هدى العطاس تكتب لـ(اليوم الثامن):

جاهزية الانتقالي لمفردات العملية السياسية القائمة

جل المبعوث الأممي مارتن غريفيت زيارته لعدن، وقد كان الجنوبيون ممثلين ب"المجلس الانتقالي" ينتظرون زيارته بلهفة، قلما رأيناها عند نظرائهم في المشهد. والذي ذهب بعضهم وهم الحوثيين إلى تصعيد اعتداءاتهم على المملكة العربية السعودية اثناء وجوده وهي طريقتهم التي اتقنوها في ادارة التعاطي السياسي وارسال رسائلهم للمجتمع الدولي.
وعلى رغم انتظار الجنوبيين لهذه الزيارة وايلائهم اهمية كبيرة للمبعوث إلا أن السياق الاجرائي يفصح: بأن المبعوث في جولته التي أنتهت بعودته إلى جنيف، كأنما اراد فقط اللقاء بالاطراف الاساسية في الحرب من وجهة نظر المجتمع الدولي وهم (التحالف، الشرعية، الحوثي)، بينما بقية اطراف المشهد كما يبدو حسب وجهة النظر تلك ليست أكثر من اطراف منضوية ضمن أجندة الاطراف الاساسية وتابعة لما تقرره عنها، ولن يغير كثيرا اللقاء بهم.
كان أمام الجنوبيين الذين اصبحوا ممثلين با(لمجلس الانتقالي) فرصة في اثناء اشتداد المعارك واحتياج اطراف الشرعية والتحالف اليهم الى وجودهم وإلى ما اظهروه من ثبات في القتال وقوة على الارض حينها، كان بإمكانهم التحول إلى طرف اساسي، يشارك في تشكيل المشهد ومساره ويفرض شروطه وحضوره فيه طرفا كاملا كالآخرين، غير إن هذه الفرصة قد أنقضت ولن نقف عند البكاء على (اللبن المسكوب)، الآن أمام الانتقالي فرصة التركيز على الاستخدام السياسي الرشيد لمفردات مما زال يمتلكها من ادوات قوة تدفعه الى قلب السياق القائم اجرائيا كان او سياسيا، وأول هذه المفردات:
-الدعم الشعبي الذي يتوجب الحفاظ عليه وإعادة تصعيد وتيرة حضوره وتزخيمه بعودة المناشط والفعاليات والمسيرات بشكل اسبوعي مزمن ومبرمج .
-الضغط على الشرعية والتحالف سوى من خلال اللقاءات والحوارات او من خلال الضغط الشعبي -المذكور اعلاه- بتحسين الحياة المعيشية للمواطنين وعودة الخدمات، وتثبيت الأمن والأمان ومكافحة الفساد والنهب ومحاسبة الخارجين على القانون في المناطق المحررة.
- تكوين خلية نوعية للتعاطي السياسي تنقسم الى فريقين: خارجي يتولى التواصل مع دول التحالف اولا (با استقلالية) ونضع تحت الاستقلالية الف خط لتأكيدها. وأقناع دولة الأمارات بأن الاستقلالية لاتنفي الولاء والوفاء ولن تتعارض مع الاهداف المشتركة مع دول التحالف. كذلك يتولى القيام بجولات مكوكية للقاء مع صناع القرار في المجتمع الدولي.
وفريق داخلي يتنقل بين محافظات ومدن ومناطق الجنوب يقوم بإعادة اذكاء الحضور السياسي والثوري للقضية الجنوبية وهدفها ومطلبها، وخلق حضور ملامس للمجلس الانتقالي مع المواطنين وتلمس معاناتهم وتبني قضاياهم، كما يعقد التحالفات والاستقطابات للكيانات والوجاهات والشخصيات الجنوبية قبلية كانت أواجتماعية أو سياسية أو شخصيات نوعية ومثقفة.
_ الاستعداد للدخول في مسار العملية السياسية اذا فتحت مجددا، ولكن ليس لمجرد تسجيل حضور أسمي للمجلس ينتهي بحضور شكلي وعددي، إنما من من خلال انجاز جاهزية سياسية يبدأ العمل عليها من الآن ويتم ذلك بقراءة و تفكيك المصفوفة المشهدية والسياسية وخطابها ومفاهيمها، إلى عناصرها الأولية، ومعرفة تفاصيل التفاصيل لما يطرح من سيناريوهات الحلول القادمة، سوى ما يخص شكل الدولة أو نظام الحكم أو توزيع الثروات ..الخ كل ذلك لتكوين رؤية واضحة للحوار والتفاوض القادم ضمن رؤية وهدف القضية الجنوبية.