سعاد علوي تكتب:
حلم الطفولة
ما أن كانت المعلمة تطلب منّا رسم منظر طبيعي على الصفحة البيضاء في دفتر الرسم .. حتى نبدأ برسم ذلك المنزل الريفي ذي المدخنة العالية ..
نخط في مقدمته باباً وعلى جانبيه نافذتان مشرعتان لتبدو من خلفهما ستائر بيضاء منفرجة على جانبيها ...
ويحيط به العشب الأخضر وتقف قريبة منه شجرة كبيرة ذات أغصان وارفة ونهر يجري على ظهره قارب صغير.. ونرسم في في بطن مياهه أسماكاً صغيرة ..
ولا ننسى أن نلون السماء باللون الأزرق ونزرع فيها سحباً بيضاء نرصِّعُها بطيور ذات أجنحة سوداء ..
وفي زاوية الصفحة البيضاء نرسم نصف قرص الشمس وخطوط أشعتها البرتقالية بادية من خلف جبال سوداء ..
وتأخذنا الأحلام بعيداً فتوصلنا إلى ذلك المنزل الريفي وكأنه حقيقياً تحرر من الصفحة البيضاء وتحررنا معه من مقعد الدرس نلهو ونقفز في بهوه وحديقته .
فتارة نتسلق الشجرة العملاقة وتارة نسابق مياه النهر ..
ونطمح أن نبلغ السماء بجناحين كأجنحة الطيور المرسومة علّنا نلمس الشمس بأيدينا الصغيرة ..
فلا نصحو من أحلامنا إلا على صوت جرس إنتهاء حصة الرسم وصوت المعلمة تجمع كراسات الرسم .. بل كراسات الأحلام التي تصاحبها إبتسامات جميلة تعبر عن الرضى بما مُنحت لها من لحظات السعادة مع هذا التعبير ..
أحلام الطفولة لم تكن لها حدود ولا تتحكم بها الضوابط ولا تمتثل للمسلمات ولا يهم إن تحققت ..
المهم أننا كنا نستمتع بكل لحظة من لحظاتها حتى ولو كانت مجرد حلم من الأوهام ..
سعاد علوي
21/3/2018