هدى العطاس تكتب لـ(اليوم الثامن):
عندما تكون الدبلوماسية هذرا.. آل جابر نموذجا
تبدو الدبلوماسية السعودية في اسوأ صورها ظهر ذلك واضحا في الاشهر الماضية اثناء ادارتها لملف جريمة خاشقجي الذي ادير بغباء واستهتار منذ لحظة تدبير الجريمة حتى تدويلها، بل ان امر ضعف دبلوماسية المملكة كان حاضرا وجليا في جل الملفات التي تعاطت معها المملكة في السنوات الاخيرة مثل الملف السوري، والليبي، إلى ذلك ما ظهر من فداحة ضعف إدارة العلاقات الاميركية السعودية في عهد الرئيس ترامب التي تحولت بشكل علني الى مجرد شيك مستوف الدفع كلما لوح ترامب بيده مبتزا.
ولم ينقص كل هذا الضعف والهشاشة في الاداء الدبلوماسي للمملكة إلا ان يظهر علينا السفير السعودي محمد ال جابر،
السفير الذي لطالما تمحور دوره كراعي رسمي ومشرف مباشر لاكثر اللجان تخلفا وارتزاقا في التاريخ " اللجنة الخاصة" ورديفا لذلك ومتصلا به منافحا ومدافعا عن حزب الاصلاح ( الاخوان المسلمون) حزب الزنداني القاعدي وجنراله علي محسن الراعي الرسمي للارهاب بالقرائن والشواهد،
ظهر الجابر على على شبكة الانباء الانسانية "إيرين" ليهرطق بحديث خارج الجاهزية!
تصريحات مرتبكة ومتناقضة، وكم اشعر بشديد الارهاق لتجميع التضاد في مجمل حديثه لكثرة ماحمله حديثه من هذه التضادات والتناقضات! لذلك ساتناول بعضها حتى لا اثقل على القارى بفيض ما هرطق السفير المبجل!
فمن تاكيده على ضرورة اعمار المناطق التي خربتها الحرب إلى اعلانه البدء بإعمار المحافظات الآمنة لاسباب انها لم تدخلها الحرب. عجيييب!
ثم توصيفه المرن للحوثي بإعتباره طرف سياسي مقبول واساسي، الى العودة لنعته بالانقلابي وضرورة مواجهته!
ثم التمادي لإرضاء الحوثي والمجتمع الدولي بما اردفه في حديثه شديد الخفة منعدم الحصافة بلغ حد التبجح عن الضغط على الرئيس هادي للقبول بالحوثي اذا وافق الاخير هوى المملكة! نسي السفير انه يتحدث بإستهتار وتقليل عن رئيس دولة أولته مملكته ولو ظاهريا جل الأهمية واعلنت من اجله النفير ، وان كنا نعلم جميعا بانه يستحق هذا الاستهتار وعدم ايلائه وزن وشان وهو من فرط واودع دولته وسيادتها مكانا جوار مستحضرات التجميل على رف (كومودينو) في فنادق الرياض. وإلا لما سكت عن إهانة مجرد سفير له وبلعها صاغرا، بدلا من ان يطلب من المملكة محاسبة السفير وإقالته، غير ان هذا يفعله من هو في موقع غير ماهو عليه هادي من ذل وانعدام كرامة وغياب سيادة لدولة يفترض انه رئيسها!
ولم يتوقف السفير آل جابر عند اهانة المهان اصلا، بل تطاول في عدم كياسته ووزن ما ينطق به لسانه، وتعداه الى الافتئات على الجنوبيين واسقاط خياراتهم، ومصادرة قرارهم والقطع عنهم بما يجب ومالا يجب ان يقرروا، والتلويح المبطن المتجاوز بان لاحق لهم في حل قضيتهم حل عسكري - رغم تمسكنا كجنوبيين بالخيار السلمي والمسار السياسي والحوار- غير ان السفير المبجل وهو يناهض الحل العسكري نسي ان دولته لم تستخدم سواه، اي الحل العسكري من اجل مواجهة مليشيا واحدة، جمعت لها المملكة تحالف كامل، بينما الجنوبيين يواجهون مليشيات بوجوه متعددة وجيوش نظامية وتعنت وقسر وتهميش وعدم التفات اقليمي ودولي وصل حد الوقوف ضد مطلبهم العادل، ثم ياتي من يحدد لهم وسائل نضالهم والدفاع عن حقهم، اي تناقض وقح هذا! يرى في عسكرة الجنوبيين مجاز للدفاع عن المملكة وحماية حدودها، وخوض المعارك والموت بدلا عن أبنائها وجيشها! ولا يتورع ولا يمانع بل يراه ضرورة وحق للتحالف ان يُحمل الجنوبيين السلاح ويحولون إلى مرتزقة تحت الطلب! بينما يمنع ذات الحق للجنوبيين في سبيل الدفاع عن قضيتهم ومطلبهم العادل إذا تطلب الامر!
في الاخير:
يحدد فيلسوف الاجتماع ابن خلدون بناء دوري لحيادة الدول تبدا من مرحلة العصبية مرورا بمرحلة استتاب الحكم ثم الازدهار وهي اوج مرحلة في حياة الدولة ثم مرحلة الدعة والاسترخاء البليد والترهل ومن مظاهرها صعودالاغبياء إلى مفاصل الحكم وتسنمهم هيئاته وتقريب المنافقين والانتهازيين معدومي الكفاءة، يقابله اقصاء ونبذ العلماء وذوي القدرة والمروءة، مما يهيئ الوصول الى المرحلة الاخيرة اضمحلال الدولة وانهيارها.
وفي احد وجوه المقاربات تبدو دبلوماسية المملكة العربية السعودية في اسوا مراحلها، وحيث ان الاداء الدبلوماسي لاي دولة هو وجه تلك الدولة ودال من دلائل قوتها ونهضتها وسؤددها، فاننا لا نتمنى ان يبدو هذا حال المملكة ودبلوماسيتها.