بكر أحمد يكتب لـ(اليوم الثامن):

لهادي عداوات لا تنتهي مع الشعب

في فترة ما وفي حكم الطاغية الراحل صالح كنت اقسم بأنه لن ترى اليمن والجنوب حاكم اسوء منه فسادا وعداوة للشعب، كنت اراه طاغية تجاوز بطغيانه الممكن والمعقول، وهذه الرؤية لم تكن مبنية إلا على حقائق وأرقام واحصائيات وطنية وأممية، كانت اليمن في عهده  دولة تعيش خارج الزمان والمكان انها حالة لا تختلف كثيرا  عن حكم الأمة البدائي.
 لكن شخص مثل صالح استطاع ان يختطف اليمن اكثر من ثلاثون عاما من عمرها ويغيبها عن كل شيء، لذا كان من الصعب تصور ان يأتي شخص يتجاوز هذا الطغيان والفساد ولو بعد فترة طويلة من حكمه، كان من الصعب ولو في الأحلام تخيل ان يجرؤ شخص ما على السير على خطى صالح الذي ثار الشعب كله ضده دون أن يراعي أي من بداهات الحياة والأخلاق المتعارف عليها، كان هذا فوق ما يمكن احتماله والصبر عليه.
جاء هادي مباشرة بعد صالح، جاء دون ان يعي فعلا خطورة المرحة القادمة سواء كانت مرحلة سلمية والتي كان من المتوقع ان تدخل نفقا مظلما او مرحلة عسكرية كالتي نعيشها الان منذ أربعة سنوات مضت، حالة اللاوعي التي تملكت هادي اثناء هذه الفترة جعلت المأساة على الشعب مضاعفة والمعاناة اشد ، ثمة هوة شاسعة ما بين ما يعيشه هادي وبين ألم ومعاناة المواطن اليمني البسيط، فكل قراراته ومواقفه وتعيناته تصب في مصلحة ثلة حوله  لديهم ماضي سلبي جدا اكتسبوه من عهد صالح، وأستطاع هادي بكل ما يملكه من لا مبالاة ان يعيدهم من جديد إلى سدة الحكم ليعودوا ويتحكموا بمصائر هذا الشعب المغلوب على أمره.
لا يمكن لوم علي محسن مثلا، او تلك القيادات الإصلاحية المتغلغلة في مفاصل الشرعية في المنفى ولا يمكن لوم المقدشي الذي لم يقدم أي شيء حقيقي خلال كل مسيرته العسكرية، أقولا لا يمكن لوم أحد مادام هادي هو الرئيس وهو من يوقع على كل تلك القرارات، ولا يمكن قبول بان هادي لا يملك من أمره شيء وان هناك من يتحكم به، هذا امر لن يجعله اكثر جمالا امام طفل مات بسبب الجوع وأسرة لاجئة في الخيام منذ بداية الحرب وحتى الان، فهادي ولا أحد سواه من يتحمل تبعات كل ما يجري على الصعيد الاقتصادي والإنساني في اليمن.
والسؤال الحقيقي والذي يجب ان يُطرح منذ البداية، هو لماذا يفعل هادي كل هذا رغم كل النتائج الكارثية التي تحدث بسبب قراراته وتعيناته، لماذا لا يفكر جديا بمعالجة هذه الأمور وترك بصمة إيجابية تذكره به الأجيال، ما هو سبب إصراره على إيذاء الشعب بطريقة مؤلمة ومكررة ومستمرة وكأنه يتشفى بشيء ما في داخله، وهل هذا الرجل سليم ومتعافي ذهنيا وعقليا ام ان ما به هي حالة من القساوة المفرطة التي تجعله لا يشعر إطلاقا باي شيء عندما يرى طفلة تحولت الي هيكل عظمي من الجوع وتحدثت عنها كل الصحف العالمية ثم وبعد فترة تعلن وفاتها دون ان يرف له رمش او يقرر ان يعالجها وينقذ حياتها وهو كان القادر على ذلك.
كثيرة هي الأسئلة بعدد كثرة المواجع التي بداخلنا، ولكن لا حياة لضمير هادي، فهو وكما يبدوا لنا سيستمر على منواله في الحكم لأنه يعتقد بان هذه هي الطريقة الوحيدة التي تجعله باقي في الحكم أطول فترة ممكنه، ولم يعد يهمه ان كان يحكم شعبا مكون من الجوعى والفقراء والمشردين، أفضل من حكم شعب متعافي وصحي قد يسبب له هزة في حكمه.
الحرب ليست ضد الحوثي فقط، فهناك حرب يجب ان نعلنها كلنا وهي ضد هادي، فهذا الرجل اقترف من الجرائم ما فاقت جرائم علي صالح على مدى ثلاثون عاما، ولا يمكن تصور ما سيفعله ان استتب له الحكم فعليا، أنه الكارثة الأكثر ضرر التي مست كل اسرة وبيت ومنطقة.