سعاد علوي تكتب لـ(اليوم الثامن):
اليوم العالمي لمكافحة الإساءة لاستخدام المخدرات
هل حقاً فشلت المنظمة الدولية في مهامها بمكافحة المخدرات في العالم ؟
أتساءل هنا لأنني أطلعت على ما قالته السيدة إريكا جيفارا روساس، كبيرة مديري البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات في منظمة العفو الدولية، في موقع منظمة العفو الدولية الالكتروني وذلك تعقيبًا على نشر تقرير جديد للمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحق في الصحة تدعو فيه الحكومات إلى الابتعاد عن التصدي العقابي المتعلق بالمخدرات، وتستعيض عنه بنهج قائم على الحد من الأضرار وتعزيز حقوق الإنسان، قبل حلول اليوم العالمي لمكافحة المخدرات في 26 يونيو/حزيران.
الجدير بالذكر ان منظمة مكافحة المخدرات UNODC قد اعتمدت لهذا العام شعار (الاستثمار في الوقاية ) وهو الشعار المقترح من الجمعية الأردنية لمكافحة المخدرات للعام 2024
وتعتبر هذه دعوة جريئة وعاجلة للحكومات حول العالم للتخلي نهائيًا عن السياسات التي باءت بالفشل الذريع لما يسمى ’بالحرب على المخدرات‘ على مدار ستة عقود من الزمن ،
حيث تؤكد أن هذا النهج قد ادى إلى انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الانسان وأعمال عنف وسجن جماعي ومعاناة حول العالم واعتبرت السيدة جيفارا أن نهج المكافحة نهج غير مدروس أخفق في مجال الصحة العامة وفي الحد من استخدام المخدرات وامداداتها.
وفي تقريرها الأخير الذي قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 24 يونيو، تستكشف المقررة الخاصة مدى تأثير السياسات العقابية المتعلقة بالمخدرات على الحق في الصحة، مما يؤثر بشكل خاص على المجتمعات والأفراد المهمشين الذين يواجهون أشكالًا متقاطعة الجوانب من التمييز. ويؤكد التقرير بوضوح مرة أخرى أن الحد من الضرر هو عنصر متأصل في الحق في الصحة، ويحث البلدان على الابتعاد عن الاستجابات العقابية المتعلقة بمكافحة المخدرات التي ظهر أنها ضارة وتؤدي إلى نتائج عكسية.
ومن جانب آخر أكدت المنظمة في تقريرها لإعلان شعار اليوم العالمي لمكافحة المخدرات للعام 2024 إن مشكلة المخدرات العالمية تشكل تحديًا متعدد الأوجه يؤثر على حياة الملايين في جميع أنحاء العالم. فمن الأفراد الذين يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات إلى المجتمعات التي تكافح عواقب الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة، فإن تأثير المخدرات بعيد المدى ومعقد. ويتمثل العنصر الأساسي في معالجة هذا التحدي في ضرورة تبني نهج علمي قائم على الأدلة يعطي الأولوية للوقاية والعلاج. لذلك فقد اوردت منظمة مكافحة المخدرات في تقريرها لإعلان شعار العام للاحتفال باليوم العالمي بأن حملة اليوم العالمي للمخدرات هذا العام تدرك أن السياسات الفعالة لمكافحة المخدرات يجب أن تكون متجذرة في العلوم والأبحاث والاحترام الكامل لحقوق الإنسان والتعاطف والفهم العميق للآثار الاجتماعية والاقتصادية والصحية المترتبة على تعاطي المخدرات.
ووجهت دعوة لجميع الدول للعمل معاً على تكثيف الجهود لمكافحة مشكلة المخدرات العالمية، مسترشدين بمبادئ العلم والرحمة والتضامن. ومن خلال العمل الجماعي والالتزام بالحلول القائمة على الأدلة، وخلق عالم يمكن للأفراد أن يعيشوا فيه حياة صحية ومرضية.
وهنا أقرت المنظمة شعار (الاستثمار في الوقاية) فهل هذا الشعار يعني استسلام المنظمة الدولية المكافحة ضد تجار المخدرات والانسحاب من أهم جبهة عالمية ؟ أم أنه تصحيح للأخطاء بالانسحاب مؤقتًا والعودة لترتيب الأوراق ومنح فرصة كبيرة قد لا تتعوض لضحايا تجارة المخدرات العالمية من متعاطين ومدمنين؟
وسؤال مهم : هل ستنهج الدول العربية ذات النهج في الكف عن ملاحقة تجار المخدرات من قبل القوات النظامية لمكافحة المخدرات في الأقطار العربية وتتجه فعلا إلى الاستثمار في الوقاية وتوفير العلاج لمن أصيبوا بمرض الإدمان والاضرابات الناتجة عن تعاطي المخدرات؟ فمن غير المعقول أن تبقى هذه الدول مكتوفة الأيدي أمام الحرب الشرسة والطوفان الذي يحاول غزو مجتمعاتها.
والسؤال الأهم: ماذا عن بلادنا التي هي أساسًا عاجزة في النهجين، نهج المكافحة ونهج الاستثمار في الوقاية وتوفير العلاج ، كبلد توجه ضده حروبًا في كافة الجبهات منها جبهة جرب المخدرات وحرب حرمان من الامكانيات سواء في الدفاع عن نفسه أو في الوقاية والعلاج لشعبه. حيث يعلم الجميع أن أضعف التشكيلات الأمنية والعسكرية هي تشكيلة المكافحة من خطر المخدرات وأفقر مجال صحي ويكاد يكون معدوم هو مجال العلاج من الإدمان واضرابات تعاطي المخدرات مع حرمان المجتمع المدني من أي دعم حكومي او دولي للاستمرار في تنفيذ برامج الوقاية من خطر المخدرات.
فقد ذكر تقرير المنظمة (تمكين المجتمعات: تزويد المجتمعات بالأدوات والموارد اللازمة لتنفيذ مبادرات الوقاية القائمة على الأدلة، وتعزيز القدرة على الصمود ضد تعاطي المخدرات وتعزيز الحلول التي يقودها المجتمع.) فهل فعلا ستصدق في ذلك وتقوم بدعم المؤسسة الناشطة في مجال الوقاية وتعينها على تأسيس مرافق للعلاج فكما يعلم الجميع ان مركز عدن يسعى منذ ما يقارب 12 عاماً بخطى حثيثة وجهود لا تمل لتحقيق هذا الهدف، فهل آن الأوان له أن يتحقق؟
سعاد علوي
رئيس مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات
26 يونيو 2024.