محادثات ستوكهولم..
تحليل: ما أهمية مكافحة التطرف العنيف في اليمن؟
في 13 ديسمبر/كانون الأول، جرى الاتفاق على هدنة في اليمن بعد أسبوع من المفاوضات بين أطراف الصراع في السويد. كانت هذه أول محادثات سلام يمنية عالية المستوى منذ أيلول/سبتمبر 2018 عندما تغيب الوفد الحوثي عن الاجتماعات في جنيف.
والآن، يأمل الدبلوماسيون الغربيون أن يقوم الطرفان المتنافسان بإنشاء قوة مشتركة قادرة على معالجة قضايا مواقع الألغام والفخاخ المتفجرة وأجهزة التفجير المحسنة، التي زرعها الحوثيون في مناطق مختلفة من البلاد. ولذلك، وإلى جانب الانعكاسات السياسية الهامة المحتملة لهذه المفاوضات، تمثل المحادثات الأخيرة خطوة ملموسة أولى نحو عملية نزع التطرف، ونزع السلاح، وإعادة الدمج، لا سيما في صفوف المقاتلين ذوي الدوافع الدينية.
تعطيل الشبكات الراديكالية
في نيسان/إبريل 2015، أطلق التحالف عملية متعددة المسارات لمكافحة الإرهاب بهدف تعطيل شبكات سنية وشيعية متعددة، تقودها جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ومنذ ذلك الحين، تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تقود أنشطة مكافحة الإرهاب، من تحقيق عدد من الأهداف الهامة؛ إذ قامت القوات الإماراتية واليمنية -المدربة من الإمارات- بالسيطرة على قواعد ومطارات وموانئ عدة، لا سيما على طول الساحل الجنوبي في البلاد. وبحسب بيانات رسمية، قام التحالف بشكل عام، والإمارات على وجه الخصوص، بتدريب أكثر من 60,000 جندي يمني. ومنذ عام 2015، تمكن هؤلاء الجنود من تقليص سيطرة تنظيم القاعدة الجغرافية بشكل كبير.
وفي الوقت ذاته، حقق التحالف نجاحات عدة ضد جماعة الحوثي، الحركة الشيعية المعروفة بشعاراتها الإسلاموية العدائية. على مدى العقد الماضي، أصدر الحوثيون تهديدات متكررة ضد من يعتبروهم أعداء لهم. وبالتالي، يمكن لهذا العامل الإسلامي المتطرف أن يَقوى في المستقبل في حال حدوث أي فقدان للسيطرة الجغرافية والسياسية.
مكافحة التطرف في اليمن
من الواضح أن التنبؤ بتطور مكافحة التطرف العنيف (CVE) في اليمن سابق لأوانه في الوقت الحاضر. ومع ذلك، من الممكن استذكار الخصائص الرئيسة لسياق مكافحة التطرف في اليمن قبل الحرب، وتسليط الضوء على عدد من القضايا، التي سيتعين على البلاد معالجتها في هذا المجال. تمثّل جوهر إستراتيجية مكافحة التطرف اليمنية بـ”لجنة الحوار الديني” التي أنشئت في أيلول/سبتمبر 2002، مستندة إلى سلسلة من الأساليب والممارسات الجيدة المشابهة لبرنامج إعادة التأهيل في المملكة العربية السعودية. لقد كان اليمن من أوائل الدول في المنطقة التي خطت خطوة نحو إعادة تأهيل الإرهابيين، ولكن بسبب التحديات الكثيرة التي واجهها البرنامج وسط الصراعات السياسية، كانت أنشطته متقطعة.
ومع ذلك، من المرجح أن توفر الخبرة المكتسبة في بدايات 2000 -بالاستفادة من النموذج السعودي الأكثر تنظيمًا- أساسًا عظيمًا يمكن من خلاله تبني إستراتيجية متسقة لمكافحة التطرف العنيف، بغرض معالجة التحديات المعقدة في فترة ما بعد الحرب. في الحقيقة، حظي البرنامج باهتمام إيجابي من المجتمع الدولي نظرًا لجهوده الرائدة في مجال مكافحة التطرف. استند البرنامج إلى حوار ديني يهدف إلى توجيه المعتقلين نحو مراجعة معتقداتهم المشوهة القائمة على استخدام العنف لتعزيز التغيير الاجتماعي.
لقد استخدم الحوار -الذي أداره القاضي حمود عبد الحميد الحيتر- نهجًا مرتكزًا على 4 مسارات: التركيز على الأيديولوجية، والأمن، والقضايا الاقتصادية، والتعاون الدولي والإقليمي.
كان العنصر الديني بمثابة نواة البرنامج، بينما استند المكون الأمني إلى الوعي بما يسمى العلاقة بين الإرهاب والجريمة. وبموجب هذا المنظور، ينبغي على الدولة التعامل مع قضية الجريمة بشكل عام من أجل مكافحة التطرف في نهاية المطاف. وبالمثل، تضمن العنصر الاقتصادي معالجة المشاكل الاقتصادية، بما في ذلك إنشاء وظائف جديدة للشباب من أجل إبعادهم عن مخاطر التجنيد في صفوف الجماعات المتطرفة. وأخيرًا، أدرك اليمن أهمية تعزيز التعاون على الصعيدين الإقليمي والدولي من أجل مكافحة الإرهاب بفعالية كبيرة.
وللأسف، ظلت هذه المبادئ التأسيسية كـ”خطاب نوايا” إلى حد كبير، في حين لم يجر التعامل مع قضايا حاسمة أخرى بشكل منهجي، مثل الحاجة إلى مراقبة المتطرفين السابقين ما بعد إطلاق سراحهم، وقياس معدلات المعاودة إلى الإجرام، وكذلك درجة مشاركة المتطرفين السابقين في البرنامج. في عام 2010، شرع اليمن في تنفيذ برنامج مشابه، لمواجهة عدد من المعتقدات الأيديولوجية المتشددة الخاصة بالمجموعات الحوثية. يشترك هذا المشروع ببعض خصائص برنامج “البناء” المصمم من قبل المديرية العامة للتحقيق في المنطقة الشرقية في السعودية، الخاص بالمعتقلين الشيعة، الذين شارفت مدة أحكامهم على الانتهاء. وبالتأكيد، النتائج لا تزال غير مؤكدة حتى هذه اللحظة، ومن المستحيل إجراء تقييم شامل للبرنامج قبل نهاية الحرب.
الخلاصة
من شأن إنشاء برنامج فعال وشامل لمكافحة التطرف العنيف أن يكون محاطًا بالكثير من العوائق. ينبغي على هكذا برنامج أن يتابع مراحل نزع السلاح ونزع العسكرة من المجموعات المتطرفة. كما ينبغي عليه أن يستند إلى مستويات كلية ومتوسطة وصغيرة. المستوى الكلي لمكافحة التطرف يستهدف السكان بشكل عام؛ مثل تنظيم روايات مضادة لروايات المجموعات المتطرفة. بينما يركز المستوى المتوسط على المكونات الضعيفة من السكان، وغالبًا ما تنطوي على فئات عمرية محددة، مثل المراهقين، أو بيئات اجتماعية محددة، مثل مدرسة أو حي. وأخيرًا، يركز المستوى الصغير على التدخلات على مستوى الأفراد.
سيكون دعم التحالف في اليمن أمرًا حاسمًا من أجل إنشاء هذا البرنامج، الذي سيعالج وسيتعامل مع أهداف صعبة – أعضاء ومتعاطفين مع تنظيم القاعدة، ومجموعات وكيلة مشابهة لنموذج حزب الله، وشرائح كبيرة من السكان الحوثيين.