير الشهيرة التي اجازت قتل الجنوبيين ونهب ممتلكاتهم بدعوى انهم ماركسيون وشيعيون، في إشارة إلى علاقة بلادهم السابق بالاتحاد السوفيتي.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن : تحليل: إيران والإخوان.. عبدالمجيد الزنداني: "في عُنقي بيعة للخميني"

تصريحات الأحمر حميد، لم تكن الأولى، فهذا رجل الدين الإخواني عبدالمجيد الزنداني يؤكد انه في ذمته بيعة للخامنئي. اما على الصعيد الميداني فخلال سبع سنوات من الحرب لم يسبق للحوثيين ان شنوا قصفا مركزا ضد معسكرات الإخوان في مأرب، فجميع الصواريخ اما تسقط في أماكن غير مأهولة او انها تستهدف خصوم الإخوان، مثل ما تعرض رئيس هيئة الأركان لقصف صاروخي اسفر عن مصرع نجله وبعض افراد حراسته، وكذلك مقتل أكثر من مائة جندي من الحرس الخاص للرئيس هادي في مسجد بمأرب مطلع العام 2020م.

وتظل قضية تسليم ثلاث مديريات في شبوة من قبل سلطة الاخوان للحوثيين، أبرز القضايا التي تؤكد ان الاخوان ما هم الا أذرع محلية مثلهم مثل ميليشيات الحوثي التي تدين بالولاء لإيران، ناهيك على وجود أدلة تؤكد تنسيق الاخوان والحوثيين على استهداف قوات التحالف العربي المرابطة في شبوة، وهو المخطط الذي دفع السعودية والامارات الى سحب قواتها احتجاجا وجود مخططات إرهابية هدفها استهداف القوات السعودية والإماراتية.

واطلقت القوات الجنوبية عملية عسكرية لاستعادة المدن المسلمة للحوثيين الذين ردوا على انتكاستهم بقصف السعودية والامارات، القصف الحوثي دفع الاخوان الى الخروج للتظاهر فرحا بالقصف الحوثي على أبوظبي، وهو ما اثار حالة من السخط لدى اليمنيين الذين طالبوا بضرورة تجاوز تنظيم الاخوان لهزيمة الحوثيين، الذي يرى الكثير من اليمنيين الى ان تحقيق الانتصار على الحوثيين يبدأ بإزاحة الاخوان.