بكر أحمد يكتب لـ(اليوم الثامن):

أحب الجنوب واكره ديكتاتورية الزبيدي

هل يتفق ان تحب وطنك وقضيته وتعارض في نفس الوقت من يقود مسيرة تحرير هذا الوطن الذي تحبه، إنها ولا شك معادلة قد يصعب حلها أو حتى فهمها وخاصة أن الوضع الحالي ضبابي ويتسم بالكثير من الارتجالية والفوضى.

لكن حب الوطن يجب ان لا يكون مقرون بأي شيء آخر، وخاصة إقرانه بشخص ما، فهنا يحدث اللبس ويمكن أن نعيد تجربة طاغية الشمال حيث أنه وفي فترة من الفترات اصبحت الجماهير لا ترى اليمن إلا من خلاله، مما أعطاه صلاحيات مطلقة أخذت البلاد إلى الهاوية التي نعيشها الان.

الجنوب هو الوطن، وهو قضيتنا الأولى والأهم، وعندما ننادى باستعادة دولة كانت قائمة، فهذا لا يعني أن نتنازل عن ابسط الحقوق مقابل استعادتها، وليس من حق أحد وتحت أي مسوغ كان أن يصادر حق من حقوق هذا الشعب.

نحن نريد وطن كامل ومتكامل، لا وطن مشوه ونسخة رديئة من حكم علي صالح، فنحن لسنا قطيع نسلم من طاغية قُتل إلى طاغية آخر.

ابسط حقوق المواطنة هي ان تكون على أسس سليمة، والديمقراطية هي أحد اهم تلك الأسس والقواعد التي يمكن ان يتم بناء دولة قوية وعصية على السقوط، الدول الديمقراطية لا تسقط بسقوط قادتها، والدول القائمة على حكم مستبد ، تنهار فورا وتدخل في دومة من الضياع بمجرد ان يرحل من يحكمها، ومن لديه شك بما أقوله ، فكل ما عليه هو ان يرفع رأسه ويرى ماذا يحدث في المنطقة حولنا.

لو أستمر بناء الجنوب بنفس الطريقة الحالية ، فنحن ولا شك كمن يبنى بيت فوق الرمال، ومسألة إنهياره هي ستكون مسألة وقت وحسب . منذ تم تعيين الجلس الانتقالي، قلت لماذا تم تعيينه ولم يتم انتخابه، فكان الرد، بان البلد تمر بمرحلة خطيرة جدا ولا مكان للديمقراطية ، ثم تم تعيين رؤساء للمجالس الانتقالية في المناطق، ثم تم تعيين كل أعضاء الجمعية الوطنية ، وأخيرا وبقرار من الزبيدي تم تعيين رئيس للجمعية ونائبه بعد ان اعلن صراحة انه يرغب بمصادرة حقنا الديمقراطي وتلاه تصفيق وهتافات باسمه تعني الموافقة على مصادرة هذا الحق، ولأن الجمعية ليست منتخبه فهي تعبر عن نفسها فقط بالتنازل عن الحق الديمقراطي، بينما الشعب سيبقى محتفظا بهذا الحق حتى يراه قائما أمامه.

والان السؤال الأهم، لماذا كل ما طالبنا بالديمقراطية كخطوة أساسية لبناء الوطن، تأتي الأصوات من كل صوب بأن المرحلة لا تحتمل هذا.

يا ترى من هو المستفيد بتصوير الديمقراطية وكأنها وسيلة تؤدي إلى الضعف والتفكك، بينما يعطي إيحاء بان الاستبداد والديكتاتورية هي أفضل ما يمكن ان نقوم به الان حتى نقيم هذا الوطن.

وكيف انتشرت هذه النظرية بين مختلف المستويات الفكرية في الجنوب، واصبح الكثيرون يتغاضون عن هذا الأمر خشية تفكك اللحمة الجنوبية، بينما الواقع يقول بان الديمقراطية هي اقوى ما يمكن ان نواجه به الآخرين، فهي تمنح أولا الشرعية الضرورية كما تعطي انطباع بان الجنوب كله يقف فعلا خلف قيادته والدليل انه هو من أنتخبه، كما ان الديمقراطية ستقول للعالم كله نحن في ارض الجنوب نريد ان نستعيد وطن تعرض للاحتلال ، بينما هذه التعيينات التي يقوم بها الزبيدي لا تعبر إلا عن رأيه هو ، وهو الآخر لم يأتي عن طريق الانتخابات الديمقراطية ، واي جهة كانت تستطيع ان تشكك بشرعيته وبشرعية كل مؤسساته التي لا تملك دليل واحد على انها جاءت بناءً على الرغبة الشعبية في الجنوب.

الديمقراطية هي القوة الفعلية، وهي التي ستجعل الوطن باقي مهما تتالى القادة ، وهي الأنسب في المراحل الحرجة كالتي نمر بها الان عن أي وقت آخر.