ياسر اليافعي يكتب :
بعد الشتات
أستمر شتات الجنوبيين السياسي لسنوات طويلة، وكان هذا الشتات هو الحجة التي دائماً نوجه بها من قبل الآخرين والسؤال الصعب الذي لم نكن نستطيع الإجابة عليه " من يمثل الجنوب وقضيته ؟ " .
مازلت أتذكر عند قدوم المبعوث الدولي السابق جمال بن عمر الى عدن قبل الحرب، دخل عليه عدد كيبر من القيادات الجنوبية وكل قايد معه عدد من المرافقين كل واحد يدعي تمثيله للجنوب ! .
كان منظر محزن ومؤسف للغاية لنا كجنوبيين وكتبت عليه وقتها بصفحتي ..
هذا الوضع كان مريح للأحزاب اليمنية، بل دفعوا بأطراف منهم لاختراق الحراك لزيادة الانقسام وحالة الشتات .
لأن ذلك يعطيهم قوة ويمكنهم من استمرار السيطرة على الجنوب حتى وان كان بأدواتهم الجنوبية .
خرجنا في أكثر من 12 مليونية خلال عامي 2013-2014 وكل مليونية اكبر من التي قبلها، ولكن للأسف نتظاهر ثم كل واحد يعود الى بيته ونفتقد الى الوعاء السياسي الذي يستثمر هذه المليونيات سياسياً .
اليوم وبعد تضحيات جسمية انتهى هذا الشتات السياسي، والمتغيرات ما بعد 2015 أفرزت واقع مختلف تماماً ساهم في ذلك الأحداث الاخيرة التي شهدتها عدن خلال العام المنصرم .
المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته باتت حديث القنوات العالمية ووكالات الأنباء والنخب السياسية في الإقليم والعالم.
اليوم المجلس يتحرك خارجياً بانتظام ووفق برنامج عمل، معد بدقة عالية سواء كان ذلك اللقاءات مع أبناء الجنوب في الخارج أو مع قيادات سياسية عربية وأجنبية .
لم يقتصر الأمر على ذلك بل بات لدى أبناء الجنوب مستشارين ونخب سياسية داعمة للقضية من الإقليم والعالم، وكذلك علاقات سياسية مع دول قوية ومؤثرة جداً في المشهد الإقليمي والدولي .
هذا الأمر جعل قوى الشمال وبعض أتباعهم في الجنوب يشعرون بالخطر المحدق، لذلك حاولوا منذ لحظة الاعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، الى محاولة تهميشه وتقزيمه، من خلال حملات إعلامية ضخمة جندت لها قنوات وصحف ومواقع وصفحات ممولة.
حاولوا تصوير المجلس انه مجرد ردة فعل وستنتهي سريعاً، ثم قالوا مجرد مكون، ثم قالوا تم احتوائه، وعندما فشلوا أعلنوا الحرب عليه، ولكن فشلهم العسكري زاد المجلس قوة وصلابة وأظهر حجم قوته وسيطرته على الأرض .
زاد الاهتمام الدولي بالمجلس الانتقالي الجنوبي، ولفت الانتباه سريعاً هذه المرة، وخلال اقل من عام حقق نجاح فوق المتوقع، واعني بالنجاح السياسي الخارجي فتح نوافذ تواصل مع مختلف الأطراف المؤثرة في المشهد .
وبالتزامن مع ذلك تمكن المجلس من استكمال بناء دوائره وهيئاته المختلفة، وتشكيل جمعيته الوطنية، وقياداته المحلية في المديريات والمحافظات متجاوزاً كل العراقيل التي وضعت في طريقه وكل الحملات الإعلامية التي أرادت إفشاله .
وبالنظر الى الأحزاب اليمنية التي أوصلت البلاد الى ما وصلت أليه، والتي تأمرت على الجنوب وقضيته، نجدها جميعاً في ضعف وانحسار سواء كان ذلك جماعة الحوثي، أو المؤتمر الشعبي العام، أو حزب الإصلاح المحاصر عربياً ودولياً .
اليوم وبعد سنوات من النضال نستطيع ان نقول ان أبناء الجنوب بات لديهم فعل سياسي مؤثر داخلياً وخارجياً، وقوة عسكرية على الأرض، وغطاء شعبي واسع وهي مؤشرات نجاح قوية لتحقيق الأهداف .