ياسر اليافعي يكتب
التضحيات الجنوبية تُباع على مذبح مصلحة الحوثي والشماليين !
الحقيقة أن الجميع يدرك أن بعض الأطراف الإقليمية والدولية ترغب في إبقاء الوضع الخدمي والمعيشي في الجنوب مرتبطًا بالتطورات السياسية في الملف اليمني، وخاصة بمستقبل عملية السلام مع الحوثي.
هذه الأطراف تهتم بمستقبل العلاقة مع الحوثي أكثر من اهتمامها بشعب الجنوب ومستقبله. يجب أن يُرفض هذا الأمر بشكل صريح وواضح، بل يجب التمرد عليه. شعب الجنوب شعب حر قدم تضحيات جليلة وصادقة في كل المعارك التي خاضها، وما يحدث له اليوم هو خيانة.
المؤسف أن هذه الأطراف تستخدم قيادات شمالية لتنفيذ أجنداتها. هذه القيادات لم تحقق أي نصر، ولم تحرر حتى شجرة في الشمال، وكانت السبب في تسليم الحوثي مقدرات الدولة في صنعاء. وليس لديها نية للتخلص من الحوثي، بل تركز فقط على استمرار إخضاع الجنوب للوصاية الشمالية وتحقيق مكاسب مادية وشخصية.
الوضع في الجنوب وصل إلى درجة لا تطاق، حيث بدأ الإنسان يفقد كرامته على أرضه التي حررها بدماء أنبل الرجال. هذا الأمر غير مقبول بأي شكل من الأشكال.
خلال التسع السنوات الماضية، لم يقصر الجنوب مع أحد. وقف إلى جانب التحالف بموقف رجولي في كل من الجنوب والشمال، وحقق انتصارات تباهت بها الشرعية والتحالف. استقبل الجنوب الهاربين من بطش الحوثي في الشمال، وساندهم ومكنهم من الساحل الغربي بعد أن تحرر بتضحيات جنوبية كبرى. استقبل الملايين من النازحين، وقاسمهم لقمة العيش والخدمات التي بالكاد يحصل عليها. سمح لمن قاتله بالأمس وكان عدوًا لقضيته أن يتحكم بمصير البلاد والعباد، وكل ذلك بهدف إرضاء التحالف وبعض القوى المحلية، أملاً في إيجاد مخرج للناس في الشمال والجنوب.
لكن، ورغم كل تلك التنازلات، كان المواطن في الجنوب يُعامل وكأنه مجرد سلم للعبور، على الجميع أن يدوسه لتحقيق أهدافهم. هذا الأمر لم يعد مقبولًا على الإطلاق. الناس قدمت تضحيات منذ عام 2007 حتى اليوم من أجل العيش بكرامة، وليس ليكونوا مجرد سلم لمن قتلهم وأمعن في إهانتهم طوال 30 عامًا.
اليوم، تقع المسؤولية على المجلس الانتقالي الجنوبي، كونه مفوضًا من قبل الشعب وشريكًا في السلطة ولديه أدواتها، لرفض هذه الوصاية وانتزاع حقوق شعب الجنوب. لم يعد هناك المزيد من الخيارات، خاصة وأن الشعب في الجنوب لم يقصر لا مع الانتقالي ولا مع التحالف، ولا حتى مع الشماليين.
وأخيرًا، يجب على الجميع أن يدرك أن الشعب الذي قدم هذه التضحيات وصمد وصبر خلال السنوات العجاف الماضية، سيثور من أجل كرامته ضد كل من خذله ووقف ضد إرادته. وعندها، لن يلومه أحد، ولن يستطيع أحد إيقاف ثورته، فالتاريخ القريب والبعيد شاهد على ذلك.
اللهم إني بلغت...